عاجل| "المقداد" في القاهرة.. ماذا تعني زيارة وزير الخارجية السوري إلى مصر؟
أعلنت وزارة الخارجية، أن الوزير سامح شكري يعقد اليوم السبت، مباحثات مع نظيره السوري الدكتور فيصل المقداد، في مقر الوزارة بالقاهرة.
وهو ما اعتبره مراقبون استعادة لحرارة العلاقات بين القاهرة ودمشق، خاصة بعد اتصال الرئيس عبد الفتاح السيسي بنظيره السوري بشار الأسد، عقب أحداث الزلزال المدمر 6 فبراير، ليضخ دماء حارة فى العروق السياسية المتيبسة، لتؤكد مصر على دعم الشقيقة سوريا في محنتها، فضلًا عن زيارة وزير الخارجية سامح شكري لدمشق.
وأكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية، زيارة المقداد إلى القاهرة، وقالت إنها في إطار التقارب في علاقات البلدين خلال الأشهر الأخيرة.
وقال مصدر رسمي في الخارجية السورية للوكالة الرسمية: "سيجري خلال الزيارة التي تتم بناءً على دعوة من وزير الخارجية سامح شكري، إجراء مباحثات تتعلق بتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، ومناقشة آخر التطورات في المنطقة والعالم".
تأتي الزيارة، بعد شهر تقريبًا من زيارة شكري إلى دمشق، والتقى خلالها نظيره السوري، كما التقى الرئيس السوري بشار الأسد، ونقل له رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد فيها تضامن مصر مع سوريا بعد الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق شمال غربي سوريا في مطلع فبراير الماضي.
كما أجرى السيسي اتصالًا هو الأول مع نظيره السوري، بعد أيام من وقوع الزلزال، وعرض مساعدة مصر في جهود الإغاثة والإنقاذ.
ملفات اللقاء
يقول الباحث في الشؤون العربية، علي رجب، إن العلاقات المصرية السورية لم تنقطع رغم قرار الرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي بقطع العلاقات مع سوريا، إلى جانب تعليق الجامعة العربية مقعد سوريا في الجامعة.
أكد رجب في تصريحات لـ"الرئيس نيوز" أن تلك العلاقات كانت ممثلة في تبادل المعلومات بشأن الأوضاع الأمنية والتشاور حول تطورات الأزمة السورية، لكن لم يكن هناك تواصل بشكل رسمي معلن بين الرؤساء أو وزراء الخارجية، وتابع: "العديد من التقارير الصحفية السورية أشارت مرارًا إلى لقاءات على مستوى أجهزة مخابرات البلدين".
ولفت رجب إلى أن زيارة المقداد إلى مصر لا يمكن فصلها عن مشهد التصالح الدراماتيكي في المنطقة، ممثلًا في التصالح السعودي الإيراني، ومساعي التصالح بين تركيا ومصر، والتقارب بين إيران ومصر، والتصالح بين تركيا وسوريا، وتابع: "المنطقة ترغب في تصفير المشكلات بعد سلسلة الأزمات الاقتصادية التي خلفها متحور الكوفيد-19 والحرب الروسية على أوكرانيا".
وأشار الباحث في الشؤون العربية، إلى أن تصفير المشكلات في منطقة الشرق الأوسط، يدور بعيدًا عن الفلك الأمريكي، ويتماس في كثير من تفاصيلة مع المصالح الروسية الصينية في المنطقة، لذلك من المؤكد أن أمريكا تراقب المشهد بشكل لحظي، وتبحث عن سيناريوهات مناسبة للتعامل مع تلك التطورات".
وعن أبرز القضايا التي من الممكن أن يناقشها لقاء المقداد وشكري، يقول رجب: "من المؤكد أن ملف دعم مصر لإعادة العلاقات السورية العربية سيتصدر المشهد، وكذلك الملف التركي خاصة في ظل الاحتلال التركي لمناطق واسعة في الشمال السوري، بالتزامن مع رغبة أنقرة في التصالح، وقد تلعب مصر دورًا في ذلك السياق، خاصة وأن مصر تطالب من تركيا مرارًا إنهاء احتلالها للأراضي السورية ووقف انتهاك السيادة العراقية".
وعن احتمالية زيارة للرئيس السوري بشار الأسد إلى مصر، يقول رجب: "لا شيء معلن بشأن ذلك في الوقت الحالي، لكن الطريق ممهد بشكل كامل لحدوث تلك الزيارة، لكن ظني أن الأولوية في الوقت الحالي هي لكسر عزلة سوريا عربيًا وإقليميًا، قبل مايو المقبل الموعد المحدد للقمة العربية التي تستضيفها المملكة العربية السعودية".
ولاتزال قطر والمغرب تعارضان عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وتقول الدوحة إن أسباب القطيعة مع سوريا لا تزال قائمة وليس هناك تطور (في إشارة منها للإصلاح السياسي) يذكر لإعادتها إلى مقعدها.
وقطر من بين الدول التي دعمت الحراك في سوريا وقد اعترف رئيس وزراء قطر الأسبق، الشيخ حمد بن جاسم بأن بلاده لعبت دورًا في دعم الجماعات المسلحة التي تقاتل ضد الدولة السورية. لكن الجيش السوري بدعم من روسيا وإيران تمكن من إعادة الدفة لصالحه، وقد توقفت الأعمال القتالية في البلد العربي المهم، لكن بعد تدمير شبه كامل للبنية التحتية للدولة.
وترغب تركيا في إعادة علاقاتها مع سوريا، بعدما لعبت هي الأخرى الدور الأبرز في تأجيج الصراع الدموي؛ عبر تسهيل حركة الجماعات المسلحة والإرهابية عبر الحدود، إلى جانب استمرار تقديم الدعم اللوجستي لهم، وإذا ما حدث التقارب التركي السوري فمن المؤكد أن أنقرة ستدفع الدوحة وهي حليفتها إلى تغيير موقفها من سوريا.
تجميد العضوية
كانت جامعة الدول العربية جمدت عضوية سوريا منذ نحو 12 عامًا، وخلال تلك الفترة مرت العلاقات المصرية - السورية بمحطات مختلفة تضمنتها لحظة استثنائية عبّر عنها قرار الرئيس الأسبق المنتمي لتنظيم "الإخوان"، محمد مرسي، بقطع العلاقات مع دمشق عام 2013.
لكن بعد إطاحة حكم الإخوان، تطورت العلاقات على مستويات مختلفة. فعلى الصعيد الأمني، زار رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك القاهرة مرتين في عامي 2016 و2018 في لقاءين لم تعلن عنهما مصر رسميًا.
كما رعت مصر إعلان هدنة في ريف حمص في عام 2017، واستضافت أيضًا عددًا من الفصائل السورية التي وقّعت على اتفاق لوقف إطلاق النار عام 2018.