عاجل| "فيتش" تتوقع انخفاضًا جديدًا في قيمة الجنيه خلال الفترة المقبلة
خفضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، تصنيف مصر الائتماني طويل الأجل إلى "B" بدلًا من "+B" مع نظرة مستقبلية سلبية.
واستندت "فيتش" في خفض تصنيف قدرة مصر على الوفاء بالالتزامات طويلة الأجل بالعملة الأجنبية (IDR) والنظرة المستقبلية السلبية إلى زيادة مخاطر التمويل الخارجي في ضوء احتياج البلاد إلى تمويلات خارجية مرتفعة، مع صعوبة شروط الحصول عليها.
يأتي ذلك على خلفية حالة من الغموض الشديد وعدم اليقين في مسار أسعار الصرف، وتراجع احتياطيات السيولة الخارجية.
أشارت الوكالة -في بيان لها- إلى مخاطر تدهور الثقة إذا تأخر انتقال البلاد إلى سياسة مرونة أسعار الصرف، والذي ربما يؤدي أيضًا إلى تأخر تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي.
أخذ التقييم في اعتباره أيضًا تدهور مؤشرات الدين العام، بما في ذلك نسبة تكلفة فوائد الديون إلى إيرادات الحكومة، والتي قالت المؤسسة إنها تشكل خطرًا على استدامة الديون في المدى المتوسط إن لم يتم تعديلها.
وتعكس حالة الغموض بشأن قدرة البلاد على تغطية احتياجاتها التمويلية الخارجية، في نظر "فيتش"، ضعف ثقة الأسواق في نظام إدارة سعر الصرف الجديد لدى البنك المركزي المصري والتي تقول إنه عرقل تدفق العملة الأجنبية للبلاد.
لاحظت "فيتش" عودة أزمة العملة الأجنبية في فبراير 2023، وسط ثبات أسعار الصرف، ثم تدهور قيمة العملة المصرية عدة مرات متتالية حتى انخفضت بنسبة 50% تقريبًا أمام الدولار مقارنة مع بداية عام 2022.
وعزت الوكالة ذلك إلى تردد المستثمرين في دخول أسواق العملة الأجنبية في ضوء الغموض الذي يحيط بمستوى أسعار الصرف وتدخل بنوك القطاع العام بصورة قوّضت الثقة في تبني نظام مرونة سعر الصرف.
وتوقعت "فيتش" مزيدًا من تراجع قيمة العملة المصرية قبل أن تستقر في السنة المالية التي تنتهي في يونيو 2024.
كما توقعت أن تواجه مصر صعوبة في تأمين احتياجاتها من التمويل الخارجي في السنة المالية 2024، وأرجعت ذلك إلى زيادة قيمة الديون الخارجية التي تستحق السداد فيها إلى 7.2 مليار دولار مقارنة مع 4.3 مليار دولار في السنة المالية 2023.
في نفس الوقت، توقعت "فيتش" أن تنخفض نسبة العجز في الحساب الجاري إلى 3.3% من إجمالي الناتج المحلي (نحو 12 مليار دولار) في العامين الماليين الحالي والمقبل، مقارنة مع 3.5% (أو ما يزيد على 16 مليار دولار) في السنة المالية 2022، بسبب تحسن إيرادات السياحة ومتحصلات قناة السويس.
لاحظت "فيتش" ضعف احتياطي السيولة الخارجية في مصر بعد تدهورها بشكل ملحوظ في عام 2022، غير أنها أشارت إلى بداية تحسن إجمالي الاحتياطيات الرسمية إلى 34.4 مليار دولار في نهاية مارس 2023 مقارنة مع 33.1 مليار دولار في أغسطس 2022 (وكان احتياطي البلاد من النقد الأجنبي قد سجل 42 مليار دولار في فبراير 2022).
وقالت الوكالة إن تحسن أرقام الاحتياطي الأجنبي جاء بعد سماح البنك المركزي المصري بانخفاض قيمة الجنيه في أكتوبر 2022 ويناير 2023، غير أن قيمة الأصول الأجنبية في البنك المركزي والبنوك التجارية تدهورت مرة أخرى في بداية العام إلى سالب 24.5 مليار دولار في مارس 2023 مقابل سالب 20 مليار دولار في ديسمبر 2022.
وتوقعت "فيتش" زيادة ديون الحكومة العامة إلى 96.7% من إجمالي الناتج المحلي في السنة المالية 2023، مقارنة مع 86.6% في السنة المالية الماضية.
أرجعت الوكالة ذلك بشكل رئيسي إلى الأثر التضخمي لانخفاض قيمة العملة على نسبة الدين الخارجي من إجمالي الناتج المحلي، رغم أنها توقعت أيضًا أن تساعد أسعار الفائدة السلبية على تخفيض نسبة الديون من إجمالي الناتج المحلي إلى 87.3% بنهاية السنة المالية 2024، معلقة بأن ارتفاع مستوى الدين العام في مصر ما زال يمثل نقطة ضعف مهمة في تصنيفها الائتماني.
ولاحظت "فيتش" أيضًا أن ارتفاع مدفوعات فوائد الديون يمثل تهديدًا لاستدامة الدين العام، متوقعة أن تتجاوز نسبتها 54% من إجمالي إيرادات الحكومة في السنة المالية 2024، وهي واحدة من أعلى نسب خدمة الديون بين الدول في تصنيفات "فيتش".
بالنسبة إلى معدل التضخم، توقعت الوكالة وصوله إلى 24% في السنة المالية 2023 قبل أن ينخفض بوتيرة منتظمة إلى 18% في السنة المالية 2024 بسبب تأثير سنة الأساس.
وأضافت أن التضخم، ونقص العملة الأجنبية، وتقشف السياسة المالية، وعدم اليقين بشأن أداء الاقتصاد، كل ذلك سيؤثر سلبًا على معدل النمو، الذي سيتباطأ إلى 4% في نهاية السنة المالية الحالية مقارنة مع 6.6% في 2022، قبل أن يتعافى إلى 4.5% في العام المالي 2024.
يُذكر أن وكالة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني عدلت نظرتها المستقبلية لمصر في أبريل الماضي من مستقرة إلى سلبية، وأبقت على تصنيف الديون المصرية طويلة الأجل بالعملة الأجنبية عند مستوى "B".
وأشارت الوكالة إلى أن تأخير الإصلاحات الهيكلية وتلك المرتبطة بمرونة سعر الصرف ما زال يضغط على قيمة الجنيه المصري، مما يرفع مخاطر تخفيض العملة بشكل حاد على الحكومة والاقتصاد، فضلًا عن ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة.