الخميس 19 سبتمبر 2024 الموافق 16 ربيع الأول 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

محللو الطاقة يستكشفون الكواليس وراء قرار أوبك+ بتخفيض إنتاج النفط

الرئيس نيوز

من المغري اعتبار خفض الإنتاج المفاجئ بقرار تحالف أوبك+ الصادر في هذا الأسبوع موقفًا جيوسياسيًا، لأن رهانات الاقتصاد الكلي في المملكة العربية السعودية تدعم القرار، كما يقول محللو الطاقة، ووفقًا لتقرير نشره موقع "ماركت ووتش"، إن خفض الإنتاج غير المتوقع الذي أعلنه منتجو النفط في أوبك+ يوم الأحد أدى إلى تعقيد العلاقات المتوترة بالفعل بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية حيث يرى المستثمرون إشارات على موقف جيوسياسي في القرار.

ومع ذلك، يرى بعض محللي السوق أن خفض لإنتاج النفط لم يكن يتعلق بإرسال رسالة إلى واشنطن بقدر ما تتعلق باستقرار أسعار النفط وسط مخاوف من الركود، فضلًا عن حماية موازين العرض والطلب.

وأعلنت المملكة العربية السعودية وأعضاء آخرون في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) يوم الأحد أنهم سيخفضون 1.16 مليون برميل يوميًا من إنتاج النفط اعتبارًا من مايو حتى نهاية عام 2023 ونتيجة لغزوها لأوكرانيا، قالت روسيا إنها ستمدد خفض إنتاجها البالغ 500 ألف برميل يوميًا حتى نهاية العام وفي الأثناء تشكل أوبك وحلفاؤها، بقيادة روسيا، المجموعة المعروفة باسم أوبك +.

وتكهنت بعض التقارير الإخبارية ومحللو السوق بأن الخطوة المفاجئة كانت مدفوعة بالجغرافيا السياسية وعلاقات المملكة العربية السعودية المتوترة مع الولايات المتحدة.

وأعلنت وزيرة الطاقة الأمريكية جينيفر جرانهولم في مارس أن الولايات المتحدة لن تجدد احتياطي البترول الاستراتيجي بسبب الصيانة في موقعين من المواقع الأربعة، وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز، نقلًا عن أشخاص مطلعين على دائرة صنع القرار بالمملكة العربية السعودية، أن الرياض كانت "منزعجة" من هذا التعليق، وأعلنت أوبك + في أكتوبر عن خفض مماثل بمقدار مليوني برميل يوميًا، أي ما يعادل 2٪ من الإمدادات العالمية، قائلة إنه من الضروري الاستجابة لارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وضعف الاقتصاد العالمي ما دفع الرئيس بايدن إلى اتهام السعودية بالانحياز إلى جانب روسيا في محاولة لإحداث أزمة طاقة، بينما تعهد بـ "عواقب" بالنسبة للسعودية لكن هذه المرة، أبدت واشنطن رد فعل أكثر ميلًا للصمت.

وعلق كلاي سيجل، مدير خدمة النفط العالمية في مجموعة رابيدان للطاقة بالقول: "نحن أمام ديناميكيات مختلفة في واشنطن مع هذا الخفض، مقارنة بخفض الإنتاج السابق في أكتوبر الماضي، ففي ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة تعاني من ذلك الغضب المتصاعد بين الحزبين حول كل شيء بدءًا من مبيعات الأسلحة إلى تشريعات إنتاج وتصدير النفط (NOPEC)، حتى الحديث عن إعادة تقييم العلاقة مع المملكة العربية السعودية".

وفشلت العقود الآجلة للنفط في الحصول على دفعة دائمة من تخفيضات الإنتاج في أكتوبر، وانجرفت هبوطيًا إلى ديسمبر ثم حافظت على نطاق تداول جانبي قبل أن تنخفض إلى مستويات منخفضة جديدة الشهر الماضي وقال سيجل إنه على الرغم من أن تصريحات صانعي السياسة كانت أكثر صمتًا بعد إعلان خفض الإنتاج يوم الأحد، إلا أن الخفض يثير احتمال تصاعد التوترات بين واشنطن والرياض في المستقبل القريب.

