اهتمام عالمي بمباحثات المصالحة الفلسطينية في القاهرة
ذكرت شبكة "إيه بي سي" الإخبارية الأمريكية أن الفصائل الفلسطينية ستجتمع اليوم الأحد في مصر لبحث جهود المصالحة مع تصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة بين إسرائيل والمسلحين الفلسطينيين وحدث الانقسام بين الحركتين الرئيسيتين، حماس وفتح، منذ عام 2007.
ومع فشل محاولات المصالحة المتكررة، فإن التوقعات باجتماع ليوم واحد منخفضة ومن المنتظر أن تناقش مباحثات العلمين، على البحر الأبيض المتوسط، "سبل استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام".
ويأتي الاجتماع وسط تصاعد أعمال العنف في الضفة الغربية حيث يتمركز الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة فتح ويمارسون حكما ذاتيا محدودا وتشن إسرائيل غارات شبه ليلية على مناطق فلسطينية من القطاع فيما تقول إنه محاولة للقضاء على التشدد، خاصة في المناطق التي لا تتمتع فيها قوات الأمن التابعة لعباس بموطئ قدم وأدت تلك المداهمات إلى بعض من أسوأ المعارك منذ ما يقرب من عقدين في الضفة الغربية ويقول الفلسطينيون أيضًا إن الغارات الإسرائيلية تقوض قواتهم الأمنية وتضعف قيادتهم.
ويحضر الاجتماع قادة فلسطينيون آخرون بمن فيهم إسماعيل هنية زعيم حماس في حين تتنافس فتح وحماس منذ أن هزمت حماس بعنف القوات الموالية لعباس في غزة عام 2007 وسيطرت على القطاع الساحلي الفقير، وبالنسبة لحماس، يعد الانضمام إلى الاجتماع فرصة لإظهار لسكان غزة أنها تبذل جهدًا لرأب الصدع، حتى لو لم يتغير شيء نتيجة لذلك.
وقاطعت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية الاجتماع احتجاجًا على اعتقال السلطة الفلسطينية لأعضائها، وفقًا لقائد الحركة زياد النخالة وفي الأثناء، عملت مصر منذ سنوات كوسيط في محاولة لإنهاء الاقتتال الداخلي بين الفصائل الفلسطينية كما ساعدت في التوسط في هدنات في جولات متعددة من القتال بين إسرائيل وحماس وحدد الرئيس محمود عباس مطالبه من لقاء الأمناء العامين قبل توجهه إلى مصر وكان ذلك في لقائه مع الرئيس رجب طيب إردوغان، وإسماعيل هنية.
وينظر المحللون إلى مطالب أبومازن على أنها قديمة ومكررة، ومن منطلق شبكة العلاقات التي تحكم قراراته فهي محقة، ولا معنى للوحدة الفلسطينية من دونها، وتوصف اجتماعات مصر الحالية بأنها محاولة أخيرة لإنهاء الانقسام ومن أجل دفع الجهود الرامية لتحقيق المصالحة، اجتمع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنقرة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، قبيل اجتماع مهم للفصائل الفلسطينية ينعقد نهاية الأسبوع في القاهرة ويشمل اجتماعُ الفصائل الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في مصر، باستثناء حركة الجهاد، التي "اعتذرت عن الحضور".
جدير بالذكر أن كل ما طالب به أبومازن كأساس للوحدة المنشودة، لا يملك أي طرف من الوسطاء الاعتراض عليه، وخصوصًا الأمريكيين والأوروبيين وجميع المتدخلين من عرب وغير عرب، فطالب أبومازن ما يُعد بديهيًا لتأكيد رئاسته وشرعيته وجدارته بأن يتحدث الآخرون معه، بادئًا بشروطه لدخول حماس إلى النظام السياسي الفلسطيني، وأساسه بالطبع اعترافها الصريح بمنظمة التحرير ممثلًا شرعيًا ووحيدًا للشعب الفلسطيني، والموافقة على برنامجها السياسي والتزاماتها الدولية، وهذا ما لم تقبله حماس في كل اللقاءات التي جمعتها مع فتح، وكان اعتراضها على هذا البند بالذات هو السبب الرئيس في إفشال كل اللقاءات على مدى 16 سنة الماضية.
كما أن عباس أكد التزام الجميع حقيقة أن السلطة الفلسطينية سلطة واحدة، وقانون واحد، وأمن واحد، وسلاح واحد، وهذا إن تم الاتفاق عليه في بيان، فإن تجسيده على الأرض يبدو مستحيلًا، وتملك إسرائيل المتربصة تقويضه باجتياح لأي مكان في الضفة، ناهيك من احتمالات القيام بعمل عسكري ضد غزة تحت ذريعة معاقبة «الجهاد الإسلامي»، إذا ما قامت بأي عمل عسكري في أي مكان.
ما طرحه عباس في أنقرة لا يملك حتى إردوغان إلا أن يوافق عليه، وكذلك أقرب الأقربين لنظامه، مصر والأردن، فالجميع يريد رؤية توقف نزيف الدم ويريد رؤية سلطة واحدة ذات مصداقية في تمثيل الفلسطينيين والتحدث باسمهم، بما يسحب الذريعة الدائمة لإسرائيل بأن لا شريك لها في أي جهد سياسي يُقترح مع الفلسطينيين، غير أن عقبات كأداء خارجة عن رغبات حسَني النية والطوية تنهض دائمًا لإفشال أي جهد لإنهاء الانقسام، منها العقبة الفلسطينية؛ حيث الوحدة تعني تخلي سدنة الانقسام عن الامتيازات المتوفرة لديهم، وهي كثيرة وعصية على التضحية بها.
والعقبة الإسرائيلية التي تجسدها الاجتياحات والاعتقالات والقتل اليومي؛ خصوصًا بوجود حكومة المستوطنين على رأس مائدة القرار الأمني والسياسي. وهاتان العقبتان يخدمهما على الدوام غياب الأفق السياسي الذي يوفر للفراغ مناخًا يملأه السلاح وفي ظل هذه الشبكة المتداخلة من الاعتبارات، تتجدد الآمال في تقديم تضحيات ملموسة بالامتيازات التي أنتجها الانقسام طويل الأمد.