الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تحقيقات وحوارات

حوار| رئيس الهيئة البرلمانية لـ"المصري الديمقراطي": علينا سداد نحو 100 مليار دولار ديون خلال الـ 4 سنوات المقبلة.. وبيع أصول الدولة لا مفر منه

محمود سامي الإمام
محمود سامي الإمام

- حوافز الاستثمار غير كفاية لجذب الاستثمارات الأجنبية

- تأجيل الديون لمدة 3 سنوات سيكون حلا للأزمة الاقتصادية

- إنشاء وحدة موازنة إحدى التوصيات لمواجهة العجز في الموازنة

- إجراءات الحماية الاجتماعية في الظروف الاقتصادية الحالية غير كافية 

- المصري الديمقراطي سيحسم أمر الدفع بمرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة خلال أسبوعين

- لدينا نية للمشاركة في الماراثون الرئاسي وسنتقدم بوثيقة خاصة بذلك للحوار الوطني

قال د. محمود سامي الإمام رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي بمجلس الشيوخ، والمقرر المساعد للجنة أولويات الاستثمارات العامة وسياسة ملكية الدولة بالحوار الوطني، إن الوضع الاقتصادي في مصر صعب والحلول أصبحت محدودة وسياسة بيع الأصول "ضرورة"، معقبا: “مصر عليها التزامات قروض تصل ل 165 مليار دولار”.

أما عن تعديلات قانون الاستثمار، أكد في حواره لـ "الرئيس نيوز" أن الحوافز التي أقرتها الحكومة ووافق عليها البرلمان لن تؤدي إلى تحسين مناخ الاستثمار ولن تجذب الاستثمارات الأجنبية، وهي غير كافية مشيرا أن هناك أزمة ثقة بين الدولة والمستثمرين، بسبب البيروقراطية، وعدم تخفيف الإجراءات.

وفيما يتعلق بموقف الحزب من الانتخابات الرئاسية، أوضح: “لدينا النية للمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة وخلال أسبوعين سيتم الحسم بالدفع بمرشح كالدكتور فريد زهران، أم يتم ترك الأمر لكل عضو لدعم من يري في المرشحين”.. وإلى نص الحوار.

■ ما موقف الحزب من الانتخابات الرئاسية المقبلة؟

بداية نحن نسير في مسار ديمقراطي، يأخذ 7 سنوات حتى الانتخابات الرئاسية في 2030، وستكون الفرص متساوية أمام كل المرشحين، لكن لو استمرينا كما نحن سنخرج من أزمة لندخل في أخري، فيتم حاليًا الإصلاح السياسي بالعفو عن سجناء الرأي، وغيرها من الأمور السياسية، ودون استعجال حتى نصل لدولة ديمقراطية مدنية حديثة، لكن لو تحدثنا عن ضمانات خلال شهرين، فلن يحدث شيء جديد ولكن نتقدم بوثيقة مسار مكتوبة من الحركة المدنية الديمقراطية، للحوار الوطني، خاصة بالانتخابات الرئاسية المقبلة. وأعتقد أنها ستلقي قبول.

■ وهل سيتم الدفع بمرشح من الحزب في انتخابات الرئاسة 2024؟

بالنسبة للموقف النهائي من ترشح د. فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، في الانتخابات فهذا وارد وسيحسم الأمر خلال أسبوعين.

■ وما رأيك في مسألة دمج الأحزاب وتمويلها؟

دمج الأحزاب فكرة جيدة ولكنها اختيارية، فمن الناحية الشكلية لدينا 110 أحزاب هذا يعكس التعددية الحزبية، ولكن نحتاج إلى أحزاب فاعلة من 3 إلى 6 أحزاب، لذلك نحتاج لتسهيل عملية الدمج لأن إجراءاتها معقدة، وبالنسبة للتمويل فإنه مطلوب وأن يكون وفقًا للتمثيل النيابي في البرلمان.

■ وماذا عن سير الحوار الوطني حتى الآن؟

الجانب الإجرائي للحوار الوطني مر بمرحلة بصعود وهبوط في بدايته، ولكن الأمور تسير بشكل جيد الآن، كما أننا في الحركة المدنية قمنا بإعداد كتاب عن الحوار الوطني، وكنت أنا المسئول فيه عن الجزء الاقتصادي الذي يمثل 70 % منه، فالحوار الوطني في أوقات كثيرة أراه جدّيا، وفي أوقات أخرى ليس على المستوى المطلوب منه، ففي البداية فكرة أن يكون هناك 80 متحاورا كان أمرا صعبا، ولا يحقق الهدف منه، وتمت معالجة ذلك فبعد اللجنة العامة يكون هناك أخرى متخصصة تعد التوصيات والمقترحات وإرسالها للأمانة الفنية لرفعها لرئاسة الجمهورية.

