الانتخابات التركية.. الغضب واليأس يخيمان على مناطق الزلازل
في محطة للحافلات في أنطاكيا، المدينة التي دمرها الزلزال المدمر في تركيا، رصد مراسلو الصحف الغربية مظاهر الاستياء فلا تزال المشاعر قاسية.
وينقسم الناخبون حول الانتخابات المحورية بالنسبة لتحديد المسار السياسي للدولة في السنوات المقبلة.
ورصد مراسل صحيفة "صن دايلي" الأحوال المعيشية الصعبة لعائلات انهارت منازلها جزئيًا في الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة في فبراير، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 50 ألف شخص وأثار موجة من الغضب بسبب تأخر الحكومة في أعمال الإنقاذ والتعافي من آثار الكارثة.
ومثل كثيرين آخرين أجبروا على الفرار من ديارهم في البلاد بالقرب من الحدود السورية، عاد أصخاب المنازل المهدمة للمشاركة في أكبر انتخابات رئاسية تشهدها تركيا في العصر الحديث.
ونقل المراسل عن المواطن التركي "متين يانر" وزوجته "زبيدة" قولهما إنهما سيصوتان لصالح كمال كيليجدار أوغلو، منافس رجب طيب أردوغان، الذي تقاتل حكومته ذات الخلفية المنغمسة في ثقافة الإسلام السياسي من أجل حياتها السياسية.
وأضافت الصحيفة أن هذه الانتخابات بالغة الأهمية وينظر المواطنون الأكثر تأثرًا بالزلزال.
ووفقًا لتقرير نشرته “فرانس برس” فإن هذه الانتخابات على أنها "أمل متجدد" لعائلاتهم التي حرصت على الانتظار قبل ساعات من فتح اللجان الانتخابية بعد أن اجتازت رحلة بالحافلة لمدة خمس ساعات.
وفي متجره الصغير المكدس بزجاجات المياه والعبوات والبطاريات التي تباع للمسافرين الذين يعانون من ضغوط حياتية طويلة، لا يطيق صاحب المتجر، البالغ من العمر 55 عامًا، الانتظار وأصبح على أهبة الاستعداد ليقول كلمته في الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
وأضاف: "خلال الزلزال، تخلت عنا الدولة، وفي الأيام الثلاثة الأولى، لم يأت أحد لمساعدتنا أو تقديم العون لنا"، ورفض الرجل ذكر تفضيله في التصويت، راغبًا في إبقائه سرًا وقال: "لكنني سأصوت بما يمليه عليّ ضميري".
بصيص أمل
لا يتردد كثيرون في إظهار دعمهم العلني لكيليجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري ورئيس تحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب الذي يسعى إلى إنهاء أكثر من عقدين من حكم أردوغان شاب، يبلغ من العمر 21 عامًا، اضطر للعيش في خيمة مع والديه منذ ثلاثة أشهر، معربًا عن أسفه لمدى صعوبة الحياة منذ الزلزال والأزمة الاقتصادية التي يقول الخبراء إنها تفاقمت بسبب سياسات أردوغان غير التقليدية فيما يتعلق بخفض سعر الفائدة، ومع تفاقم صعوبة الموقف والثعابين التي يراثها في كل ركن حول الخيمة وفي الشوارع، لا يخشى الشاب أن يؤدي تغيير القيادة إلى إعاقة جهود إعادة الإعمار الضخمة.
وصرح لوكالة فرانس برس قائلًا: "إن كلا المرشحين يستطيعان إعادة الإعمار، فأيًا كان الفائز سيمثل الدولة" وعلى مسافة قصيرة، وأقام حزب الشعب الجمهوري قيادته الإقليمية تحت أربع خيام كبيرة أقيمت على طول طريق رئيسي - ولم يسلم مقره من الزلزال أيضًا.
وقال هاكان ترياكي، رئيس حزب الشعب الجمهوري في مقاطعة هاتاي، وعاصمتها أنطاكيا، إن "تغيير الحكومة هو بصيص الأمل الوحيد" للسكان، على الرغم من وعود أردوغان بإعادة الإعمار السريع.
وقالت فرانس برس في تقريرها: "أدى الغضب الشعبي واسع النطاق من استجابة الدولة البطيئة للمأساة إلى اعتقاد ترياكي بأن العديد من ناخبي هاتاي البالغ عددهم مليون شخص سيصوتون بشكل مختلف هذا العام" وحتى في الانتخابات الرئاسية لعام 2018، فاز أردوغان بنسبة 48.5 في المائة من الأصوات في المحافظة - أي أقل بأربع نقاط من المعدل المسجل على المستوى الوطني.
وقال ترياكي إن أولئك الذين كانوا ينتمون إلى حزب العدالة والتنمية التابع لأردوغان يرون الآن أنه الحزب"قتل" أحبائهم ويبذل الناخبون قصارى جهدهم ليأتوا ويدلوا بأصواتهم وهناك مرضى يؤجلون علاجهم وقال "إنهم يعتمدون على كل شيء في هذه الانتخابات".
مقاطعون ومؤيدون
لكن بالعودة إلى محطة الحافلات في أنطاكيا، فإن الغضب من أسلوب تعامل الحكومة مع الزلزال لن يحفز بعض السائقين على معاقبة أردوغان وحزب العدالة والتنمية في صندوق الاقتراع – فعدد كبير من السائقين قرروا مقاطعة الانتخابات، ومن بينهم سائق قال للوكالة الفرنسية: "فقدت خمسة من أفراد عائلتي وهل للأحزاب علاقة بهم؟ تصويتي لن يعيدهم إلى الحياة".
وفي المقابل، قالت المواطنة "كانسل دوجرويل" إنها كانت تفكر في التصويت لأردوغان، تمامًا كما فعلت في عام 2018 متحدثةً للمراسلين من تحت خيمتها وهي تحمل طفلها الصغير بين ذراعيها، واعترفت بأنها لا تتابع الحملة الانتخابية.
وأضافت: "لا نعرف ما يقوله المرشحون، ليس لدينا تلفزيون أو هاتف، اضطررنا للانتظار لأسابيع حتى حصلنا على خيمة ولم تكن الدولة هي التي أعطتنا إياها"، وهي كالكثيرين اعتادوا على أردوغان في السلطة منذ عام 2003.