عاجل| "نظرة متشائمة للاقتصاد".. توقعات بتراجع الجنيه المصري لمستوى قياسي
عمق بنك "كريدي سويس" من توقعاته السلبية للاقتصاد المصري، في ظل عدم التقدم في تطبيق الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي، خاصة فيما يتعلق ببرنامج الطروحات الحكومية وتطبيق سعر مرن للجنيه.
وكان البنك عدل نظرته المحايدة بالنسبة لاقتصاد مصر إلى سلبية في فبراير الماضي.
ويرجّح البنك وصول سعر الصرف إلى المستوى المتداول حاليًا في السوق الموازية التي تشير ضمنيًا إلى تخفيض نسبته 30% عن السعر الحالي في السوق الموازية، ليصل سعر صرف العملة المحلية إلى 45 جنيهًا لكل دولار.
وفق التقرير الذي أعده فهد إقبال المحلل الاستراتيجي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط لدى البنك السويسري، "كلما طال الوقت الذي تستغرقه الحكومة في الشروع في خطوات الإصلاح التي طال انتظارها، كلما زادت شدة تسعير السوق لمخاطر تخفيض قيمة العملة".
وتمضي الحكومة في خططها لطرح حصص في 32 شركة، لكن "التراجع الكبير في سعر صرف الجنيه أدى إلى وجود فجوة بين سعر البيع الذي كانت تخطط الحكومة له".
وبالتوازي مع ذلك، فإن القيمة العادلة الضمنية للدولار مقابل الجنيه، والتي يتم قياسها بسعر الصرف الفعلي الحقيقي، تدهورت أيضًا بشكل جوهري بسبب ارتفاع التضخم المحلي.
في حين أن التضخم من المرجح أن يتراجع في الأشهر المقبلة، إلا أن التأخير في عملية الإصلاح قلل مع ذلك من احتمالية الاتجاه الصعودي طويل الأجل للجنيه، وفق البنك.
وعدل البنك مستهدفه لسعر صرف الدولار مقابل الجنيه خلال 3 أشهر إلى ما يتراوح بين 45 و50 دولار.
فيما عدل توقعاته للسعر خلال الـ12 شهرًا إلى ما يتراوح بين 33 و34 جنيه لكل دولار، مشيرًا إلى أن هذا السعر يضيف علاوة بين 25 إلى 30% فوق سعر الصرف الفعلي الحقيقي، بشرط أن تنجح الحكومة خلال تلك الفترة في تحقيق تقدم بشأن الإصلاحات.
نظرة متشائمة للاقتصاد المصري
وأصبحت وكالات التصنيف الائتماني الكبرى تُبدي نظرة متشائمة حيال مصر، مع عدم اليقين بشأن مرونة سعر الصرف وضعف احتياطياتها من العملة الأجنبية، إذ أعلنت "موديز" مؤخرًا أنَّها وضعت التصنيف السيادي لمصر قيد المراجعة بهدف الخفض، بعد أن خفّضته في فبراير إلى "B3" وهي درجة غير استثمارية.
كما خفّضت "فيتش" قبل أيام تصنيف مصر الائتماني طويل الأجل إلى "B" بدلًا من "+B" مع نظرة مستقبلية سلبية، فضلًا عن الإشارة لمخاطر تدهور الثقة حال تأخر الانتقال لسياسة سعر صرف مرن، مما قد يؤخر تنفيذ برنامج صندوق النقد.
وكالة "ستاندرد أند بورز" عدلت نظرتها المستقبلية بالنسبة إلى مصر في أبريل من مستقرة إلى سلبية، وأبقت على تصنيف الديون طويلة الأجل بالعملة الأجنبية عند مستوى "B" أي أعلى 7 درجات من مستوى التخلف عن السداد، مع الإشارة إلى أنَّ تأخير الإصلاحات الهيكلية ما زال يضغط على قيمة الجنيه.
توقعات خفض الجنيه
ومؤخرا، توقَّع البنك "ستاندرد تشارترد" مزيدًا من التراجع للجنيه المصري مقابل الدولار ليصل إلى 38.4 جنيه مقابل الدولار، في ظل ثبات سعر الصرف الرسمي للجنيه المصري عند 30.9 جنيه لكل دولار منذ مارس الماضي، وبلوغه في السوق الموازية أكثر من 40 جنيهًا.
وخفّضت الحكومة سعر صرف الجنيه ثلاث مرات منذ أوائل 2022، لكنَّ المستثمرين يعتقدون أنَّ قيمته ينبغي أن تتراجع أكثر.
وبينما يتداول بسعر 30.9 جنيه للدولار، يتوقَّع "سوسيته جنرال" أن يهبط 16% إلى 37 بنهاية العام الجاري، أي قرب نفس مستواه الحالي في السوق السوداء.
الديون وخفض الجنيه
ويمثل انخفاض قيمة الجنيه عبئًا على الديون، إذ مع توقُّع تحريك جديد في سعر العملة المحلية لنحو 38 جنيهًا لكل دولار؛ ستصبح نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي أعلى من 100% بنهاية يونيو 2023 مقابل 91.6% في يونيو 2022، وفق تقديرات صندوق النقد.
وتسببت التدفقات النقدية الخارجة في تآكل صافي الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفي المصري، وإن كان قد جرى تعويض ذلك عبر تحسن الحساب الجاري على خلفية تراجع الواردات وزيادة عوائد قطاع السياحة والتدفقات من قناة السويس، برغم تباطؤ تحويلات المصريين بالخارج، وفقًا لتقرير البنك.
برنامج الطروحات الحكومية
وتسابق مصر الزمن لحل معضلة تأمين تمويل ضروري، قبل مراجعة رئيسية سيجريها صندوق النقد الدولي، بحسب ما ذكرته "بلومبرج" الأسبوع الماضي، مؤكدة أنَّ القاهرة تمضي قدمًا بكل قوة لتحقيق هدف إبرام صفقات بقيمة ملياري دولار بنهاية يونيو المقبل.
وتسعى مصر لبيع أصول حكومية بدءًا من بنوك ومحطات الكهرباء إلى شبكة محطات بنزين مملوكة للجيش لمشترين مرجحين من حلفائها الخليجيين، مثل السعودية وقطر والإمارات، وجميعهم قد تعهدوا بمليارات الدولارات لمساعدة مصر على تخطي أزمتها الاقتصادية.
يواجه الاقتصاد المصري عقبات كبيرة، تجلّت بشدة في شُح بالعملة الأجنبية الذي بدأ منذ اندلاع الأزمة الروسية-الأوكرانية في فبراير 2022، ورفع أسعار الفائدة الأمريكية على مدار 2022، مما أدى إلى خروج أكثر من 22 مليار دولار من الأموال الساخنة الأجنبية المستثمرة بأدوات الدَّين.