متابعة الأوضاع على الأرض.. اشتداد القتال في الخرطوم والفوضى "قد تعم" البلاد
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أنباء عن سقوط عشرات الضحايا نتيجة القتال الدائر بين الفصائل العسكرية المتنافسة من أجل السيطرة على العاصمة السودانية الخرطوم، وزادت الاشتباكات من تهشيم الآمال في الانتقال في وقت قريب إلى الحكم المدني.
ونشرت الصحيفة صورًا توضح تصاعد أعمدة الدخان فوق المباني السكنية في الخرطوم، نتيجة الاشتباكات الدائرة اليوم الأحد، امتدادًا للقتال الذي اندلع أمس السبت.
جدير بالذكر أن القتال يدور في العاصمة الخرطوم وسط المناطق السكنية حيث يوجد للجانبين المتقاتلين مقرات ومكاتب وقواعد، مما يعرض المدنيين لمزيد من الخطر.
واشتد القتال في أنحاء العاصمة السودانية منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الأحد، بعد أن تصاعدت التوترات المتراكمة على مدى شهور بين فصائل القوات المسلحة في البلاد فجأة ليتحول الأمر في نهاية المطاف إلى معركة شاملة، مما يبدد الآمال المتبقية في الانتقال إلى حكم مدني.
وبحلول صباح الأحد، لم يتضح من يسيطر على السودان الآن، حيث زعمت القوات المتنافسة أن في قبضتها منشآت عسكرية ومدنية رئيسية في حين اختبأ سكان العاصمة في منازلهم طوال الليل مع دخول القتال يومه الثاني وقُتل ما لا يقل عن 56 شخصًا وأصيب قرابة 600، معظمهم في الخرطوم.
ووردت تقارير عن معارك في جميع أنحاء البلاد، وفي حي المرات بالقرب من مطار الخرطوم، بقيت عائلات متجمعة في منتصف منزلهم صباح الأحد لتجنب أي رصاص قد يخترق النوافذ.
وذكرت شاهدة عيان اتصلت بها “نيويورك تايمز” عبر الهاتف بينما كانت تحلق طائرة مقاتلة في الجوار: "لا نعرف ما الذي يحدث، والشوارع فارغة تمامًا ولا يمكنك حتى سماع صوت الكلاب الضالة، فالصوت الوحيد هو صوت الرصاص والانفجارات والطائرات المقاتلة والرائحة الوحيدة في الهواء هي رائحة البارود والرماد ".
وعلى وقع الفوضى التي تمثل منعطفًا ينذر بالخطر على السودان، أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بيانًا صباح الأحد يدين العنف ويحث الجانبين على استئناف المحادثات – في حالة توافق لافتة ومثيرة للاهتمام بل ونادرة الحدوث في حد ذاتها بالمجلس الأممي في الوقت الراهن بينما يواجه الأعضاء الخمسة الدائمون في المجلس طريقًا مسدودًا بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا وتشتد الخلافات بينهم بسبب ما يجري في أوكرانيا، إذ لم يتمكن المجلس المكون من 15 عضوًا من الاتفاق على الكثير، مع الصين وروسيا، وهما عضوان دائمان، مما عرقل معظم بيانات المجلس في الآونة الأخيرة.
وتحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين مع نظرائه في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وقالوا إنهم جميعًا متفقون على الحاجة إلى مفاوضات ووقف فوري للقتال وامتدت الاشتباكات التي اندلعت في قاعدة عسكرية بالعاصمة الخرطوم، السبت، إلى القصر الرئاسي والمطار الدولي ومقر الإذاعة الحكومية وتأتي المعارك في أقدس أيام شهر رمضان الذي ينتهي في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.
وأكد بلينكين أنه يجب على الجانبين إنهاء القتال على الفور، وأن السبيل الوحيد للمضي قدما هو من خلال المفاوضات.
وأفاد سكان منطقة نيالا بولاية جنوب دارفور عن اشتباكات عنيفة صباح الأحد بين الجيش وقوات الأمن السريع شبه العسكرية وذكر السكان، الذين تم الاتصال بهم عبر الهاتف، إن الفصيلين يتصارعان للسيطرة على المطار المحلي في دارفور.
وينتشر القتال بسرعة في أنحاء دارفور، المنطقة الغربية المترامية الأطراف التي تغطي مساحة بحجم إسبانيا علمًا بأن دارفور هي بالفعل موطن للعديد من الجماعات المتمردة المدججة بالسلاح والتي يمكن أن تتورط في القتال بشكل أو بآخر ما يزيد المخاوف من فوضى عارمة، ودارفور أيضًا منطقة رئيسية لتعدين الذهب.
ونقلت الصحيفة عن سوبرامانيام جايشانكار، وزير الشؤون الخارجية الهندي، قوله إنه "حزين للغاية لمعرفته بوفاة مواطن هندي في الخرطوم" وأن السفارة على اتصال بالعائلة.
ورفض الجيش السوداني مزاعم أنه فقد السيطرة على منشآت عسكرية رئيسية، ونشر مقاطع فيديو وصور على فيسبوك تظهر أنه يسيطر على منشآت بما في ذلك هيئة الإذاعة العامة.
وفي المقابل أعلنت جماعة الدعم السريع شبه العسكرية إنها استولت على مبنى القيادة العامة للجيش، ومع انخفاض الآمال في الانتقال إلى الديمقراطية وتلاشي الحكم المدني في السودان، يبادر القادة الإقليميون والعالميون بحث الفصيلين العسكريين على التخلي عن أسلحتهم والتفاوض.
وبدأ يوم الأحد مثل يوم السبت، مع عدم استعداد أي من الجانبين للاجتماع لإجراء محادثات وقال الفريق الركن محمد حمدان قائد القوة شبه العسكرية التي تقاتل الجيش لقناة “الحدث”، إنه "لن يكون هناك مفاوضات مع عبد الفتاح البرهان، وليس لدينا اتفاق مع البرهان ويجب أن يستسلم".