■ وما الذي حدث في الشق الاقتصادي بالحوار الوطني؟ 
بلا شك أن معظم الآراء الاقتصادية مكررة، ولكن هناك شبه إجماع في التوصيات الخاصة بعجز الموازنة، وهي إنشاء وحدة للموازنة، حيث هناك 55 هيئة اقتصادية وهناك عدد كبير من الصناديق الخاصة وكلها متفرقة، وإعادة الهيكلة للهيئات الاقتصادية، فوحدة الموازنة تعمل على دمج الهيئات وترحيل 75% للموازنة العامة منها، وتحديد الأولويات، ووزير المالية في أحد المؤتمرات أشار إذا كانت الموازنة تصل لـ 2 تريليون جنيه فهناك 2 تريليون آخرين في الهيئات الاقتصادية، وهذا يحتاج إلى نظرة أوسع، وتوحيد الإدارة المالية.  
الشق الثاني: وهي وثيقة ملكية الدولة، وهي محل مناقشة، والوضع الاقتصادي الحالي يتطلب خروج تلك الوثيقة، ولكن أرى أنها تحتاج إلى أخرى ملحقة، فإذا كانت الوثيقة تعني خروج من بعض القطاعات خلال 3 سنوات، فنحتاج لوثيقة عن دور الدولة في الاقتصاد، ومتى تتدخل الدولة، فدورها التنظيم والرقابة، فمثلا: لو أن الدولة خرجت من قطاع المواد الغذائية وحدث احتكار لسلعة كالقمح أو غيرها هنا الدولة تتدخل وهو ما يحدث بالفعل الآن الدولة تشتري القمح والمواد الغذائية، حتى لا يكون هناك احتكار، إذن الدولة تراقب وتنظم وتتدخل في الوقت المناسب، أيضا هناك قطاعات لم يدخل فيها القطاع الخاص، بداعي أنه استثمار مستهلك للرأس المال، هنا تتدخل الدولة.

■ كم يصل حجم القطاع الخاص في مصر؟

وفقا للإحصائيات الأخيرة يصل لـ 70% ويمثل 60% من حجم الاقتصاد، كما لدينا اقتصاد غير رسمي كبير جدًا.

■ وبشأن تعديلات قانون الاستثمار الأخيرة.. كيف تراها؟

في مجلس الشيوخ وأثناء مناقشة التعديلات الخاصة بقانون الاستثمار كنا 4 أعضاء فقط رفضوا التعديلات لأن الموضوع ليس فقط تقديم حوافز، حيث تم تقديم الحوافز قبل ذلك ولم يتحسن الاستثمار الأجنبي، ولم تأت أي استثمارات جديدة، وتم إرسال القانون الخاص بحوافز قانون الاستثمار لمجلس النواب، وتمت الموافقة عليه وزيادة الحوافز في القانون، ولكنه يظل غير كاف، وستكون هناك توصية في الحوار الوطني بذلك فيما يتعلق بالاستثمار.
تكمن المشكلة الحقيقة في أزمة الثقة، فخلال الـ 7 سنوات قبل 2011 كان هناك تغول واختلاط المال بالسلطة، ومنذ ذلك يتم النظر لرجال الأعمال والقطاع الخاص أنه "حرامي" وهذا أدى إلى انزواء القطاع الخاص، وأصبحت البيروقراطية الشديدة عائقا أيضا أمام الاستثمار، وكثرة الاشتراطات المطلوبة لعمل مشروع من كهرباء لمرافق لغاز وغيرها عملية معقدة، وأصبح نظام الاستثمار معقدا أمام رجال الأعمال، كما أن الدولة أعطت توجيهات لهيئات معينة بتوفير مواردها الذاتية مثل هيئة الرقابة المالية التي حققت أرباح 2 مليار جنيه، ولكن هذا ليس دورها بل دورها تشجيع الاستثمار وتقديم حوافز وتشجيع للمستثمرين، وتأتي الأموال من غرامات وزيادة الرسوم، كما أن هيئة التنمية الصناعية تحقق أرباحا مع أن دورها توفير الأراضي الصناعية بسعر التكلفة ولكن هذا لا يحدث، وبالتالي رفع التكلفة على المستثمرين وكذلك هيئة الاستثمار.
وأزمة الثقة بين المستثمرين والدولة تحتاج إلى إصلاح إداري عبر تخفيف الإجراءات الروتينية لعمل مشروع أو إقامة صناعة، وكذلك تحديد جهة الولاية وتوحيدها بدل تعددها من ضرائب، إلى الدفاع المدني، وغيرها من الإجراءات، لأن هذا عمل نظام معقد للاستثمار، ولذلك حدث تخارجا من الاقتصاد الرسمي للاقتصاد غير الرسمي الذي يزداد حجمه، لدرجة أن هناك صينيين يعملون مشروعات في مصر في القطاع غير الرسمي حتى لا يدفع أي رسوم وبعيدا عن التعقيدات الروتينية.

■ وجهت الدولة بإلغاء إعفاءات الجهات التابعة لها من الرسوم عبر قانون تمت الموافقة عليه بالبرلمان.. فهل هذا يحقق العدالة الضريبية؟

مجلس النواب وافق من حيث المبدأ على القرار وكان التعليق على الاستثناءات لبعض الجهات، لكن قانون إلغاء إعفاءات جهات الدولة من الرسوم في مجمله يحقق العدالة الضريبية والحياد التنافسي، بالإضافة إلى وثيقة ملكية الدولة وكان ذلك أحد شروط صندوق النقد الدولي، فالقانون جيد، وننتظر التطبيق التدريجي، وأعتقد بعد الانتخابات الرئاسية سيكون هناك دفع شديد في هذا الاتجاه.

