عاجل| ضبط الإنفاق وتشجيع الاستثمارات.. خبراء يرسمون طريق الخروج من أزمة الديون المتصاعدة
تواجه مصر مخاطر ارتفاع الديون المحلية والخارجية على حدٍ سواء، الأمر الذي يفاقم من خطورة الأزمة الراهنة ويلقي بالأعباء على تدبير العملة الأجنبية لسداد استحقاقات الديون، وتوفير عملة لاستيراد المواد الخام والسلع الأساسية.
الفجوة تتسع
وأظهرت بيانات رسمية أن الفجوة التمويلية تشهد اتساعا للعام المالي المقبل لتسجل 2.1 تريليون جنيه بسبب ضغوط العجز وزيادة المصروفات مقابل محدودية الموارد مقابل 1.5 تريليون جنيه في الموازنة الحالية.
البيانات تكشف عزم الحكومة على اقتراض تريليون جنيه تقريبا عبر إصدار أذون وسندات خزانة جديدة، فيما سيتم تدبير النسبة الباقية من اقتراض خارجي وقروض من مؤسسات دولية تصل إلى 6 مليار دولار تقريبًا.
الالتزامات الخارجية صادمة
وفق البنك المركزي المصري، فإن الدول العربية تمتلك 25.1% من الديون الخارجية لمصر، بينما يمتلك صندوق النقد الدولي نحو 15% منها، فيما تنتظر مصر جدول سداد مزدحمًا خلال الأعوام القليلة المقبلة، وبخلاف 26.4 مليار دولار ديون قصير الأجل يتعين سدادها خلال عامين، هناك ديون متوسطة وطويلة الأجل تجاوزت 72.4 مليار دولار حتى نهاية 2025.
وبحسب جدول سداد الدين الخارجي متوسط وطويل الأجل يتعين على مصر سداد 8.32 مليار دولار حتى نهاية يونيو 2023، وفي 2024 يجب سداد 10.9 مليار دولار في النصف الأول و13.3 مليار دولار في النصف الثاني من العام.
وخلال عام 2025 يجب سداد 9.3 مليار دولار في النصف الأول و5.8 مليار دولار في النصف الثاني من العام، أما في عام 2026 فيتعين سداد 6.6 مليار دولار خلال النصف الأول من العام بخلاف 10.2 مليار دولار خلال النصف الثاني.
ومن المقرر أن تسدد مصر لمؤسسات دولية نحو 3.6 مليار دولار في النصف الأول من 2023 و3.8 مليار دولار في النصف الثاني منه.
وأصبحت وسائل سد العجز في الموازنة محدودة، وقد تكون تقتصر فقط على زيادة الدين الخارجي في الموازنة العامة.
ووصل حجم الديون إلى 154 مليار دولار في الربع الأول من العام الحالي مقابل 134 مليار دولار في الربع الأول من العام الفائت، بحسب إحصاءات رسمية.
تكلفة الديون تتصاعد
وبحسب بيانات حصل عليها "الرئيس نيوز"، ارتفعت مدفوعات الفوائد لتلتهم نحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر في موازنة العام المالي المقبل، لتسجل جملة مدفوعات الفوائد لخدمة الدين المحلي والخارجي 1.1 تريليون جنيه مقابل 775 مليار جنيه العام المالي الحالي بزيادة نحو 45%.
العمل على خفض الدين
وبحسب مصادر حكومية مسئولة تحدثت لـ"الرئيس نيوز"، فإن الديون بالفعل تشكل جانبا هاما من الأزمة الراهنة، بسبب استحقاقات الديون وصعوبة الاقتراض من الخارج في ظل ارتفاع التكلفة ولكن نتحرك في الملف في حدود الأوضاع الراهنة ودون أن يؤثر ذلك على التزامنا بالجدول الزمني لسداد الاستحقاقات.
وأكدت المصادر، العمل على خفض الدين، وبالتالي خفض مدفوعات الفوائد التي تمثل عبئا كبيرا على الموازنة من خلال تنويع مصادر الدين والاقتراض من بدائل منخفضة التكلفة ومنخفضة العائد، مثل التمويل الأخضر الموجة لمشروعات مستدامة، والمضي قدما في إصدار سندات الباندا الصينية، والمرحلة الثانية من سندات الساموراي اليابانية.
مد أجل الديون
وترى المصادر، أن العمل على مد أجل عدد من الديون المستحقة سيكون له انعكاسًا على تراجع الالتزامات المستحقة مع تنويع الدين العام لخفض التكلفة.
وقالت إن تعويم العملة وخفض الجنيه مقابل الدولار له الكثير من النتائج على ارتفاع الدين العام الخارجي وليس كثرة الاقتراض.
مبادلة الديون
ونجحت الحكومة بالفعل في تطبيق آلية مبادلة الديون مع الاتحاد الأوروبي منها اتفاق بقيمة 100 مليون دولار مع إيطاليا بغرض إقامة مشروعات تنموية بقيمة تلك المديونية.
وقال مدحت نافع الخبير الاقتصادي، إن أزمة الديون وارتفاعها أحد أهم التعقيدات التي تواجه الموازنة الجديدة رغم واقعيتها.
وأكد نافع لـ"الرئيس نيوز"، أن الأمل في الصادرات والإنتاج وجذب الاستثمارات وهو ما سيمكن من تقليل تأثير التزامات الديون.
وقال: “إذا كان المستثمر الأجنبي يعزف عن الاستثمار في مصر لأن خسائر فرق العملة التي يحققها في نهاية الفترة تأكل معظم أرباحه أو حتى من رأسماله، فمن الأفضل أن تكون البدائل المطروحة محفّزة بإعادة استثمار إيراداتها داخل مصر عوضًا عن التحويل الى الخارج، وهذا يتطلب بيئة استثمارية متكاملة مشجعة لاستقرار المستثمر بشكل مادي داخل الدولة، كما يستلزم وضع مخطط استثماري مترابط ومتكامل أفقيًا ورأسيًا مع ضمان مساهمة المستثمر في صناعة القرار الاستثماري محليًا في الموطن الذي يساهم في تنميته وتطويره”.
ضبط الإنفاق
واعتبر نافع أن ضبط الإنفاق وإعادة ترتيب الأولويات هو الحل الأسرع لتقليل الالتزامات وضغط فجوة العجز.
وقال: "علينا تحمل تكلفة الاقتراض المرتفع للعبور من الأزمة وتوجيه الطاقات للإنتاج الصناعي والزراعي وزيادة الصادرات، والعمل على زيادة إيرادات السياحة لزيادة الدخل القومي مع تشجيع الاستثمار الأجنبي.
هل فكرة المطالبة بإسقاط الديون نافعة؟
في التسعينيات كان لدينا تجربة بإسقاط 50% من ديونا، وجدولة النسبة الباقية لدى دول نادي باريس، فهل يمكننا تكرار ذلك؟.
قال الدكتور هشام إبراهيم الخبير المصرفي، إن هناك صعوبة في تنفيذ نفس السيناريو كحالة منفصلة، ولكن كمبادرات فعلية تخص الدول النامية.
وأكد إبراهيم لـ"الرئيس نيوز"، أن الوضع “ليس كارثي” في ظل عالم تجتاحه أزمات أصعب كأمريكا التي بدأت تحاوطها أنباء عدم القدرة على الوفاء بالتزامات الديون.
وشدد على ضرورة العمل على تنشيط مصادر النقد الأجنبي، ومواجهة العجز في الموازنة من خلال السياحة والاستثمارات والصادرات.