الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق 16 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

دراسة: الحرب الأوكرانية تجبر مصر على استكشاف وسائل الاكتفاء الذاتي

الرئيس نيوز

نشر موقع معهد الشرق الأوسط، في واشنطن، دراسة للبروفيسور "ميشيل تانتشوم" زميل برنامج الاقتصاد والطاقة والمدرس بجامعة نافارا الإسبانية وزميل المعهد النمساوي للسياسة الأوروبية والأمنية، استخلص من أبرز نتائجها أن الحالة الهشة للأمن الغذائي في مصر تشكل تحديًا كبيرًا أمام اقتصاد البلاد.

وأكدت الدراسة أن المساعدات الطارئة وموردي الحبوب البديلين قد يمنعون تفاقم الأزمة التي أحدثتها مستويات التضخم، إلا أن الحل الوحيد لتجنب الأزمات يكمن في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.

وركزت الدراسة على أن سبيل مصر الواضح لتجنب أي أزمة تتعلق بالأمن الغذائي هو خفض واردات مصر الغذائية من خلال توفير المزيد من الغذاء المنتج محليًا في حين أن بناء البنية التحتية الحكيمة في مصر لخلق إمدادات مياه إضافية لتوسيع الزراعة المحلية من المساعي الواعدة التي يمكن تنفيذها جنبًا إلى جنب مع سداد أو إعادة تمويل ديون بقيمة 20 مليار دولار على مدار الـ 12 شهرًا القادمة مع استخدام احتياطيات مصر من العملة الأجنبية لاستيراد الغذاء مؤقتا. 

كما ترجح نهاية مبادرة حبوب البحر الأسود أن تشهد الـ500 يومًا القادمة من الصراع الروسي الأوكراني تفاقمًا عميقًا لأزمة الغذاء العالمية، لذا، ليس لدى القاهرة الكثير من الوقت لتضيعه في تبني حلول التكنولوجيا الزراعية لتجنب حدوث تراجع في الأمن الغذائي كما تحتاج مصر أيضًا إلى مواجهة تأثير تسارع ندرة المياه بسبب تغير المناخ وتعد كفاءة استخدام المياه التي يتم تحقيقها من خلال التكنولوجيا الزراعية أمرًا بالغ الأهمية لقدرة مصر على توسيع إنتاجها من الأغذية الزراعية في المدى القريب، مما يجعل يخلق الفرصة أمام دبلوماسية التكنولوجيا الزراعية كفرصة ينصح معهد الشرق الأوسط الولايات المتحدة لاقتناصها لدمج القاهرة في شراكة استراتيجية ذات نتائج حيوية.

وبعد 500 يوم من التعامل مع التأثير الاقتصادي المنهك لغزو روسيا لأوكرانيا في فبراير 2022، يتعثر الاقتصاد المصري وفي يونيو 2023، سجل معدل التضخم السنوي في مصر رقما قياسيا مقلقا بلغ 36.8٪، أي أكثر من ضعفين ونصف عن 13.6٪ في العام السابق. 

وفي الوقت الحالي لا يمكن أن يفي إنتاج الأغذية الزراعية في مصر حتى بنصف الطلب المحلي على المنتجات الأساسية الرئيسية، ولا سيما حبوب الحبوب والقمح والذرة وليس لدى مصر بديل سوى زيادة إنتاجها المحلي من الأغذية الزراعية كحل يتمتع بقدر مؤكد من الاستدامة، حتى مع تفاقم ندرة المياه الشديدة بسبب تغير المناخ. 

وأشارت الدراسة إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي شرع في بناء مشاريع عملاقة طموحة للبنية التحتية لزيادة إمدادات المياه المتاحة للزراعة، ويجب أن تتحول مصر إلى التبني المتزامن لحلول التكنولوجيا الزراعية المتطورة لتحسين كفاءة استخدام المياه للمحاصيل نفسها ومن أجل القيام بذلك، يجب على القاهرة إعطاء الأولوية للتكنولوجيا الزراعية كمجال للتعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة وأوروبا والشركاء الأجانب الآخرين.

وترتكز جهود القاهرة لزيادة الإنتاج المحلي للأغذية الزراعية على زيادة إنتاج الحبوب، الذي شهد قفزة في أسعار شهر يونيو في مصر بنسبة 58.9٪ وقد أدى ارتفاع أسعار القمح والذرة بدوره إلى رفع تكلفة المواد الأساسية من الخبز إلى زيت الطهي إلى مستويات تجاوزت الميزانية بالإضافة إلى كونها عامل استقرار في الخبز، فإن الذرة هي المكون الرئيسي لتغذية الحيوانات للماشية والدواجن والأسماك وساعد ارتفاع أسعار الحبوب في دفع أسعار اللحوم والدواجن في يونيو 2023 إلى 92.1٪ وتسبب ارتفاع الأسعار في انخفاض متوسط المعروض من البروتين في مصر بنسبة 200٪ في السنوات الثلاث الماضية، حيث انخفض من 95.3 جرامًا للفرد يوميًا إلى 30.5 جرامًا فقط.

وتتمثل العقبة الأساسية أمام تخفيف أزمة الغذاء في مصر من خلال زيادة إنتاج الحبوب في كفاءة استخدام المياه وسط ندرة المياه المتزايدة. بينما يتطلب إنتاج كيلوجرام من البطاطس 287 لترًا من الماء والطماطم 214 لترًا، فإن كمية المياه اللازمة لإنتاج الحبوب من الحبوب تزيد بخمس مرات على الأقل، حيث يتطلب القمح 1،827 لترًا للكيلوغرام والذرة 1،222 لترًا. مع هطول الأمطار السنوي الذي يبلغ متوسطه الضئيل 33.3 ملم، تعتمد مصر على نهر النيل لتوفير ما يقرب من 90٪ من استهلاكها من المياه العذبة بحوالي 65 مليار متر مكعب، يستخدم أكثر من 80٪ منها في الزراعة.

مع تزايد الإجهاد الحراري وندرة المياه بسبب تغير المناخ، تواجه القاهرة بالفعل تحديًا لمجرد الحفاظ على مستوياتها الحالية من إنتاج الأغذية الزراعية. يؤدي التبخر المرتفع في مصر إلى تفاقم الصعوبات التي يواجهها قطاعها الزراعي، الذي يعتمد أكثر من 99٪ منه على الري. حتى بدون الإجهاد الحراري، فإن حوالي 50٪ من المياه المستخدمة في الري بالغمر التقليدي لا تصل أبدًا إلى نظام الجذر. في ظل ظروف الإجهاد الحراري، تعتمد المحاصيل على التبخر للتبريد للحفاظ على درجة حرارة قابلة للحياة. تتنبأ نماذج الإسقاط لتغير المناخ بأن الارتفاع المحتمل في التبخر النتحي سيؤدي إلى زيادة الطلب على المياه للري بنسبة تصل إلى 13٪. في ظل غياب الإجراءات المضادة الفعالة، يتوقع البنك الدولي أن تؤدي ندرة المياه الناتجة عن تغير المناخ والضغط الحراري إلى خفض إنتاج مصر من القمح والذرة بنسبة تتراوح بين 10٪ و20٪.