الجارديان: أهداف بايدن الثلاثية في الشرق الأوسط "أوهام وفقدان الشعور بالزمن"
انتقدت صحيفة الجارديان البريطانية مساعي الرئيس الأمريكي باتجاه صفقة تطبيع سعودية ـ إسرائيلية، وإحداث انفراجة في أزمة فلسطين، واستحداث تفاهم أمريكي جديد مع إيران، وجاءت الانتقادات التي وجهتها الصحيفة لإدارة بايدن وأهدافها الثلاثية المذكورة على أساس اعتقاد سائد بأن "القرن الأمريكي" قد ولى منذ زمن طويل، وبعض ما يصبو الرئيس الأمريكي إلى تحقيقه لا يعكس سوى أوهام وانفصال عن الواقع.
واعتبرت الصحيفة مساعي بايدن أمرًا غريبًا، ولا تقل عنه غرابة تلك الطريقة التي يبدو أن نفوذ أمريكا عبر الشرق الأوسط يتتبع بها التراجع السابق للإمبراطورية البريطانية من نفس المنطقة ويبدو الأمر كما لو أن دول المنطقة، بعد أن تخلت عن إمبراطورية متغطرسة، ترفض الآن الانصياع لدولة أخرى لا تقل غطرسة.
وببطء ولكن بثبات، تؤكد الأنظمة الحاكمة والزعماء في الدول العربية وغيرها من دول الشرق الأوسط على استقلالهم وحريتهم في العمل واتخاذ قراراتهم بدون مشورة أمريكا، بل ويؤكد المراقبون أن قادة دول الشرق الأوسط باتوا يغازلون حلفاء جدد وهذا يعكس بدوره تحولًا جوهريًا نحو عالم متعدد الأقطاب، حيث لم تعد تهيمن القوى العظمى الفردية، ولم تعد أمريكا رقمًا إجباريًا، فهناكم الصين وروسيا وغيرهما الكثير.
ومنذ تولى منصبه في عام 2021، ابتعد الرئيس الأمريكي جو بايدن عن الأزمات المستمرة في الضفة الغربية ولبنان والعراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان وكان تعهده الكبير الوحيد في الشرق الأوسط - بإنقاذ الاتفاقية النووية الإيرانية التي حطمها دونالد ترامب - لم يتم الوفاء به وفي عام 1956، أدت محاولة غزو مصر إلى تقويض بريطانيا كقوة إقليمية مهيمنة، فهل أمريكا تقترب من نقطة تغرب عندها شمسها كما غربت شمس بريطانيا؟ وبالنظر إلى إيمانه مدى الحياة بالتفوق الأمريكي، فإن إجابة بايدن هي لا، وبدلًا من ذلك، أطلق متأخرًا حملة طموحة لإعادة تأسيس القيادة الإقليمية للولايات المتحدة.
وأضافت الصحيفة: "يبدو أن الحسابات السياسية تلعب دورًا أيضًا، وفي مواجهة إعادة انتخابه العام المقبل، يأمل بايدن في تسجيل ثلاثية غير محتملة والجائزة هي المكافئ الدبلوماسي للتاج الثلاثي: "تفاهم" عمل أمريكي مع إيران، واتفاق سلام تاريخي بين السعودية وإسرائيل، وانفراجة على صعيد الدولة الفلسطينية".
حققت المحادثات في قطر بشأن إطلاق سراح الأمريكيين المسجونين مقابل إلغاء تجميد أصول إيرانية بقيمة 6 مليارات دولار تقدمًا كبيرًا هذا الشهر وناقش الجانبان أيضًا إنهاء مبيعات الطائرات العسكرية الإيرانية بدون طيار لروسيا ويرجح أن الهدف النهائي هو إبرام اتفاق ثنائي غير رسمي يوقف برامج طهران النووية المتعلقة بالأسلحة مقابل الرفع الكامل للعقوبات الأمريكية - وهو أكثر ما يتوق إليه النظام الإيراني المتعثر اقتصاديًا، وستستمر المحادثات.
الجزء الثاني المرتبط من هذا التحول في الشرق الأوسط يتعلق بالسعوديين، عدو إيران القديم وقد ساور القلق الولايات المتحدة بسبب الوساطة الصينية بين طهران والرياض والتعاون السعودي مع موسكو ويريد بايدن استمالة الأمير محمد بن سلمان، إلى جانبه - وتأمين تطبيع للعلاقات مع إسرائيل على غرار اتفاقات إبراهام.
ولهذه الغاية، يقال إنه يعلق اتفاقية أمنية ودعم الولايات المتحدة لبرنامج طاقة نووية مدني سعودي يمكن أن يضاهي برنامج إيران، على الرغم من مخاوف الانتشار الواضحة ومثل هذا التفكير يدق ناقوس الخطر في إسرائيل ومن الممكن أن يشمل التطبيع السعودي الإسرائيلي الذي يسعى إليه جو بايدن ضمانات دفاعية أمريكية وأسلحة متطورة لكليهما وستكون له فائدة إضافية، بالنسبة له، تتمثل في تهميش الصين.