"تخيل في المستقبل إذا استشهد الاحتياطي الفيدرالي بخفض العرض هذا باعتباره تضخمًا وسببًا لضرورة بقاء سياسة رفع الفائدة لفترة أطول، وهذا بدوره يتسبب في ركود، فإن التوترات بين واشنطن والرياض يمكن أن تعود على نار هادئة" وفقًا لتصريحات سيجل لموقع "ماركت ووتش"
في مقابلة عبر الهاتف.

وقالت هيليما كروفت، رئيسة إستراتيجية السلع العالمية في شركة لآر بي سي كابيتال، إن القرار لم يرحب به بالتأكيد من قبل البيت الأبيض، ولكن خلاصة القول إن واشنطن والرياض لديهما "أهداف أسعار مختلفة لمبادراتهما السياسية الرئيسية". 

وكتبت كروفت أن المملكة العربية السعودية تستعد لتحمل احتكاك متزايد في العلاقات الثنائية منذ زيارة الرئيس بايدن إلى جدة في أغسطس الماضي، عندما لم تحصل واشنطن على زيادة الإنتاج التي كانت تسعى إليها.

يُنظر الآن إلى الولايات المتحدة على أنها مجرد واحدة من عدة شركاء، وأن العلاقة الثنائية مع الصين تزداد أهمية وقالت الرياض إن الصين هي بالفعل الشريك التجاري الأكثر أهمية للمملكة وينظر إلى المستقبل الاقتصادي للبلاد على أنه قد توجه بدرجة أكبر نحو الشرق.

وقالت آن لويز هيتل، رئيسة قسم النفط في شركة وود مكنزي، إن هذه الخطوة ضرورية لأوبك + لتحقيق الاستقرار في السوق بعد أن أدت إخفاقات البنوك الأمريكية الأخيرة إلى إحياء المخاوف من حدوث أزمة مالية وركود عالمي.

ففي مارس، تراجعت العقود الآجلة للنفط إلى أقل من 70 دولارًا للبرميل للمرة الأولى منذ ديسمبر 2021 و"من وجهة نظر أوبك +، تم الخفض لتحريك العودة إلى حيث كانت الأسعار وعاد النفط الآن إلى مستوى 80 دولارًا للبرميل لخام برنت لذا فقد نجح قرار أوبك+ ويبدو أن التخالف كان يعلم أن السوق بحاجة إلى هزة من أجل الخروج من أدنى مستوى في أعقاب إفلاس بنك سيليكون فالي وعدد من البنوك الأخرى.

واستقر خام برنت القياسي العالمي لشهر يونيو عند 84.94 دولارًا للبرميل في بورصة أوروبا للعقود الآجلة أمس الثلاثاء، وهو الأعلى منذ 6 مارس، أما خام غرب تكساس الوسيط لتسليم مايو، فقد سجل 80.71 دولارًا للبرميل في بورصة نيويورك التجارية وكانت هذه أعلى تسوية شهرية منذ 26 يناير، وفقًا لبيانات السوق من موقع داو جونز وقفز كل من خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط بأكثر من 6٪ يوم الاثنين كرد فعل على قرار خفض الإنتاج.

ويعتقد المحللون أن أوبك + خفضت أيضًا الإنتاج بسبب مخاوف من أن نمو الطلب على النفط قد لا يتحقق في النصف الثاني من عام 2023، وتم تصميم هذا القرار بخفض طوعي من قبل مجموعة فرعية من المجموعة الكاملة، لإضافة المصداقية لدعم العرض في محاولة لحماية التوازنات في المستقبل ومن أجل التأكد من تجنب التحرك إلى حالة زيادة غير مرغوب فيها بالعرض الهيكلي، لكنه قرار محفوف بالمخاطر لأنه قد يفرط في تضييق السوق، وقد راهن المتداولون على انتعاش حاد في الطلب على النفط منذ بداية عام 2023 حيث خففت الصين قيود كوفيد -19 وفتحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم في ديسمبر.