عملة بريكس.. مجرد طموحات أم فكرة قابلة للتطبيق؟
دعا الرئيس البرازيلي، أمس الأربعاء، دول كتلة بريكس إلى إنشاء عملة مشتركة لتستخدم لأغراض التجارة والاستثمار فيما بينها، كوسيلة للحد من تعرضها لتقلبات أسعار صرف الدولار الأمريكي.
ووفقًا لصحيفة "سيلك رود بريفنج" الصينية، قدّم لويز إيناسيو لولا دا سيلفا هذا الاقتراح أثناء كلمته أمام قمة بريكس التي استضافتها العاصمة الجنوب أفريقية جوهانسبرج.
وأشار مسؤولون وخبراء اقتصاديون إلى الصعوبات التي يواجهها مثل هذا المشروع الطموح، نظرًا لتعدد الفوارق الاقتصادية والسياسية والجغرافية بين البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.
لماذا يريد لولا دا سيلفا عملة البريكس؟
لا يعتقد رئيس البرازيل أن الدول التي لا تستخدم الدولار يجب أن تضطر إلى التداول بالعملة الأمريكية، كما دعا دا سيلفا إلى عملة مشتركة أثناء كلمته أمام كتلة ميركوسور لدول أمريكا الجنوبية وقال في الجلسة العامة الافتتاحية للقمة إن عملة بريكس "تزيد من خيارات الدفع وتقلل من نقاط الضعف لدينا".
ما هو رأي قادة البريكس الآخرين؟
من جانبهم، قال مسؤولون من جنوب أفريقيا إن عملة بريكس ليست على جدول أعمال القمة وفي يوليو الماضي، قال وزير الخارجية الهندي: "لا توجد لدينا فكرة عن عملة بريكس".
وقال وزير خارجيتها قبل مغادرته لحضور القمة إنه سيتم مناقشة تعزيز التجارة بالعملات الوطنية.
وأشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في كلمته، إلى أن الاجتماع، الذي حضره عبر الفيديو، سيناقش تحويل التجارة بين الدول الأعضاء بعيدا عن الدولار إلى العملات الوطنية لبلدان بريكس ولم تعلق الصين على فكرة العملة الموخدة، وتحدث الرئيس شي جين بينج في القمة حول تعزيز "إصلاح النظام المالي والنقدي الدولي".
ما هي التحديات التي تواجه إنشاء عملة البريكس؟
قال محافظ البنك المركزي في جنوب أفريقيا، ليسيتيا كجانياجو، لمحطة إذاعية في يوليو، إن تدشين عملة بريكس الموحدة سيكون "مشروعا سياسيا" وأضاف كجانياجو: "إذا كنت تريد ذلك، فسيتعين عليك الحصول على اتحاد مصرفي، وسيتعين عليك الحصول على اتحاد مالي، وسيتعين عليك تحقيق تقارب الاقتصاد الكلي".
وأضاف "الأهم من ذلك أننا بحاجة إلى آلية تأديبية للدول التي لا تلتزم بالقواعد بالإضافة إلى أن مثل هذه العملة المشتركة ستحتاج إلى بنك مركزي مشترك، فأين سيكون مقره؟".
وكتب هربرت بوينيش، زميل جامعة تشجيانج، في مدونة لمؤسسة أومفيف البحثية أن الاختلالات التجارية تمثل مشكلة وتحديًا أمام العملة المشتركة أيضًا، مضيفًا: "جميع الدول الأعضاء في بريكس تعتبر الصين شريكها التجاري الرئيسي ولديها القليل من التجارة مع بعضها البعض".
هل يعد الدولار الأمريكي في ورطة؟
قال زعماء بريكس إنهم يريدون استخدام عملاتهم الوطنية بشكل أكبر بدلًا من الدولار، الذي تعزز بشكل حاد العام الماضي مع رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة وغزو روسيا لأوكرانيا، مما جعل الديون الدولارية والعديد من الواردات أكثر تكلفة كما أدى استبعاد روسيا من الأنظمة المالية العالمية بسبب العقوبات العام الماضي، وإخراجها من منظومة سويفت، إلى إثارة التكهنات بأن الحلفاء غير الغربيين سيتحولون عن الدولار.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام قمة جوهانسبرج: "إن الإجراءات الموضوعية التي لا رجعة فيها لإلغاء الاعتماد على الدولار في علاقاتنا الاقتصادية تكتسب زخمًا قويًا" وبالفعل انخفضت حصة الدولار في احتياطيات العملات الأجنبية الرسمية إلى أدنى مستوى لها منذ 20 عامًا عند 58% في الربع الأخير من عام 2022، و47% عند تعديلها حسب تغيرات أسعار الصرف، وفقًا لبيانات صندوق النقد الدولي.
ومع ذلك، لا يزال الدولار يهيمن على التجارة العالمية. وهو على جانب واحد مما يقرب من 90٪ من معاملات الفوركس العالمية، وفقا لبيانات بنك التسويات الدولية، ويبدو أن التخلص من الدولار سيتطلب من عدد لا يحصى من المصدرين والمستوردين، فضلا عن المقترضين والمقرضين ومتداولي السلع والعملات والأسهم في جميع أنحاء العالم، أن يقرروا بشكل مستقل استخدام عملات أخرى.