"تنويع مصادر تمويلها".. سندات الباندا تقدم فرصة لمصر وسط الأوضاع الاقتصادية الراهنة
بإبرام اتفاق جديد مع بنك التنمية الأفريقي، أصبحت مصر أول دولة أفريقية تصدر سندات بالعملة الصينية يتم طرحها في السوق المحلية للصين.
وعلى مدار العامين الماضيين، ركزت الأخبار المالية حول مصر بشكل أساسي على الأزمة الاقتصادية في البلاد والديون المتزايدة، وخطط الإنقاذ اللاحقة من صندوق النقد الدولي ومع ذلك، يعتقد جاك داتون، في تحليل نشره موقعه "المونيتور" الأمريكي، كانت هناك بعض الأخبار الإيجابية في مايو الماضي وأبرزها موافقة بنك التنمية الأفريقي على ضمان ائتمان جزئي يعادل 345 مليون دولار بالـ"رنمينبي"، عملة البر الرئيسي لجمهورية الصين الشعبية، مع دخول مصر إلى سوق سندات بندا لأول مرة لتمويل مشاريع التنمية الخضراء والعديد من المشاريع الاجتماعية.
وكان بنك التنمية متعدد الأطراف، ومقره أبيدجان، قد أعلن موافقته على قيام مصر بجمع ما يعادل 500 مليون دولار في سوق سندات الباندا، حيث يقوم كيان غير صيني بإصدار سندات بالعملة الصينية يتم وضعها في السوق المحلية للصين.
وأضاف داتون، في تحليله: "غالبًا ما يُنظر إلى هذا النوع من السندات على أنه مصدر تمويل جذاب للشركات والجهات السيادية التي تتطلع إلى تنويع تمويلها والوصول إلى رأس المال منخفض التكلفة.
في عام 2022، بلغت قيمة السوق حوالي 21 تريليون دولار لكن الطلب على التمويل الخارجي باليوان آخذ في الازدياد" ويمثل دهول مطر هذا المضمار أيضًا المرة الأولى التي يصل فيها بلد أفريقي إلى هذا السوق المربح.
ونقل موقع “المونيتور” عن عبد الرحمن دياو، المدير القُطري لبنك التنمية الأفريقي في مصر، قوله: "هذه الخطوة ستكون مفيدة وإصدار سندات الباندا وما يتصل بها من سندات وأدوات أخرى سيساعد مصر على تنويع مصادر تمويلها، والاستفادة من ظروف السوق الأفضل، وتطوير علاقات طويلة الأمد مع المستثمرين المؤسسيين المحليين والدوليين في سوق سندات الباندا الصينية".
وأعلن بنك التنمية أن الأموال ستوجه نحو مشاريع في مجالات النقل النظيف والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وإدارة المياه والصرف الصحي المستدامة ومبادرات الخدمات الصحية الأساسية بالإضافة إلى تمويل المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر. المؤسسات المتوسطة الحجم. تم تفصيل هذه المشاريع في إطار إطار التمويل السيادي المستدام في مصر والذي نُشر في عام 2022.
ونقل المونيتور عن علي متولي، الخبير الاقتصادي ومحلل المخاطر المتخصص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قوله إن اتفاقية سندات الباندا هي نتاج ما يقرب من أربع سنوات من المناقشات والأبحاث، إذ تحمل صفقة سندات الباندا مزايا مختلفة من حيث تنويع مصادر التمويل، والوصول إلى قاعدة كبيرة من المستثمرين، وتحسين ثقة المستثمرين، وتعزيز العلاقات الثنائية مع الصين، وتحسين الرؤية الاقتصادية والاعتراف بقدرات مصر في الشرق.
جدير بالذكر أن اتفاق مصر وبنك التنمية الأفريقي يأتي في إطار جهود مصر المستمرة لتقليل اعتمادها الكبير على المستثمرين الغربيين، لا سيما من الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، وجذب المزيد من المستثمرين من آسيا ويبدو أن الأساس المنطقي وراء هذه الاستراتيجية يشمل الحد من التعرض للتقلبات في الاقتصادات الغربية، والتي أثرت بشكل كبير على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر كما أن تنويع قاعدة المستثمرين وتضمين المزيد من المستثمرين الآسيويين من شأنه أن يساعد في التخفيف من هذه المخاطر يتعلق الأمر أيضًا بتقييم مصادر جديدة لرأس المال قد لا تكون متاحة بسهولة من الأسواق الغربية.
