ترقب في أسواق النفط على وقع توجه سعودي بخفض الإنتاج
حالة من الترقب تسود المجتمع الدولي على وقع تلويح سعودي بتخفيض جديد لإنتاج النفط، إذ قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، إن السعودية لم تعد "المنتج المرجح" بل "أوبك+" تلعب هذا الدور، مؤكدًا الاستمرار في مواجهة التحديات التي تواجه أسواق الطاقة.
واتخذت المملكة قرارات جريئة بخصوص خفض إنتاج النفط، رغم الضغوط الأمريكية بعدم الإقدام على تلك الخطوة للحفاظ على أسعار النفط في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا، وبالتالي عقوبات على صادرات الطاقة الروسية.
وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان قال خلال مؤتمر "أوبك" الدولي الثامن الذي انطلق في قصر هوفبرغ التاريخي بالعاصمة النمسوية، فيينا، إن "بيانات وكالة الطاقة الدولية ومراجعاتها تؤدي إلى اختلال في السوق"، موضحًا أن "خفض الصادرات الروسية كان قرارًا طوعيًا ولم يفرض عليهم"، مشيرًا إلى أن بلاده قدمت تخفيضًا طوعيًا للإنتاج لأن هناك حاجة إليه"، مشيرًا إلى أن "أوبك+" تبحث عن وصفة صحيحة للتعامل مع وضع السوق الحالي وهي تعتمد على الشفافية، لذا تم اعتماد جهات خارجية لمتابعة إنتاج الدول في اتفاق تخفيض الإنتاج.
ووفق إندبندنت عربية أفاد المسؤول السعودي، بأن التخفيضات الجديدة المشتركة في إنتاج النفط التي أعلنتها روسيا والسعودية في وقت سابق هذا الأسبوع أثبتت مرة أخرى أن المشككين في شأن علاقات الطاقة السعودية الروسية على خطأ.
أما وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي قال في تصريحات على هامش المؤتمر، بأن بلاده "تبذل ما يكفي" للمساهمة في تخفيضات إنتاج "أوبك+"، واضاف "لن نقوم بمزيد من التخفيضات الطوعية للإمدادات في الوقت الحالي".
والتخفيضات الطوعية من قبل أعضاء المجموعة الآخرين كافية لتحقيق التوازن في سوق النفط، وفق تصريحات المزروعي، الذي أشار إلى أن تحالف "أوبك+" قد يحتاج إلى دعوة أعضاء جدد للانضمام إلى التحالف، حيث تصبح مهمة المجموعة أسهل مع انضمام مزيد من الأعضاء.
وانطلقت، أمس الأربعاء، في العاصمة النمسوية فيينا، أعمال النسخة الثامنة من مؤتمر "أوبك" الدولي التي تعقد تحت عنوان "نحو انتقال مستدام وشامل للطاقة".
يناقش المؤتمر مجموعة واسعة من قضايا الطاقة تتضمن مستقبل الطاقة في العالم والاستثمارات النفطية واستقرار السوق وأمن الطاقة والتكنولوجيا والابتكار فضلًا عن بحث سبل التوصل لسوق نفط دولية آمنة ومستقرة من خلال تعزيز التعاون والحوار في جميع أنحاء العالم.
إلى ذلك قال أمين عام منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" هيثم الغيص، إن المنظمة تسعى دائمًا لضمان الاستقرار في أسواق الطاقة.
ودعا الغيص في كلمته، إلى تعزيز الحوار في شأن الطاقة بمشاركة الدول المتقدمة والنامية مشددًا على ضرورة التركيز على "الاستدامة والشمولية في ملف الطاقة".
وأشار إلى أن مؤتمر "أوبك" الدولي يتمتع بسجل حافل في ما يتعلق بجودة المشاركين والمستوى العالي من المناقشات التي تدور حول القضايا الرئيسة التي تؤثر في قطاع الطاقة بخاصة في ظل الظروف الراهنة التي يشهدها العالم.
ويشهد اليوم الأول من مؤتمر "أوبك" الدولي في نسخته الثامنة استعراض المشهد العالمي الحالي للطاقة والتوجهات المستقبلية بمشاركة قادة صناعة النفط والطاقة في العالم حيث يتم تناول هذه المواضيع من خلال الجلسات الرئيسة والطاولات المستديرة رفيعة المستوى وتشمل استقرار السوق وأمن الطاقة لكل من المنتجين والمستهلكين وثلاثية استدامة الطاقة التي تتضمن الأهداف المتعلقة بأمن الطاقة والقدرة على تحمل الكلفة وضرورة تقليل الانبعاثات.
كما يشهد مناقشة الاستثمارات والتمويل في قطاع الطاقة وتسليط الضوء على التحديات والفرص ومواكبة المستقبل لتحقيق الحياد المناخي من خلال التكنولوجيا والابتكار، فضلًا عن تطبيق التقنيات المتقدمة في تقليل البصمة الكربونية للصناعة بشكل كبير ويتضمن ذلك مجموعة متنوعة من التقنيات بما في ذلك التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه واستخدام الهيدروجين الأزرق وتحويل النفط الخام إلى كيماويات ودمج مصادر الطاقة المتجددة.
