الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
أخبار

نص كلمة وزير الخارجية في الجلسة الافتتاحية لمجلس جامعة الدول العربية

الرئيس نيوز

ألقى وزير الخارجية سامح شكري، كلمة في الجلسة الافتتاحية أمام الدورة 160 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري.

وجاءت نص كلمة وزير الخارجية كالآتي: 

أصحاب السمو والمعالي وزراء خارجية الدول العربية الشقيقة

معالي السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية

يسعدني في ختام أعمال رئاسة جمهورية مصر العربية لأعمال الدورة رقم مئة وتسعة وخمسين 
لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري أن أتقدم إليكم جميعًا بخالص الشكر والتقدير على التعاون المثمر والروح الطيبة البناءة التي سادت بين الدول الأعضاء ورئاسة الدورة والأمانة العامة للجامعة طوال الستة أشهر الماضية، والتي أحسبها بحق فترة مهمة تضاف إلى تاريخ العمل العربي المشترك، إذ حفلت بالتحديات التي استوجبت عملًا دؤوبًا بناءً بيننا جميعا سواء على المستوي الوزاري أو على مستوي السادة المندوبين الدائمين.

لقد تفاعلت جامعة الدول العربية بالكفاءة والسرعة المطلوبين مع الأزمة السودانية التي اندلعت في شهر إبريل الماضي، فتم عقد اجتماع للمندوبين الدائمين بعد 30 ساعة فقط من اندلاع الأزمة يوم 16 أبريل 2023، تلاه اجتماع تحضيري يوم الأول من مايو 2023، أعقبه أعمال الدورة الوزارية غير العادية يوم 7 مايو 2023، والتي صدر عنها قرار إنشاء مجموعة اتصال عربية تختص بالأزمة، ووضعت إطارًا لآلية عمل عربية للتعامل معها على نحو يسمح بتنسيق جهودنا لضمان وحدة وسلامة السودان واستقلاله وبما يحقق أمن شعبه الشقيق، ويردع محاولات التدخل الخارجي في شؤونه.

وقد عقدت مجموعة الاتصال العربية اجتماعها الأول على هامش أعمال مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في جدة لتنسيق جهود التواصل مع الأطراف السودانية والمجتمع الدولي لمعالجة اسباب الأزمة والتوصل الى وقف دائم ومستدام لوقف إطلاق النار.

شهدت الرئاسة المصرية كذلك استئناف الجمهورية العربية السورية الشقيقة المشاركة في أنشطة جامعة الدول العربية، وجاء ذلك وفق قرار عربي جماعي صدر عن جلسة غير عادية دعت إليها مصر يوم 7 مايو 2023 تلك العودة التي تمهد لدور عربي أكثر فاعلية في مساعدة الأشقاء في سوريا على تجاوز أزمتهم الحالية التي استمرت لأكثر من عقد من الزمان، وأدمت قلوبنا جميعًا.

لقد أكدنا في قرار عودة سوريا على ضرورة الحفاظ على سيادتها، ووحدة أراضيها، واستقرارها وسلامتها الإقليمية، وهزيمة الإرهاب، واتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254.

وتتويجا لهذه الجهود، وبدعوة من جمهورية مصر العربية اجتمعت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا، هنا في القاهرة، يوم 15 أغسطس الجاري لمتابعة تنفيذ بيان عمان، وصدر عن هذا الاجتماع بيان القاهرة متضمنًا ما تم التوصل إليه من مخرجات يجري العمل على تنفيذها.

ومما لا شك فيه أن انضمام الجمهورية العربية السورية إلى بياني عمان والقاهرة هو تطور إيجابي وخطوة هامة على صعيد إثبات حسن النوايا وتنفيذ التعهدات وتعزيز التعاون العربي / العربي لحل الأزمة السورية ونتطلع في هذا السياق إلى مواصلة اتخاذ الخطوات التنفيذية للتطبيق الكامل لمخرجات بيان القاهرة، ودعم المجتمع الدولي لها، وبما يتسق مع مصلحة الشعب السوري التي تظل الهدف الرئيسي من تحركاتنا.

هذا، وفي خضم الأحداث المتتالية لمختلف الأزمات، حرص المجلس الوزاري للجامعة على استمرار متابعته الحثيثة وبذل جهوده من أجل التعاطي مع القضية الفلسطينية، قضيتنا المركزية، وما تتعرض له من تحديات غير مسبوقة، فعقدت الجامعة جلسة طارئة غير عادية على المستوى الوزاري في مايو 2023 تم خلالها التأكيد على الثوابت العربية، وعلى رأسها الموقف العربي المتسق مع الشرعية الدولية بأن حل القضية الفلسطينية إنما يستوجب انهاء الاحتلال، وانسحاب إسرائيل إلى خطوط الرابع من يونيو 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للعيش والنماء وعاصمتها القدس الشرقية.

