ترامب أمام المحكمة الثلاثاء.. أول رئيس أمريكي سابق يواجه اتهامات جنائية
قالت محامية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، الجمعة، إنه تم استدعاؤه للمثول أمام المحكمة الثلاثاء، بعد أن وجهت هيئة محلفين كبرى اتهامات إليه بشراء صمت الممثلة الإباحية ستورمي دانيلز عام 2016، ليصبح أول رئيس أميركي سابق يواجه اتهامات جنائية.
وأضافت سوزان نيكيليس في بيان: "نتوقع قراءة لائحة الاتهام الثلاثاء"، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وقال محامياه جوزيف تاكوبينا وسوزان نيكيليس إنهما "سيحاربان التهم بقوة"، بينما توقعت محامية أخرى، هي ألينا هابا، تبرئته.
وأكد المدعي العام، الخميس، توجيه الاتهام للرئيس السابق، وأفاد مكتبه بأنه تم الاتصال مع محامي ترمب لـ"تنسيق تسليم نفسه من أجل مثوله لتلاوة الاتهام".
وقال المتحدث باسم مدعي عام مانهاتن ألفين براج، في بيان، إنه "سوف يتم توفير الإرشادات عند اختيار موعد توجيه الاتهام"، مضيفًا أن قرار الاتهام لا يزال مختومًا، في إشارة إلى أن الاتهامات "لا تزال غير معروفة ولا يجوز إعلانها للعامة حاليًا".
وقال مصدران مطلعان لشبكة "CNN" إن ترمب يواجه أكثر من 30 تهمة تتعلق بالاحتيال التجاري في لائحة اتهام من هيئة محلفين كبرى في مانهاتن، فيما رجح محامي الدفاع جو تاكوبينا أن يمثل ترمب أمام المحكمة "في وقت مبكر من الأسبوع المقبل".
ويحقق مكتب المدعي العام مع الرئيس السابق بشأن دوره المزعوم في دفع أموال من أجل شراء سكوت نجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز، والتغطية عليها إبان الانتخابات الرئاسية 2016.
وحذرت "CNN" من أن هذا القرار "سيثير صدمات في جميع أنحاء البلاد"، ما سيدفع بالنظام السياسي الأميركي، الذي لم يشهد من قبل توجيه اتهامات جنائية إلى أحد قادته السابقين، إلى "غمار المجهول".
ترمب: اضطهاد سياسي
من جانبه، شدد ترمب على أنه "برئ تمامًا"، مشيرًا إلى أنه لن ينسحب من سباق الانتخابات الرئاسية المقرر في عام 2024. واتهم براج بمحاولة الإضرار بفرصه في الفوز في الانتخابات على الرئيس الديمقراطي جو بايدن.
واعتبر ترمب أن ما يحدث معه يمثل "اضطهادًا سياسيًا وتدخلًا في الانتخابات على أعلى مستوى في التاريخ".
وقال في بيان: "حتى قبل تأديتي اليمين رئيسًا للولايات المتحدة، شارك الديمقراطيون اليساريون الراديكاليون، أعداء الرجال والنساء الكادحين في هذا البلد، في حملة ملاحقة ضدي.. أنتم تتذكرون ذلك كما أتذكره: روسيا، روسيا، روسيا؛ خدعة مولر أوكرانيا، أوكرانيا، أوكرانيا؛ خدعة الإقالة 1؛ خدعة الإقالة 2؛ غارة مار الاجو غير القانونية وغير الدستورية ؛ والآن هذا".
وأضاف: "الديمقراطيون كذبوا وخدعوا وسرقوا في ظل هوسهم بالسعي للنيل من ترمب، لكنهم الآن فعلوا ما لا يمكن تصوره - توجيه اتهام إلى شخص بريء تمامًا في عمل يمثل تدخلًا فاضحًا في الانتخابات. ولم يحدث هذا من قبل في تاريخ أمتنا، لقد احتال الديمقراطيون مرات لا تحصى على مر العقود، بما في ذلك التجسس على حملتي، لكن تحويل نظامنا القضائي إلى سلاح لمعاقبة الخصم السياسي، الذي يصادف أنه رئيس للولايات المتحدة وإلى حد بعيد المرشح الجمهوري الأبرز لمنصب الرئيس، لم يحدث هذا من قبل أبدًا".
