الرئيس السيسي يعرض أمام قمة نيروبي رؤية مصر للتعامل مع تحديات تغير المناخ
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أهمية توفير البيئة اللازمة للتنفيذ السريع لمشروعات وبرامج خفض الانبعاثات الكربونية، وتيسير النفاذ للطاقة المتجددة، مشددا على ضرورة التركيز على مبدأي العدالة والإنصاف، ومراعاة التحول المطلوب، في الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، والتعامل الفعال مع تحدي المديونية وارتفاع تكلفة التمويل، بما في ذلك اللجوء للحلول المبتكرة مثل آليات تبادل الديون، ومراجعة وشطب الرسوم والفوائد الإضافية.
جاء ذلك في كلمة الرئيس السيسي أمام جلسة البيئة والتغيرات المناخية والاقتصاد الأزرق، ضمن فعاليات الدورة الخامسة لقمة منتصف العام التابعة للاتحاد الإفريقي، المنعقدة في العاصمة الكينية نيروبي اليوم /الأحد/، والتي استعرض خلالها الرئيس رؤية مصر للتعامل مع تحديات تغير المناخ.
وأعرب الرئيس عن تطلعه إلى التعاون مع جميع الدول حتى تستمر الدول الإفريقية والدول النامية في توجيه الأجندة الدولية باتجاه تعزيز التعاون الدولي في مواجهة التحدي الوجودي، الذي يمثله تغير المناخ، لافتا إلى أن قمة المناخ المقبلة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ستكون خطوة ملموسة في المسار المُنصف والعادل لحماية الكوكب من التداعيات الكارثية لتغير المناخ.
وأثنى الرئيس على المشاركة في "قمة المناخ للتنفيذ" خلال فعاليات مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP 27) في نوفمبر الماضي بشرم الشيخ، والتي عكست التزام دولنا الإفريقية بالعمل متعدد الأطراف لمواجهة تغير المناخ، في إطار هذا البند المهم، الذي يتناول الرابط بين تغير المناخ والفرص والتحديات التي يفرضها على محور التكامل الإقليمي.
وأشاد الرئيس بجهد الرئيس "وليام روتو" لقيادته لجنة رؤساء الدول والحكومات الإفريقية المعنية بتغير المُناخ، متمنيًا له التوفيق خلال استضافة بلاده لقمة العمل المناخي في سبتمبر القادم، كما هنأ الرئيس "غزالي عثماني"، رئيس جمهورية جزر القُمر، على مبادرة "السور الأزرق العظيم"، كمبادرة رائدة للاستفادة من ثروات الاقتصاد الأزرق والتكيف مع تغير المُناخ، وبما يسهم في تعزيز التنمية، خاصةً في المناطق الساحلية.
وقال الرئيس السيسي، إن القمة تأتي في توقيت يشهد فيه العالم جهودًا حثيثةً للتعامل مع الآثار الحالية والمتوقعة للأزمات المتعددة، بما لها من تأثير على قدرة الدول النامية، خاصةً الإفريقية، على تحقيق التنمية لمجتمعاتنا، وكذلك على الحفاظ على ما تم تحقيقه من نمو، فضلًا عن حالة عدم اليقين حول قدرة المجتمع الدولي بمؤسساته التمويلية، على توفير البيئة الدولية لتنفيذ التحول للاقتصاد الأخضر، أخذًا في الاعتبار ما نشهده من أزمات متشابكة ما بين الأزمة الأوكرانية، وأزمة الطاقة، ثم أزمة الغذاء والأسمدة، وتزامن ذلك مع زيادة ملموسة في الكوارث المناخية.
وأضاف أن استضافة مصر للقمة العالمية للمناخ (كوب 27)، كان من منطلق حرصها على المشاركة بفاعلية في صياغة وتيسير الجهد الدولي للتعامل مع تغير المناخ، ولتأكيد التزام القارة الإفريقية بدفع أجندة العمل المناخي بتنفيذ توصيات العلم، بما يتناسب مع مبدأي الإنصاف والمسئولية المشتركة مُتباينة الأعباء، ويأخذ في اعتباره الظروف الوطنية للدول.
