خلاف سعودي روسي يلقي بظلال ثقيلة على اجتماع "أوبك +"
يُتوقع أن تلقي بوادر الخلاف بين كبار منتجي النفط الخام السعودية وروسيا بظلال ثقيلة على اجتماع سياسة إنتاج “أوبك+” اليوم الأحد، الذي سيعتبر بمثابة اختبار حقيقي لمدى قوة تحالفهما.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "آراب ويكلي" اللندنية سيكون الاجتماع الوزاري الشخصي لأعضاء أوبك الـ13 بقيادة الرياض وحلفائها العشرة برئاسة موسكو هو الثاني في مقر أوبك بالعاصمة النمساوية منذ مارس 2020.
وإضافة إلى التوترات الظاهرة، لم ترسل أوبك دعوات حضور إلى صحفيين من ثلاث وكالات إخبارية مالية كبرى، هي "بلومبرج" و"رويترز"، و"وول ستريت جورنال"، لتغطية المحادثات.
ويصارع منتجو النفط انخفاض أسعار الخام وتقلبات السوق العالية وسط الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي أدى إلى قلب الأوضاع الاقتصادية في جميع أنحاء العالم رأسًا على عقب، وفي أبريل، تفاجأت الدول عندما اتفق العديد من أعضاء تحالف أوبك+ على خفض الإنتاج طواعية بأكثر من مليون برميل يوميًا، مما أدى إلى دعم الأسعار لفترة وجيزة لكنه فشل في تحقيق انتعاش دائم.
ينقسم المحللون الآن حول ما إذا كانت المملكة العربية السعودية وروسيا ستبقيان المجموعة على المسار الصحيح لسياستها الإنتاجية الحالية، أو ستعمل على تقليص الإنتاج في محاولة لدعم الأسعار.
ونقلت آراب ويكلي عن المحلل تاماس فارجا من شركة بي في إم إنرجي، قوله: "الخطاب غير المتسق الأخير من العملاقين الأكثر ثقلا، الرياض وموسكو، يجعل من الصعب التنبؤ بنتيجة اجتماع أوبك في يونيو".
نهاية شهر العسل
تراجعت أسعار النفط بنحو عشرة في المائة منذ الإعلان عن خفض إنتاج النفط الخام في أبريل، مع انخفاض خام برنت بما يقارب 70 دولارًا للبرميل، وهو مستوى لم يتم تداوله دونه منذ ديسمبر 2021.
ويشعر التجار بالقلق من أن الطلب سينخفض، مع مخاوف بشأن صحة الاقتصاد العالمي حيث تكافح الولايات المتحدة التضخم مع ارتفاع أسعار الفائدة وتعثر انتعاش الصين بعد جائحة كوفيد-19.
وأثار وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان الأسبوع الماضي التكهنات بشأن تخفيضات جديدة بتحذير المضاربين من المراهنة على هبوط أسعار النفط.
وقال: "أواصل نصحهم بأنهم سوف يتأذون، لقد فعلوا ذلك في أبريل وسأقول لهم فقط: احترسوا".
ومع ذلك، بدا أن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يختلف مع هذا التقييم، مستبعدًا تعديلات إضافية في الإنتاج في مقابلة مع صحيفة إزفستيا الروسية.
وقال نوفاك "لا أعتقد أنه ستكون هناك أي خطوات جديدة، لأنه قبل شهر واحد فقط ثمة قرارات معينة اتخذت من قبل بعض البلدان بسبب حقيقة أننا شهدنا بطء وتيرة التعافي الاقتصادي العالمي".
ويعتقد ستيفن إينيس، المحلل المالي أن "الرسائل المختلطة هي أولى علامات الخلاف داخل المجموعة" بالإضافة إلى الإشارات المتناقضة، لم تلتزم موسكو بتعهدها في فبراير بخفض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميًا ومع استمرار الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية التي تضر باقتصادها، كانت روسيا تشحن نفطها إلى الهند والصين في الوقت الذي تمتص فيه الشركات الآسيوية العملاقة النفط الخام الرخيص.
ويعتقد إدوارد مويا، المحلل بمنصة أواندا للتداول، أن اجتماع يوم الأحد قد لا يكون بالسرعة التي كانت عليها الاجتماعات السابقة.
وقال لـ فرانس برس "من المحتمل أن يطالب السعوديون بالمزيد من تخفيضات الإنتاج، في حين أن روسيا أصبحت في أمس الحاجة إلى عائدات النفط".
وأشار مويا إلى أن "العلاقة الودية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد انتهت على الأرجح".
التوترات الماضية
ليس هذا هو الخلاف الأول بين عمالقة النفط؛ ودُفع التحالف إلى حافة الانهيار في مارس 2020 عندما رفضت موسكو خفض إنتاجها النفطي حتى في الوقت الذي أدى فيه الجائحة إلى انخفاض الأسعار التي عانت من السقوط الحر، وبعد انهيار المفاوضات، أغرقت الرياض السوق من خلال زيادة صادراتها النفطية إلى مستويات قياسية، مما دفع أسعار النفط الخام إلى ما دون 50 دولارًا للبرميل.
وأدى التراجع، الذي سيستغرق ثمانية أشهر للتعافي، في النهاية إلى إجبار كل من روسيا والمملكة العربية السعودية على التوصل إلى اتفاق لتثبيت أسعار النفط.
وقالت إيبيك أوزكاردسكايا المحلل في بنك سويسكوت في مذكرة بحثية هذه المرة "أي فيتو روسي يمكن أن يقلل بشكل ملموس من قوة أوبك+ في التأثير على أسعار النفط".
وأضافت: "هناك فرصة ضئيلة لأن نرى هذا النوع من الخلاف كما حدث في عام 2020" حيث عززت الحرب في أوكرانيا العلاقات بين الرياض وموسكو.