سيناريو التدخل العسكري يعود بقوة في النيجر وفرنسا وأمريكا على خط المواجهة
عادت الأجواء للتوتر مجددًا بشأن النيجر، الذي يسيطر فيها المجلس العسكري على الحكم، إذ يبدو أن مجموعة إيكواس أعادة سيناريو التدخل العسكري على الطاولة كحل أساسي للأزمة، ىعدما تراجعت عنه هلال الفترة الماضية، بسبب الأوضاع المعيشية في البلاد.
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قال الجمعة، إن المجلس العسكري في النيجر رفض الإفراج عن أفراد عائلة الرئيس المحتجز كـ"دليل على حسن النية"، في حين يجتمع قادة جيوش دول مجموعة غرب إفريقيا "إيكواس" خلال أيام لـ"وضع خطط تدخل عسكري محتمل"، بينما قالت ابنة الرئيس المحتجز زازيا، إن قادة الانقلاب يضغطون عليه لتوقيع خطاب استقالة.
وعبّر بلينكن، خلال اتصال هاتفي مع رئيس النيجر السابق محمدو إيسوفو، عن "قلق واشنطن البالغ" إزاء استمرار احتجاز الرئيس محمد بازوم وعائلته، وأكد "التزام الولايات المتحدة المستمر بالعمل من أجل التوصل إلى حل سلمي يضمن للنيجر أن تظل شريكًا قويًا في الأمن والتنمية في المنطقة".
وأعرب وزير الخارجية الأميركي عن "استيائه" من "رفض" المجلس العسكري في النيجر "الإفراج عن عائلة بازوم كدليل على حسن النية".
وقال مسؤول بالحكومة النيجيرية، الجمعة، إن قادة أركان جيوش غرب إفريقيا سيجتمعون في غانا، اليوم السبت، لـ"وضع خطط تدخل عسكري محتمل في النيجر"، بحسب "رويترز". إلا أن المتحدث باسم "إيكواس" أعلن أن الاجتماع سيعقد الأسبوع المقبل.
يأتي ذلك بعدما أمرت "إيكواس"، بتفعيل قوة احتياط، تحسبًا لتدخل عسكري محتمل في النيجر. كما أعلن الاتحاد الإفريقي، الجمعة، تأييد قراراتها بشأن النيجر التي تشهد سابع انقلاب في منطقة غرب ووسط إفريقيا خلال 3 سنوات.
ولم يرد قادة الانقلاب بعد على قرار "إيكواس"، لكنهم رفضوا دعوات متكررة من المجتمع الدولي للحوار، وعينوا حكومة جديدة قبل ساعات من قمة "إيكواس"، الخميس الماضي.
وأيدت حركة سياسية محلية معارضة للانقلاب، التدخل العسكري المحتمل لـ"إيكواس"، وعرضت مساعدتها، الجمعة.
وقالت فرنسا إنها تؤيد تمامًا كل نتائج قمة "إيكواس"، لكنها لم تحدد أي دعم ملموس يمكن أن تقدمه لأي تدخل محتمل.
وتثير المهمة المقترحة، مخاوف من تفاقم الصراع في منطقة ذات أهمية استراتيجية فقدت فيها القوى الغربية هيمنتها خلال موجة الانقلابات، بينما يتزايد النفوذ الروسي على ما يبدو.
وبحسب “الشرق” لم يتضح بعد حجم القوة المحتمل، ولا الفترة التي يمكن أن يستغرقها حشدها، ولا ما إذا كانت ستتدخل بالفعل.
و كوت ديفوار هي الدولة الوحيدة حتى الآن التي حددت عدد القوات التي سترسلها. ووعد رئيسها، الحسن واتارا، الخميس الماضي، بأن تشارك بلاده في القوة الاحتياطية بكتيبة قوامها 850 جنديًا.
وتعهدت بنين وسيراليون، الجمعة، بإرسال قوات لكن دون تحديد عددها. وقالت السنغال، الأسبوع الماضي، إنها ستساهم بقوات إذا تم التوافق على تدخل عسكري.
وامتنعت معظم دول "إيكواس" الأخرى عن التعليق حتى الآن، بما في ذلك نيجيريا ذات الثقل الإقليمي.
وأبلغت جامبيا وليبيريا "رويترز"، الجمعة، بأنهما لم يتخذا بعد قرارًا بإرسال قوات. وقالت الحكومتان العسكريتان في مالي وبوركينا فاسو المجاورتين، وهما عضوان في "إيكواس"، إنهما ستدافعان عن المجلس العسكري في النيجر.
وقالت "إيكواس" إنها لا تزال تأمل في التوصل إلى حل سلمي للأزمة، قبل أن تستدرك: "لكن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة".
ورأى محللون أمنيون أن تشكيل قوة "إيكواس" قد يستغرق أسابيع أو أكثر، ما قد يترك مجالًا للمفاوضات.
ومنذ انقلاب 26 يوليو، خرج عدد من سكان النيجر في تجمعات نظمها المجلس العسكري لإظهار الدعم للجنرالات وانتقد المحتجون القوى الغربية، وأشادوا بروسيا في تكرار لردود الفعل التي أعقبت الانقلابين الأخيرين في مالي وبوركينا فاسو بين عامي 2020 و2022.
وينصب قدر كبير من الغضب على فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة التي طردت الجارتان مالي وبوركينا فاسو، قواتها في أعقاب الانقلابين هناك.
ويتعرض وجود باريس في النيجر لتهديد أيضًا، وفي الأيام التي أعقبت الانقلاب هاجم محتجون السفارة الفرنسية.
وشارك مئات المؤيدين للانقلاب بالنيجر في احتجاج أمام قاعدة للجيش الفرنسي في العاصمة نيامي، الجمعة.
"تدهور سريع"
وقال الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة، إن قلقهم يتزايد إزاء ظروف احتجاز بازوم.
وذكر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الجمعة، إن الأوضاع "تتدهور بسرعة" وقد تصل إلى حد انتهاك القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المعنية بحقوق الإنسان، إنها تحدثت إلى بازوم هذا الأسبوع، وإن الرئيس المعزول أخبرهم أن أسرته تُعامل في الحجز معاملة "غير إنسانية وقاسية".
ونقلت المنظمة عن بازوم، قوله "ابني مريض ويعاني من مرض خطير في القلب ويحتاج إلى طبيب".
أما زازيا، ابنة بازوم والموجودة في فرنسا، فقالت لصحيفة "الجارديان" البريطانية، إن المجلس العسكري يحتجز والدها في ظروف يُرثى لها، مشيرة إلى قادة الانقلاب يحاولون الضغط عليه لتوقيع خطاب استقالة.
والنيجر واحدة من أفقر دول العالم لكنها حليف للغرب في الحرب على المتشددين في منطقة الساحل الإفريقي. وحدث الانقلاب فيها بسبب السياسات الداخلية، لكن تبعاته تجاوزت حدود الدولة.
وتتمركز قوات أميركية وفرنسية وألمانية وإيطالية في النيجر في إطار جهود دولية للتصدي لجماعات محلية موالية لتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، تسببت في قتل ونزوح الملايين بمنطقة الساحل.