وقال إن قارتنا الإفريقية من أكثر القارات تضررًا، نتيجة لتغير المناخ وتأثيراته، التي تتنوع ما بين تهديد للمناطق الساحلية، وازدياد حدة الجفاف والتصحر، وشح الموارد المائية، وهو ما يدعونا إلى النظر في إيجاد سبل مُبتكرة للتعامل معها، نظرًا لمحوريتها في استقرار المجتمعات وتحقيق التنمية المستدامة.
وأشار الرئيس السيسي إلى أنه على الرغم مما عكسته قمة شرم الشيخ من التزام بتعامل جاد مع تحدي المناخ، إلا أن ما يتم تنفيذه على أرض الواقع أقل من المطلوب، ولا يزال شركاء التنمية، بما فيها المؤسسات الدولية، غير قادرين على التجاوب المناسب مع احتياجات دولنا الإفريقية لتنفيذ عملية التحول الاقتصادي لإعادة توجيه قطاعات مثل الطاقة، والنقل، والزراعة، فضلًا عن تنفيذ الحفاظ على التنوع البيولوجي والنظم البيئية، وفي نفس الوقت تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقدم الرئيس رؤية مصر بشأن المحاور التي يتعين التركيز عليها خلال الفترة القادمة، وهي توفير البيئة اللازمة للتنفيذ السريع لمشروعات، وبرامج مؤثرة، لخفض الانبعاثات من مختلف القطاعات، وتيسير النفاذ للطاقة المتجددة، بالإضافة إلى صياغة مسارات وبرامج عادلة للتحول في مختلف المجالات.
كما تضمنت المحاور التركيز على مبدأي العدالة والإنصاف، بحيث يراعي التحول المطلوب، الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، ويتجنب الإجراءات الأحادية ذات التأثير المباشر على تدفقات التجارة الدولية، وبصفة خاصة صادرات الدول النامية والإفريقية، إلى جانب تحقيق العدالة المناخية، وتفعيل ترتيبات التمويل وصندوق الخسائر والأضرار، وتمويل التكيف، مع الاعتراف بما تتحمله الدول الإفريقية، من تكلفة لدعم مجتمعاتها في مواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ.
كما اشتملت المحاور على تعزيز التعاون الإقليمي لضمان تطوير قدرات الحفاظ على النظم البيئية المشتركة، وضمان الاستفادة المتكاملة بين الدول ولاحتواء أية آثار سلبية عابرة للحدود، فضلا عن توفير البيئة الدولية الداعمة واللازمة للتنفيذ، وبصفة خاصة التمويل الميسر والمناسب، وتعزيز النفاذ إليه، مع ضمان تناغم ذلك مع الملكية الوطنية، وألا يؤدي ذلك إلى خفض التمويل اللازم للقضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة، وكذلك التعامل الفعال مع تحدي المديونية وارتفاع تكلفة التمويل، بما في ذلك اللجوء للحلول المبتكرة مثل آليات تبادل الديون، ومراجعة وشطب الرسوم والفوائد الإضافية.
وقال الرئيس السيسي: "لقد قدمتُ لكم رؤية مصر بشأن المحاور التي يتعين التركيز عليها، في إطار جهدنا المشترك، للتعامل مع التحديات المناخية، وإنني لآمل أن يتم الاستمرار في العمل على ترجمة تلك التوصيات إلى مبادرات قابلة للتنفيذ، حيث قامت مصر إيمانًا بذلك، بإطلاق عدد من المبادرات حول موضوعات المياه، والتكيف والزراعة، والطاقة، والهيدروجين، والتنوع البيولوجي، بالتعاون مع الشركاء الدوليين، ومن بينها مبادرة "حياة كريمة لإفريقيا"، ومبادرة "المنتدى العالمي للهيدروجين المتجدد"، والتي أدعوكم إلى الانضمام إليها".
وأعرب الرئيس السيسي - في ختام كلمته - عن ثقته في أن القمة المقبلة في دولة الإمارات العربية المتحدة ستكون خطوة ملموسة في المسار المُنصف والعادل لحماية الكوكب من التداعيات الكارثية لتغير المناخ، وقال "أتطلع إلى التعاون معكم جميعًا حتى تستمر الدول الإفريقية والدول النامية في توجيه الأجندة الدولية باتجاه تعزيز التعاون الدولي في مواجهة التحدي الوجودي، الذي يمثله تغير المناخ".