عدم الاستقرار في وسط وغرب إفريقيا بعد انقلاب الجابون يشكل مصدر قلق للمنطقة العربية
رجح تحليل لصحيفة آراب ويكلي اللندنية أن عدم الاستقرار في وسط وغرب أفريقيا بعد انقلاب الجابون يشكل مصدر قلق للمنطقة العربية، ومن المرجح أن تؤدي احتمالات المزيد من عدم الاستقرار جنوب الصحراء إلى إثارة المزيد من المخاوف بشأن الأمن والهجرة غير الشرعية في المنطقة العربية.
ولفت التحليل إلى مقطع الفيديو لمؤيدي الانقلاب وهم يهتفون لضباط الشرطة في ليبرفيل، في الجابون،
وتنظر بلدان المغرب العربي وأجزاء أخرى من العالم العربي بقلق إلى عدم الاستقرار السياسي في غرب ووسط أفريقيا، ومؤخرًا في الجابون ويأتي الاستيلاء الأخير على السلطة هناك، بعد أربعة انقلابات عسكرية سابقة في غرب أفريقيا خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث استولى الجيش على السلطة في مالي وبوركينا فاسو وغينيا والنيجر.
وكانت الأسباب التي أدت إلى انقلاب الجابون، والتي تضمنت الاستياء من الفساد والفقر في الدولة الغنية بالنفط، مختلفة عن تلك الموجودة في دول الساحل إلى الشمال، حيث أدى انعدام الأمن الناجم عن المتطرفين الإسلاميين إلى التأثير بشكل كبير على الرأي العام ضد الحكام المنتخبين.
وأكدت الانقلابات الأخيرة في منطقة الساحل على فشل الغرب في مساعدة دول المنطقة في التعامل مع تهديد الجماعات التكفيرية وهذا الفشل، الذي كان بمثابة حافز لعمليات الاستيلاء، لا يؤدي إلا إلى زيادة مخاوف بلدان المغرب العربي بشأن انتشار التطرف عبر الحدود.
وتخشى دول شمال إفريقيا أيضًا أن يؤدي عدم الاستقرار إلى تفاقم مخاوفها بشأن موجات الهجرة غير الشرعية عبر الصحراء، خاصة إذا كان هناك تدخل إقليمي مدعوم من فرنسا في النيجر وكررت إيطاليا هذه المخاوف يوم الخميس.
حذر وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في إسبانيا من أن الحل العسكري للانقلاب سيكون “كارثة” قد تؤدي إلى أزمة هجرة جديدة.
وأثار احتمال التدخل العسكري الحذر في الجزائر، التي سارعت إلى اقتراح حل وسط يهدف إلى تجنب الآثار السلبية للتحرك العسكري من قبل مجموعة الإيكواس للدول الأفريقية في النيجر.
ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تحظى المقترحات المقدمة من الجزائر بالقبول وفقا للخبراء ويستشهد الجزائريون بالفوضى في ليبيا التي أعقبت تحرك الناتو في عام 2011 ضد معمر القذافي كمبرر لمعارضتهم للتدخل الخارجي في النيجر وينظر الفرنسيون إلى حجة الجزائر على أنها مظهر من مظاهر علاقتهم المعقدة مع الجزائر.
لا تتطرق باريس كثيرًا إلى الدور الذي لعبه الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي في عام 2011 في إطلاق حملة الناتو التي أطاحت بالقذافي وقتلته، لكنها تسببت في النهاية في إحداث دمار في مالي ومنطقة الساحل بسبب عدم وجود أي استراتيجية خروج مناسبة.
ولا يزال من الصعب تأمين الحدود الجنوبية التي يسهل اختراقها لليبيا. وشن الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، مؤخرا ضربات جوية ضد "جماعات مسلحة أجنبية" بالقرب من الحدود مع تشاد.
وقال الرئيس محمد إدريس ديبي إن الجيش يقاتل مرة أخرى جبهة التغيير والوفاق التشادية المتمركزة في ليبيا والتي انسحبت من وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي وسط اشتباكات مع القوات الحكومية.
وأدى الاجتماع إلى تفاقم المخاوف في الغرب من تعديات روسيا على القارة بينما كانت تحقق مكاسب واضحة من خلال انقلابات غرب أفريقيا وفي الأثناء، تلوح في الأفق آثار ضخمة على مستقبل النفوذ الفرنسي في أفريقيا.
وتحتفظ باريس، التي تنشر نحو 400 جندي في الجابون ونحو 1500 جندي في النيجر، بعلاقات اقتصادية واسعة النطاق مع دول المنطقة.
وفي مالي وبوركينو فاسو ومؤخرا في النيجر في منطقة الساحل، اتخذت الحكومات العسكرية الجديدة مواقف معادية بشكل علني تجاه فرنسا، مستغلة الاستياء الذي يشعر به العديد من السكان المحليين ضد القوة الاستعمارية السابقة.
وقال جان هيرفيه جيزيكيل، الخبير في شؤون المنطقة في مجموعة الأزمات الدولية، لوكالة فرانس برس، إن “فرنسا الرسمية وجيشها وممثليها الدبلوماسيين، يتم طردهم فعليا من دول الساحل”.
وأضاف جيزيكيل: "لن تستفيد فرنسا من الاستمرار في إنكار نقطة التحول التي نشهدها في منطقة الساحل وربما على نطاق أوسع في غرب إفريقيا".
وأدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الانقلابات الأخيرة في حين أعرب عن أسفه لما أسماه “سياسة الاستياء، التي تغذيها مناهضة الاستعمار المعاد اختراعها أو تخيلها”.
وبالنسبة للخبراء الأفارقة، بما في ذلك البعض في المغرب العربي، فإن الحماس الشعبي الحالي واسع النطاق وتجدر مراقبة تطورات الأمور عن كثب لتحديد الاتجاهات المستقبلية بالمنطقة وتداعياتها على المنطقة العربية.