الصين تواجه معركة خاسرة لإقناع الصناديق العالمية بالاستثمار في أسهمها
تواجه الهيئات التنظيمية في الصين معركة خاسرة لإقناع الصناديق العالمية بالاستثمار في أسهم العملاق الآسيوي، بدون أن تكون جهود تعزيز السوق مصحوبة بحوافز أقوى لدعم النمو.
اتخذ المسؤولون سلسلة إجراءات في الأيام القليلة الماضية لتحسين المعنويات المتدهورة في ثاني أكبر سوق للأوراق المالية في العالم. فقد حثوا المؤسسات المالية على اقتناص الأسهم، وشجعوا الشركات على تعزيز عمليات إعادة الشراء، وطلبوا من صناديق الاستثمار المشتركة التوقف عن البيع. لكن كل ذلك كان بلا جدوى، فقد تراجع المؤشر "إم إس سي آي تشاينا" 1.3% عند إغلاق الأسواق المحلية أمس الجمعة.
قالت كارين هيرن، الشريكة في "إيست كابيتال أسيت مانجمنت" (East Capital Asset Management): "يشعر المستثمرون بخيبة أمل بسبب عدم وجود إجراءات ملموسة لتعزيز الاقتصاد. قد تستمر السوق في الاتجاه النزولي بدون اتخاذ الحكومة إجراءات أقوى ومع استمرار التوتر السياسية بين الصين والغرب".
هوى المؤشر "إم إس سي آي تشاينا" 11% هذا الشهر، مسجلًا أسوأ أداء له منذ أكتوبر مما يضعه في "المنطقة الحمراء" (على مسار التراجع) للعام الثالث على التوالي.
قادت "كانتري غاردنز هولدينغز"، أكبر شركة تطوير عقاري في الصين سابقًا، الخسائر في أغسطس مع انخفاض بأسهمها 49% وسط مخاوف من تخلف الشركة عن سداد ديونها بالدولار.
في غضون ذلك، تخارجت صناديق عالمية من سوق البر الرئيسي، حيث سحبت نحو 11 مليار دولار موجة استمرت في 13 يومًا حتى يوم الأربعاء.
كما أصبح محللو وول ستريت أكثر تشاؤمًا حيالها، إذ خفض "مورغان ستانلي" و"غولدمان ساكس" أهدافهما بشأن الأسهم الصينية في الأسبوع الماضي، بعد توقعاتهما الإيجابية لها في بداية العام.
يتوقع "مورغان ستانلي" و"وجيه بي مورغان تشيس" و"باركليز" حاليًا ألا تحقق الصين هدف النمو الذي حددته الحكومة بنحو 5% لعام 2023- وهي رؤية بعيدة كل البعد عن توقعاتها هذا الربيع، عندما كانت تنظر إلى هذا الهدف على نطاق واسع على أنه شديد التحفظ.
قال ديف بيريت، الرئيس المشارك للاستثمار الآسيوي في "إم آند جي إنفستمنتس"(M&G Investments): "يشعر الناس بالقلق من عدم وجود استجابة سياسية. إنهم لا يتوقعون أن يتحسن الاقتصاد كثيرًا خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة ويشعر الناس بالقلق من العدوى نتيجة لذلك".
يأتي التراجع الأخير في الأسهم بعد أداء السوق المخيب للآمال على مدى سنوات عدة. أدى هذا إلى اتساع الفجوة بين الأسواق المالية في الصين والولايات المتحدة إلى مستويات شبه تاريخية.
تقترب الأسهم والعملة الصينية من أضعف مستوياتها مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة منذ 2007 على الأقل. وكان الهروب إلى الأمان والسياسة النقدية الأيسر سببًا في تعزيز المكاسب في سندات الحكومة الصينية، مما زاد خصم العائد على الديون لأجل عامين في مقابل سندات الخزانة الأميركية إلى أعلى مستوياته منذ 2006.
قال شيادونغ باو، مدير الصناديق في "إدموند دي روتشيلد أسيت مانجمنت" ( Edmond de Rothschild Asset Management) في باريس، إن البيانات "تؤدي جميعها إلى قناعة أضعف لدى المستثمرين الدوليين لتبرير المخاطر التي يتحملونها من حيازة الأسهم الصينية مقابل الأصول في أماكن أخرى ذات مكافأة مخاطرة أفضل يمكن تصورها".
لا يزال المسؤولون يأملون في إقناع المستثمرين الأجانب. فقد ذكرت "بلومبرغ نيوز" أمس الجمعة أن هيئة تنظيم الأوراق المالية تخطط لعقد اجتماع مع بعض من أكبر مديري الأصول في العالم في هونغ كونغ بما في ذلك شركة "فيديليتي إنترناشيونال" (Fidelity International) و"غولدمان ساكس".
قال ماثيو بوتربا، كبير المحللين في "ريتشارد بيرنشتاين أدفيزورز" (Richard Bernstein Advisors) إن مديري الصناديق العالمية لا يبحثون سوى عن دليل على تحسن الاقتصاد.
أضاف: "المستثمرون الأجانب متشائمون بشكل لا يصدق إزاء الأسهم الصينية في الوقت الحالي. لا يزال العديد من المديرين لا يستثمرون في الأسهم الصينية وسيحتاجون إلى رؤية المزيد من العلامات الملموسة على التعافي الدائم قبل العودة مرة أخرى".