ويمتلك المستثمرون الآسيويون، بمن فيهم المستثمرون من الصين واليابان، موارد مالية كبيرة ويظهرون في كثير من الأحيان اهتمامًا بتوسيع محافظهم الاستثمارية العالمية.
وقال متولي: “إن الاستفادة من هذه المجموعة من الموارد لتمويل مشاريع البنية التحتية الأساسية يمثل فرصة لدعم خطط التنمية الاقتصادية في مصر. ويشكل إصدار أول صك سيادي في فبراير مثالًا آخر على هذا التنويع”.
وبالنسبة للصين أيضًا، تقدم هذه الاتفاقية فرصًا مثل إعادة توجيه إقراضها بعيدًا عن مشاريع البنية التحتية التقليدية للتركيز على تطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة، وتمويل مشاريع البنية التحتية الخضراء والمستدامة، وتشجيع الاستثمار الصيني الخاص في إفريقيا ومن ناحية أخرى، فإن مكانة مصر كواحدة من أكبر ثلاثة اقتصادات في الشرق الأوسط وثاني أكبر اقتصاد في إفريقيا يجعلها وجهة جذابة لكل من المستثمرين الحاليين والجدد، نظرًا لإمكاناتها الاقتصادية الكبيرة.
ومن أجل تحقيق أقصى قدر من الفوائد من سوق سندات الباندا وجذب استثمارات آسيوية كبيرة، تحتاج مصر إلى تهيئة ظروف سوق مواتية، والحفاظ على الأسعار التنافسية، وإدخال استثمارات منخفضة المخاطر وتحتاج مصر إلى تهيئة ظروف السوق المواتية، والحفاظ على الأسعار التنافسية وإدخال بدائل استثمارية منخفضة المخاطر.
وعلى الرغم من أن فاتورة ديون مصر المرتفعة وأسعار الفائدة العالمية المرتفعة من المرجح أن تستمر حتى عام 2024، فإن التزام الدولة ببرنامج صندوق النقد الدولي، بما في ذلك الحفاظ على الانضباط المالي والتحسين المستمر لبيئة الأعمال ومناخ المستثمرين، يجب أن يمنع أي تحديات في تتعلق بالسداد وأعلنت الحكومة مؤخرًا عن 22 قرارًا استثماريًا لتعزيز الاستثمار الأجنبي والخاص في مصر، دون زيادة مخاطر الديون بشكل كبير وهي تشمل حوافز للمستثمرين في مختلف القطاعات مثل الزراعة والصناعة والطاقة. كما تهدف إلى تخفيف الأعباء المالية والضريبية على المستثمرين.
وكان الدين العام في مصر على مسار هبوطي منذ ما قبل الوباء والصراع الروسي الأوكراني، حيث وصل إلى 80٪ في عام 2019 (المستوى الحالي يبلغ 100٪). يبلغ الدين الخارجي لمصر أقل من 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي حتى الآن، هذه المقاييس مهمة للمستثمرين عند التفكير في الاستثمار في مصر وتنفذ مصر إصلاحات اقتصادية في إطار برنامج جيد التصميم لصندوق النقد الدولي، لذا فإن دعم البنك هو ختم ثقة وسيمهد الطريق لتعبئة المزيد من الموارد من خلال أسواق المال، ويتوقع أن يكون دخول سوق سندات الباندا اتجاهًا مستمرًا بين الدول الأفريقية عقب هذه الصفقة، خاصة وأن مصر هي أول مُصدِر من فئة B يقوم بذلك ومن المرجح أن يدفع هذا التطور العديد من الدراسات من قبل مرشحين محتملين مثل نيجيريا وغانا، الذين حاولوا الحصول على صفقات مماثلة في الماضي لكن لم يكن النجاح حليفهم.