عودة سوريا إلى بيت العرب.. دبلوماسيون: قرار أثبت إصرار الدول العربية على "لم الشمل"
أكد دبلوماسيون مصريون سابقون، أن اتفاق وزراء الخارجية العرب، خلال اجتماعهم الأحد بالقاهرة، على رفع التجميد المفروض على عضوية سوريا بجامعة الدول العربية منذ عام 2011، قرار "طال انتظاره"، وأثبت إصرار الدول العربية على "لم الشمل" وتوحيد الصف وإعلاء المصلحة العليا للأمة العربية.
وأجمع الدبلوماسيون -بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط- على أن استئناف مشاركة وفود سوريا في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، سيدفع إلى مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية لمساعدة دمشق على الخروج من أزمتها، كما سيسهم في الحد من التدخلات الأجنبية بالمنطقة العربية.
السفير علي الحفني، نائب وزير الخارجية السابق، أكد أن قرار عودة سوريا لشغل مقعدها داخل الأسرة العربية، أسعد كل مواطن عربي، وعكس إجماع البلدان العربية على تفعيل الدور العربي في الملف السوري، وعلى وحدة الصف وضرورة رأب الصدع لتجاوز التحديات ومواجهة الأزمات وتحقيق الأمن والاستقرار بالوطن العربي.
ونوه السفير الحفني إلى أن هناك صحوة داخل جامعة الدول العربية في طريقة تناول البلدان العربية لحل الأزمات والمشكلات، معتبرًا قرار استعادة دمشق لمقعدها بأنه الأصلح لسوريا وللعرب جميعًا، مشددًا في هذا الصدد على أهمية تسوية أزمات المنطقة من خلال حلول عربية والحد من تدخلات الدول الأجنبية.
ولفت نائب وزير الخارجية السابق إلى أن مصر كانت دائمًا على قناعة بضرورة وأهمية عودة سوريا لممارسة دورها الطبيعي بمجلس الجامعة، وبذلت الكثير من المساعي والجهود في هذا الشأن، مذكرًا كذلك بدور القاهرة الكبير في استضافة اللقاءات والحوارات بين الأشقاء السوريين في محاولة لإيجاد حل سياسي يضمن وحدة وسلامة الأراضي السورية.
فيما رأى السفير منير زهران، رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية السابق، أن قرار مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري بشأن كسر عزلة سوريا وإعادتها لحضن العرب كان لابد من اتخاذه منذ وقت طويل، قائلًا إنه لا يصح إلا الصحيح ولا يجب أن تترك دولة عربية تواجه أزمة وحدها.
وأضاف أن استئناف دمشق لنشاطها بالجامعة سيساعدها على تصحيح الأوضاع تدريجيًا ومواصلة الجهود العربية التي من شأنها إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة على مدار السنوات الماضية مع إعادة التأكيد على الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا واستقلالها وسلامتها الإقليمية.
وتابع السفير منير زهران أن هذا القرار يعيد "لم الشمل" والوحدة العربية، ويعمل على تهيئة الأجواء والتحرك نحو مسار التسوية السياسية الشاملة في سوريا، كما يؤكد على إعادة تفعيل الدور العربي القيادي في جهود حل الأزمات بالوطن العربي.
من جانبه، اعتبر السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن قرار عودة سوريا للجامعة العربية يمثل نقلة نوعية في أسلوب تعامل "النظام العربي" مع التغييرات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط والخليج خلال السنوات القليلة الماضية، قائلًا: "ولعل أهمها إدراك الأطراف العربية المعنية أن هذه التغييرات تتطلب تعزيز التضامن العرب، والعمل العربي المشترك من أجل إيجاد حلول عربية للأزمات العربية بعيدًا عن التدخلات الخارجية، فضلًا عن الجهود السعودية/الإيرانية المشتركة الرامية إلي إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما".
وأضاف أن الأوضاع السياسية داخل سوريا تغيرت هي الأخرى خاصة في ضوء سيطرة الحكومة السورية على المزيد من الأراضي السورية باستثناء بعض أجزاء من الشمال الشرقي والشمال الغربي، مشيرًا إلى أن تدخل الأطراف غير العربية في الملف السوري كان يحتم ألا تترك سوريا وحيدة وألا تكون الدول العربية بعيدة عن التطورات في المشهد السوري.
السفير أيمن مشرفة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، وسفير مصر بتونس والجزائر سابقًا، قال إن عودة دمشق للحاضنة العربية ستقلل من تأثير الدول الإقليمية والقوى الخارجية التي لها مصالح وأجندات خاصة بمنطقتنا.
وشدد على أن سوريا جزء لا يتجزأ من العالم العربي وكانت على مدار الـ12 عامًا الماضية الحاضر الغائب من خلال اجتماعات الجامعة العربية والمقترحات المتتالية لعودتها والجهود التي بذلت من أجل إيجاد حل للأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري الشقيق.
ونوه السفير مشرفة إلى أن مصر من أوائل الدول التي كانت تدعم وتحث على عودة سوريا لشغل مقعدها بالجامعة العربية من خلال جهود استثنائية، بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي، قام بها وزير الخارجية سامح شكري لتهيئة الأجواء العربية لاتخاذ هذا القرار الحكيم من مجلس الجامعة.
من جهته، وصف السفير أحمد درويش، سفير مصر السابق بالعراق، عودة دمشق للجامعة العربية بالبداية الجيدة في اتجاه حل الأزمة السورية ولم الشمل العربي، موضحًا أن سوريا المستقرة والقوية هي إضافة مهمة للأسرة العربية وكما كانت دومًا قبل تجميد عضويتها أحد أهم عناصر العمل العربي المشترك والأمن القومى العربي الذي يشهد حاليًا تحديات جسام.
واعتبر أن قرار استعادة سوريا لمقعدها بجامعة الدول العربية تأخر كثيرًا بسبب الظروف الدولية وتدخل دول أخرى أجنبية في إذكاء الصراع والفتن داخل سوريا بغية إضعافها باعتبارها قوة كبيرة عسكرية واقتصادية للعرب جميعًا، محذرًا من المعارضين لقرار استئناف مشاركة دمشق لنشاطها بمجلس الجامعة العربية لاسيما بعد أن عملوا على تفرقة الشعب السوري واستهداف الوحدة العربية.
وأضاف أن عودة سوريا ستسهم بمساعدة المخلصين من قادة الوطن العربي في إيجاد تفاهمات قد تؤدي إلى انفراج الأزمة ووضع الجميع على بداية الطريق لإيجاد حلول قابلة للتنفيذ وتحظى بتوافق آراء الأطراف المعنية.
واختتم السفير أحمد درويش بالإشادة بموقف ودور مصر الفعال والنشيط في إعادة سوريا لأحضان الوطن العربي، والذي تمثل قبل وبعد سفر وزير الخارجية سامح شكري لدمشق وكذا زيارة فيصل المقداد وزير الخارجية السوري للقاهرة، مؤكدًا أن مصر ستسعى جاهدة لتقريب وجهات النظر وستكون قاطرة للجهود العربية الرامية إلى تحقيق الوحدة العربية وحل الأزمة السورية.