كما عقدت الجامعة اجتماعات طارئة على مستوى المندوبين وأصدرت بيانات تدين بأشد العبارات انتهاكات المسجد الأقصى يوم 5 أبريل 2023، ووأحداث جنين يوم 4 يوليو ٢٠٢٣، وتحذر من أن اللجوء للعنف، وإراقة دماء الفلسطينيين لن تفضي إلا إلى المزيد من تأجيج العنف، والمزيد من التوتر في المنطقة بأكملها. وحذرت الجامعة العربية، ولا تزال من أن المساس بالوضع التاريخي والقانوني القائم في الأماكن المقدسة في القدس هو أمر مرفوض جملة وتفصيلًا.

وأكدنا، ولا نزال أن المساس بالمسجد الأقصى، بمساحته الكاملة، ومحاولة تقسيمه زمانيًا أو مكانيًا هو أمر مرفوض جملة وتفصيلًا، فهو كان وسيظل مكان عبادة مخصص للمسلمين، كما جددت الجامعة العربية تمسكها بمبادرة السلام العربية ومحدداتها كأساس لمساعي إيجاد حل عادل ومستدام، وحجر الزاوية من أجل التوصل للسلام والتعايش في الشرق الأوسط.

أصحاب المعالي والسادة الحضور، لقد تبنى مجلسكم الموقر على المستوى الوزاري خلال الدورة الماضية قرارات هامة لها دلالتها منها جعل البند المتعلق بقرار السد الاثيوبي بندًا دائمًا على جدول أعمال وقرارات الاجتماعات الوزارية والقمم العربية القادمة، وهو ما يعكس استقرارًا ورسوخًا في الدعم العربي للمصالح المائية لمصر والسودان، وعلى النحو الذي يحقق مصالح مختلف الشعوب، ويعالج ما يحمله الوضع الراهن من مخاطر وتهديدات جسيمة لا يمكن القبول باستمرارها.

وأود الإشارة إلى البيان الصادر عن قيادتي مصر وإثيوبيا في 13 يوليو والذي تضمن الاتفاق على إعادة إطلاق المفاوضات للانتهاء بشكل عاجل وفى ظرف أربعة أشهر من الاتفاق على قواعد 28 - 27 يومي ملء وتشغيل السد في هذا الإطار استضافت القاهرة جولة مفاوضات ثلاثية في أغسطس، تبين خلالها عدم وجود تغير في المواقف الإثيوبية، وعدم وجود توجه للأخذ بأي من الحلول الوسط المطروحة التي تلبي مصالح الدول الثلاث.

كما نرصد على التوازي عدم تغير التوجه الإثيوبي الأحادي اتصالًا بملء وتشغيل سد النهضة. ومع استمرار المساعي المصرية الحثيثة للتوصل لحل سلمي لهذا الأمر الذي يمس حقوقها ومصالحها المائية وأمنها القومي، فإننا نتطلع إلى استمرار دعم الجامعة العربية لحث إثيوبيا للتخلي عن توجهاتها الأحادية والتحلي بالإرادة السياسية اللازمة للتوصل بلا إبطاء لاتفاق قانوني ملزم في هذا الشأن بما يلبي مصالح الجميع.

كذلك تبنى مجلسكم الموقر خلال الدورة السابقة عددًا من القرارات التي خاطبت الشواغل العربية في ملفات شديدة الحيوية، كالملف الليبي الذي شهد قراره إعادة التأكيد على تطلعنا لإصدار القوانين الانتخابية من أجل عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت، ودعم جهود لجنة 5+5 العسكرية المشتركة، وخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، وتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية تحت سلطة تنفيذية واحدة قادرة على حكم سائر البلاد وتمثيل جموع الشعب الليبي، وإنجاز المصالحة الوطنية، والحفاظ على مقدرات الشعب الليبي الشقيق.

وكذلك أصدر المجلس القرارات الخاصة باليمن، وتلك المعنية بالتدخلات الخارجية في الشئون العربية، ومواجهة الإرهاب، كما تضمنت الإشادة برئاسة واستضافة مصر لمؤتمر المناخ COP27‏ وإقرارا بمخرجاته، وترحيبًا برئاسة الاشقاء في الإمارات العربية للدورة الثامنة والعشرين منه، وغيرها من قرارات تناولت مختلف المجالات الحيوية العربية، وأولوياتها الراهنة، وحددت بوضوح الموقف العربي الجماعي منها.

لقد أظهرت الجامعة في الفترة الماضية قدرتها على الاستجابة السريعة والفاعلة للمستجدات، والانخراط بإرادة ومبادرة واضحة في معالجة الأزمات، وإننا وإذ نقوم اليوم بتسليم الرئاسة إلى مملكة المغرب الشقيقة، فإننا نثق في قدرتها على الاستمرار في قيادة سفينة العمل العربية والإبحار بثبات وثقة وسط هذه التحديات واستكمال المسارات المشار اليها، في سبيل تعزيز القدرات العربية المشتركة، وتوحيد الرؤى وأخذ زمام المبادرة في معالجة ما يواجه عالمنا العربي من تحديات واستحقاقات.

أشكركم مرة ثانية أصحاب المعالي وأتقدم بالتهنئة لأخي ناصر بوريطة، وزير خارجية المملكة المغربية علي ترؤس أعمال الدورة 160 لمجلس الجامعة على المستوي الوزاري".