تفاصيل الهدنة بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع
دخلت هدنة جديدة بين الجيش وقوات الدعم السريع حيز التنفيذ، صباح السبت في السودان، حيث أبقى سكان آمالهم متواضعة حيالها بعد أن خرق الطرفان كل الاتفاقات السابقة، ولم يتيحا لهم فرصة التقاط الأنفاس في نزاع يقترب من شهره الثالث.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ رسميًا عند الساعة السادسة (الرابعة بتوقيت جرينتش) على أن تستمر لـ24 ساعة فقط.
أفاد سكان في الخرطوم، في وقت مبكر السبت، بأن الوضع الميداني كان هادئًا، وهو أمر غالبًا ما يكون معتادًا في هذا الوقت.
وأعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن اعتبار الحكومة السودانية موفد المنظمة الدولية شخصًا "غير مرغوب فيه" "يتنافى" ومبادئ الأمم المتحدة و"لا يمكن تطبيقه"، لافتًا إلى أن صفة الألماني فولكر بيرتس "لم تتبدل".
وقال دوجاريك إن "صفة السيد بيرتس لم تتبدل راهنًا ويبقى موقف الأمين العام كما عبر عنه أمام مجلس الأمن الأسبوع الفائت"، في إشارة إلى "الثقة المطلقة" التي عبر عنها أنطونيو غوتيريش تكرارًا حيال موفده إلى السودان.
أضاف المتحدث "يذكر الأمين العام بأن مبدأ الشخص غير المرغوب فيه لا ينطبق على العاملين في الأمم المتحدة، وإثارته تتناقض مع التزامات الدول عملًا بميثاق الأمم المتحدة".
كانت وزارة الخارجية السودانية أعلنت ليل الخميس أن الحكومة أخطرت الأمين العام بإعلان بيرتس "شخصًا غير مرغوب فيه".
أتى ذلك بعد طلب قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان أواخر مايو من غوتيريش استبدال بيرتس على خلفية اتهامه بتأجيج النزاع.
قال مصدر حكومي سوداني لوكالة الصحافة الفرنسية إن بيرتس "انحاز إلى أطراف سياسية محددة"، ونظرًا إلى عدم استجابة غوتيريش لطلب البرهان "لم تجد الحكومة السودانية بدًا من اتخاذ هذا القرار".
ووافق طرفا الصراع في السودان الجمعة على هدنة جديدة قصيرة، وفق ما أعلنت الوساطة السعودية - الأميركية.
ومنذ بدء النزاع في 15 أبريل بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أبرم الجانبان اتفاقات لوقف إطلاق النار، سرعان ما كان يتم خرقها.
وأعلنت الرياض وواشنطن موافقة الجيش وقوات الدعم على "اتفاق وقف إطلاق نار في كل أنحاء السودان لمدة 24 ساعة اعتبارًا من الساعة السادسة من صباح اليوم"، وفقًا للخارجية السعودية.
عكست الرياض وواشنطن اللتان تقودان وساطة شملت مباحثات في مدينة جدة خيبتهما من فشل كل محاولات التهدئة.
أكدتا أنهما "تتشاركان مع الشعب السوداني حالة الإحباط من عدم التزام الهدن السابقة"، وأن الاتفاق الجديد هدفه "وصول المساعدات الإنسانية وكسر حالة العنف والمساهمة في تعزيز تدابير بناء الثقة بين الطرفين مما يسمح باستئناف مباحثات جدة".
وأعلن الوسيطان الأسبوع الماضي تعليق المباحثات بعد انسحاب الجيش منها، لكنهما حضا الجانبين على هدنة جديدة، وأكدا بقاء ممثلي الطرفين في جدة على رغم تعليق المفاوضات المباشرة.
وحذر بيان الجمعة من أنه "في حال عدم التزام الطرفين هذه الهدنة، فسيضطر المسيران إلى تأجيل محادثات جدة". وأكد الطرفان عزمهما على احترام الهدنة.
وقال الجيش إنه وافق عليها "مراعاة للجوانب الإنسانية التي يعانيها شعبنا جراء العمليات الجارية"، مشددًا على احتفاظه "بحق التعامل مع أي خروقات".
كما تعهدت قوات الدعم السريع بالالتزام "التام" اتفاق وقف النار "بما يخدم أغراض الهدنة"، آملة في أن يفي الجيش بتعهداته "وعدم عرقلة جهود المساعدات الإنسانية لرفع معاناة المواطنين".
وأودى النزاع بأكثر من 1800 شخص، بحسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات.
ووفق المنظمة الدولية للهجرة تسبب النزاع بنزوح نحو مليوني شخص بينهم أكثر من 476 ألفًا إلى دول الجوار.
ميدانيًا، أفاد شهود عن سماع "أصوات اشتباكات قرب مصنع اليرموك" للصناعات الدفاعية التي كانت قوات الدعم السريع أعلنت الأربعاء سيطرتها عليه.
ويعد المجمع الواقع في جنوب العاصمة أبرز منشآت التصنيع العسكري في البلاد. وكان تعرض في أكتوبر (تشرين الأول) 2012 لقصف جوي اتهمت الخرطوم إسرائيل بالوقوف خلفه.
ويشهد محيط المجمع منذ الأربعاء اشتباكات، رافقها اندلاع حريق جراء انفجار أحد صهاريج تخزين النفط في منشأة الشجرة للنفط والغاز المجاورة. وأكد شهود الجمعة أن سحابة الدخان الناتجة من الحريق لا تزال ظاهرة.
وفي شرق الخرطوم أفاد سكان عن قصف جوي من الطيران التابع للجيش، وسماع أصوات رشاشات ثقيلة مضادة للطيران. وفي ضاحية أم درمان بشمال العاصمة تحدث سكان عن قصف مدفعي واشتباكات.
الوضع الصحي قابل للانهيار
وتكرر المنظمات الإنسانية التحذير من خطورة الوضع الإنساني في السودان، خصوصًا في الخرطوم وإقليم دارفور (غرب) حيث المعارك على أشدها.
وحذر رئيس بعثة الصليب الأحمر المنتهية ولايته ألفونسو فردو بيريز من أن الوضع الصحي "قابل للانهيار في أي وقت" على رغم الجهود المبذولة.
وأضاف لصحافيين في جنيف "في الخرطوم تقديرنا هو أن 20 في المئة من المنشآت الصحية لا تزال تعمل. تواجه نقصًا حادًا في المياه والكهرباء والغذاء، والمواد الطبية الأساسية بدأت تنفد".
وأشار إلى أن الوضع الصحي "حرج أيضًا في عديد من مناطق دارفور"، الإقليم الذي شهد نزاعًا داميًا على مدى عقدين.
ووفق ما تؤكد مصادر طبية باتت 75 في المئة من المستشفيات في مناطق القتال خارج الخدمة. ويخشى أن تتفاقم الأزمة مع اقتراب موسم الأمطار الذي يهدد بانتشار الملاريا من جديد وانعدام الأمن الغذائي وسوء تغذية الأطفال.
وتفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن 25 مليونًا من أصل 45 مليون نسمة عدد سكان في البلاد يحتاجون إلى مساعدات.