ويشهد اليوم الثاني من المؤتمر مناقشة التحديات المستقبلية لقطاع الطاقة وكيفية بناء أنظمة مستدامة وموثوقة إضافة إلى استعراض وتيرة تحولات الطاقة حول العالم وسياسات تغير المناخ إضافة إلى التنويع الاقتصادي في الطاقة من خلال مسارات متعددة ودور التعاون الدولي في ذلك.
ويصاحب مؤتمر "أوبك" الدولي معرض متخصص بمشاركة كبرى شركات الطاقة حول العالم تستعرض خلاله الاتجاهات والابتكارات المتعلقة بأحدث التقنيات والتطورات عبر صناعة النفط وسلسلة القيمة إضافة إلى تعزيز جسور الحوار والتعاون المستقبلي.
ومنذ إطلاق دورته الأولى في عام 1969، يشهد مؤتمر "أوبك" الدولي زخمًا واسعًا في مناقشة قضايا الطاقة وبناء جسور التعاون والحوار من أجل استشراف مستقبل قطاع الطاقة ومواجهة التحديات وإيجاد الحلول المبتكرة له بمشاركة الدول المنتجة والمستهلكة بما يضمن تأمين إمدادات الطاقة لجميع شعوب العالم.
وحققت النسخة السابعة من مؤتمر "أوبك" الدولي التي انعقدت في عام 2018 نجاحًا كبيرًا حيث حضرها أكثر من 950 مشاركًا من 50 دولة، بمن في ذلك 60 وزيرًا ومديرًا تنفيذيًا.
على صعيد متصل أعلن الرئيس التنفيذي لشركة النفط السعودية العملاقة (أرامكو) أمين الناصر خططًا لزيادة إنتاج الغاز بنسبة 50 و60 في المئة بحلول عام 2030.
وجاء إعلان الناصر خلال حديثه على هامش جلسة في مؤتمر "أوبك" الدولي الثامن المقام في العاصمة النمسوية فيينا اليوم الأربعاء.
وقال إن "أرامكو" تعمل على زيادة إنتاج الغاز بنسبة 60 في المئة بإضافة 4 آلاف كيلومتر من خطوط الغاز، مضيفًا أن الشركة لديها عدد من المشاريع قيد التطوير حاليًا، وتعمل أيضًا على زيادة قدرتها الإنتاجية من النفط بوتيرة أكبر.
ح
وفي وقت سابق أشار الناصر إلى أن "أرامكو" تهدف إلى استثمار عشرات المليارات من الدولارات في تطوير حقل الجافورة، وبدأت في هذا الصدد محادثات مع مستثمرين في مشاريع ما بين المنبع والمصب، ومن بينها خطوط الأنابيب.
وتمتلك السعودية واحدًا من أكبر احتياطات الغاز في العالم، ولكن قلما استغلت هذه الاحتياطات في الماضي، غير أن الحرب الروسية - الأوكرانية وقطع الإمدادات عن أوروبا ردًا على العقوبات الغربية أسهما في زيادة الطلب على الغاز وتعزيز خطط استخراجه.
ج
ومن المنتظر أن يأتي كثير من إنتاج الغاز الإضافي في السعودية من حقل الجافورة، أحد أضخم الحقول غير المستغلة في العالم وأيضًا الأكبر في البلاد للغاز غير التقليدي من حيث حجم المخزون والمساحة، إذ يبلغ طوله 170 كيلومترًا في عرض 100 كيلومتر.
وحول توقعاته في شأن الطلب على النفط أشار الرئيس التنفيذي لـ "أرامكو" إلى أن الطلب على الخام سيستمر لأعوام، مستشهدًا على ذلك بأن الطلب من الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، زاد 3 ملايين برميل يوميًا حتى الآن، والطلب من الهند زاد مليون برميل يوميًا.
وكان وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان كشف في وقت سابق من هذا العام عن خطط الرياض الاستراتيجية لزيادة إنتاجها من النفط والغاز والطاقة النظيفة.
وكانت الاحتياطات السعودية من النفط والغاز ارتفعت للعام الرابع عام 2022 لتصل إلى 338.4 مليار برميل مكافئ نفطي في مقابل 337.3 مليار برميل مكافئ نفطي عام 2021.
وبحسب بيانات "أرامكو" فإن الاحتياطات في حقول السعودية تتوزع بين 261.6 مليار برميل من النفط الخام والمكثفات، و36.1 مليار برميل من سوائل الغاز، إضافة إلى246.7 تريليون قدم مكعبة قياسية بنهاية 2022، منها 156.9 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز غير المصاحب في مقابل 153.7 تريليون قدم مكعبة قياسية بنهاية 2021.
وجاء ارتفاع إجمال الاحتياطات للنفط والغاز نتيجة زيادة احتياطات الغاز 2.2 في المئة خلال العام الماضي، وهو الارتفاع السنوي الرابع على التوالي، إذ كانت 233.8 تريليون قدم مكعبة قياسية بنهاية 2018، ثم 237.4 تريليون بنهاية 2019، ثم 238.8 تريليون بنهاية 2020.