"فايننشال تايمز": هل فقد الدولار عرشه في عالم الاحتياطيات النقدية؟
أكدت صحيفة فايناننشال تايمز البريطانية أن الدولار الأمريكي بات يمثل أقل من نصف إجمالي الاحتياطيات النقدية العالمية في الآونة الأخيرة، وعلى الرغم من أن الغرب يميل إلى التشكيك في احتمالات توديع الدولار لمكانته السابقة، بل ويعتبرها البعض مجرد "ثرثرة"، حيث تتمتع العملة الأمريكية بتأثيرات قوية على شبكة المصالح النقدية عبر العالم، إلا أن لكن أحدث ملاحظات للخبير الاقتصادي "ستيفن جين" تثير بعض النقاط المثيرة للاهتمام والجديرة بالدراسة.
وقالت الصحيفة إن جين هو محلل عملات معروف ومشهود له بالكفاءة والبراعة فقد اشتهر في بنك مورجان ستانلي بصياغة نظرية "ابتسامة الدولار"، التي تفترض أن العملة الأمريكية تميل إلى العمل بشكل جيد عندما يكون الاقتصاد في حالة ازدهار أو انتعاش وهو يدير الآن الأموال في شركة يوريزون، ولا يزال ينشر أحيانًا أبحاثًا عن عالم المال وأداء العملات.
ويعتقد جين في أحدث دراساته أن الدولار الأمريكي "عانى من انهيار مذهل" كعملة احتياطية، وتسارع ذلك الانهيار على ما يبدو بعد قرار واشنطن بممارسة سيطرتها على النظام المالي الدولي القائم على الدولار ضد روسيا ويقدّر جين أنه إذا قمت بالتكيف كما ينبغي مع تغيرات الأسعار، فإن حصة الدولار من العملات الاحتياطية العالمية الرسمية قد انتقلت من حوالي 73 في المائة في عام 2001 إلى حوالي 55 في المائة في عام 2021 ثم، في العام الماضي 2022، انخفض هذا الرقم إلى 47 في المائة من إجمالي الاحتياطيات العالمية.
وتابعت الصحيفة: “يفقد الدولار الأمريكي حصته في السوق كعملة احتياطية بمعدل أسرع بكثير مما يُعتقد عمومًا. بعد الانخفاض المستمر في حصته في السوق العالمية خلال العقدين الماضيين، وفقد الدولار في عام 2022 حصته في السوق بوتيرة أسرع بعشر مرات وأخفق غالبية المحللين في اكتشاف هذا التغيير الكبير لأنهم يحسبون القيمة الاسمية لممتلكات البنوك المركزية بالدولار في العالم دون مراعاة التغيرات في سعر الدولار ومن أجل تعديل هذه التغيرات في الأسعار، ينبغي حساب كيف الدولار قد فقد حوالي 11 في المائة من حصته في السوق منذ عام 2016 ومضاعفة هذا المبلغ منذ عام 2008”.
وتسارع هذا التآكل في وضع العملة الاحتياطية الذي تمتع به الدولار الأمريكي بشكل حاد منذ بداية الحرب في أوكرانيا وقد أذهلت الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد روسيا الدول الكبيرة التي تحتفظ باحتياطيات، ومعظمها من جنوب الكرة الأرضية بما في ذلك أستراليا ونيوزيلاندا،و بدون الحاجة إلى اتخاذ موقف محايد في هذا النقاش حول أوكرانيا، يبدو من المعقول التكهن بأن الدافع الرئيسي لانهيار حالة الاحتياطي القوي التي كان الدولار الأمريكي يتمتع بها وتضاعف ذلك الانهيار في عام 2022 ربما يكون ذلك انعكاس لنوع من رد الفعل المذعور لتعرض حقوق الملكية للخطر فما شهدناه في عام 2022 كان نوعًا من لحظة "إلغاء تمويل دور الولايات المتحدة كـ"شرطي العالم"، حيث اختلف العديد من مديري الاحتياط في العالم مع سلوك كل من روسيا والولايات المتحدة.
وشككت الصحيفة في التقارير التي تتحدث عن استخدام الدولار كسلاح مشوش بسبب حقيقة أن المستفيدين الرئيسيين هم الين واليورو - اللذان ارتفعت حصتهما السوقية الاحتياطية المعدلة حسب الأسعار بنسبة 5 في المائة في عام 2022.