■ وبالنسبة للأزمة الاقتصادية.. هل ترى أن سياسة الاقتراض ستعالج الأوضاع؟

الاقتراض في حد ذاته ليس جريمة ولا عيبا من أجل تحقيق النمو، وتلجأ إليه الدولة عندما تكون الموارد محدودة لأجل تعظيمها، ولكن ما تم في السنوات الماضية من قروض يسمى الاقتراض غير الكفء، الذي يجعلك تدخل في مصيدة الاقتراض، وغير قادر على السداد فتلجأ إلي الاقتراض لسد قرض قديم، ولكن هذا يحتاج إلى ضرورة الإدارة المالية للقرض وليس شرطا أن يكون للقرض عائد اقتصادي ولكن من الممكن أن يكون عائدا اجتماعيا كالتعليم وبناء المدارس أو أي شيء يتعلق بالعملية التعليمية وهذا يحسن جودة منتج التعليم.

■ ما رأيك في إجراءات الحماية الاجتماعية التي وفرتها الدولة في تلك الأزمة الاقتصادية؟

رغم الجهود التي بذلتها الدولة في مجال الحماية الاجتماعية، وحملت موازنة الدولة أعباء كبيرة، إلا أنها غير كافية في ظل ارتفاع معدلات التضخم، ونحتاج إلى مزيد من الحماية الاجتماعية عن طريق إعادة الأولويات في الموازنة العامة للدولة، فمثلا لو الدولة في مجال الإسكان لديها فائض من الوحدات السكنية، وهناك غير المسكونة فيتم تأجيل بناء وحدات جديدة لحين تسكين ما تم طرحه وبيعه، وبالتالي توفير موارد لتلك الفئات الأولى بالرعاية.

■ تحويلات المصريين في الخارج تعد ثاني أكبر مورد في الموازنة العامة للدولة وقد وصلت في بعض الأوقات لـ 32 مليار دولار.. فلماذا تراجعت؟

بعد 2011 زادت تحويلات المصريين بالخارج بشكل كبير حيث كانت البلد في أزمة، ورأي المصريون بالخارج أن التحويلات هي نوع من الوقوف بجانب البلد في هذا التوقيت وقفزت حتى وصلت إلى 32 مليار دولار ولكن تراجعت في الفترة الأخير لإحساسهم بعد التقدير، وأن مدخراتهم تقل، فبدوأ يحتفظوا بها أفضل من التحويل، المشكلة الثانية هي السوق السوداء ووجود سعرين لسعر الصرف لدرجة أنه انتقلت السوق السوداء من مصر للخارج أيضًا، فإن هناك مستوردين بيوفروا الدولار من الخارج وهذه الأمور كلها تحتاج جهد اقتصادي، محتاج تعويم للجنيه حتي يكون سعر الصرف مقارب لكن المشكلة أنه في التعويم الأول لم يحدث شيء غير زيادة أموال السوق السوداء وهذا تخوف للقدوم على تلك الخطوة، وأنه رغم حدوث تعويم لم تزيد نسبة الاستثمارات أو تحويلات المصريين بالخارج.

■ وختاما.. برأيك كيف يمكن الخروج من الأزمة الاقتصادية؟ 

حلول الأرض محدودة جدا، ومشكلتنا أن القروض تداعت علينا في الأربع سنوات المقبلة، فهناك التزامات تصل لـ 165 مليار دور، وفي الأربع سنوات مطلوب 100 مليار دولار والباقي على مدد طويلة، والقروض كان يتم تدويرها لكن حدثت الأزمة الروسية الأوكرانية ومن قبلها أزمة كورونا، والتضخم الذي زاد بشكل كبير، والدول بدأت تلجأ إلى سياسات تشددية ووصلت الفائدة لـ 5% ورجال الأعمال يلجئون إلى ملاذ آمن كالسندات الأمريكية 
لذا لجأت الدولة مضطرة لبيع الأصول، وسط ضغوط سياسية واقتصادية. ولكن هناك حل ورؤية طرحتها في الحوار الوطني وهي جدولة الديون في ظل الوضع الاقتصادي العالمي المرتبك، فاقترحت أن يتم تأجيل الديون لمدة 3 سنوات ومصر تكون عملت إصلاحا اقتصاديا وسياسيا، فالعالم يقف بجوار أي دولة تتبنى إصلاحا سياسيا واقتصاديا، لذا الرئيس السيسي في إفطار الأسرة المصرية دعا للحوار الوطني، وقال إنه حتى لو متأخر ولكن كان لظروف بناء الدولة وتثبيت أركانها وتحقيق الأمن، وأن مصر في الاتجاه لتكون دولة ديمقراطية مدنية حديثة. وكل الدول التي يتم جدول الديون لها بيكون عندها إصلاح سياسي واقتصادي.