وهاجم الرئيس الأميركي السابق مدعي مانهاتن ألفين براج، ووصفه بأنه "تم اختياره وتمويله من قبل جورج سوروس، وهو وصمة عار"، وقال: "بدلًا من إيقاف موجة الجرائم غير المسبوقة التي تسيطر على مدينة نيويورك، يقوم بعمل قذر لصالح جو بايدن، متجاهلًا جرائم القتل والسطو والاعتداءات التي يجب أن يركز عليها. هكذا يقضي براج وقته!".
وأضاف: "أعتقد أن مطاردة الساحرات هذه سوف تأتي بنتائج عكسية على جو بايدن. فالشعب الأميركي يدرك تمامًا ما يفعله اليسار الراديكالي الديمقراطي هنا. يمكن للجميع رؤيتها. لذا فإن حركتنا وحزبنا - متحدون وقويون - سوف يهزمون ألفين براج أولًا، ثم سنهزم جو بايدن، وسنطرد كل واحد من هؤلاء الديمقراطيين المحتالين من مناصبهم حتى نتمكن من جعل أميركا عظيمة مرة أخرى!".
وبعد فترة وجيزة، ناشد أنصاره تقديم المال من أجل الدفاع القانوني.
وتقول حملة ترمب إنه جمع أكثر من مليوني دولار منذ أن توقع في 18 مارس توقعًا خاطئًا أنه سيُعتقل بعد 4 أيام.
تحقيق براج
وكان مكتب براج أشار في أوائل مارس الجاري إلى أنهم باتوا قريبين من توجيه اتهامات ضد ترمب بعد دعوة الرئيس السابق للشهادة أمام هيئة المحلفين الكبرى التي تباشر التحقيق في مؤامرة شراء السكوت.
وبحسب "CNN"، يشترط القانون في نيويورك إخطار المتهمين المحتملين ودعوتهم للمثول أمام هيئة محلفين كبرى للتحقق من ثبوت الاتهامات، لكن ترمب رفض نهائيًا المثول.
وبدأ التحقيق المستمر منذ فترة طويلة لأول مرة في عهد سلف براج، سي فانس، عندما كان ترمب في السلطة.
ويتعلق الأمر بدفع مبلغ 130 ألف دولار من قبل المحامي الشخصي لترمب آنذاك، مايكل كوهين، لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز في أواخر أكتوبر 2016، قبل أيام من انتخابات الرئاسة، لإسكاتها عن الكشف عن علاقتها المزعومة بترمب قبل عقد من الزمان، لكن ترمب أنكر هذه العلاقة.
وتتمثل القضية التي يدور حولها التحقيق في المبلغ الذي تم دفعه لدانيلز، وسداد هذا المبلغ من قبل منظمة ترمب لكوهين.
ووفقًا لملفات المحكمة في الدعوى الخاصة بكوهين، اعتمد المسؤولون التنفيذيون في منظمة ترمب مبلغ 420 ألف دولار لكوهين لتغطية الـ 130 ألف دولار الأصلية التي قام بسدادها والالتزامات الضريبية ومنحه مكافأة.
وفي عام 2018، نفى ترمب في بادئ الأمر معرفة أي شيء عن المبلغ المدفوع إلى دانيلز. واعترف لاحقًا بتعويض كوهين عن المبلغ الذي وصفه بأنها معاملة "خاصة بسيطة".
والشاهد الأساسي في القضية هو محامي ترمب السابق مايكل كوهين، الذي أصبح عدوه اللدود، وهو الذي دفع المبلغ لستورمي دانيالز عام 2016 وأعيد تسديده له لاحقًا. وبعدما قضى عقوبة بالسجن، تعاون كوهين مع التحقيق اعتبارًا من نهاية 2018 وأدلى بشهادته مرارًا أمام هيئة المحلفين الكبرى.
ويسعى قضاء نيويورك منذ سنوات لتحديد ما إذا كان الرئيس الجمهوري السابق البالغ 76 عامًا أدلى بتصريحات كاذبة، وهو جرم غير فادح، أو خالف القوانين حول تمويل الحملة الانتخابية، وهي جناية، بدفع مبلغ من المال لستورمي دانيالز حتى لا تفضح علاقة تقول إنه أقامها معها عام 2006، وذلك قبل فوزه في انتخابات نوفمبر 2016.
ماذا يعني توجيه لائحة اتهام؟
وفق القانون الأميركي، لا يعني توجيه لائحة الاتهام إلى شخص ما أنه سيخضع للمحاكمة بالضرورة، لكن التهم ستعرض على قاض ليقرر ما إذا كان سيمضي في إجراءات القضية أم لا.
وسيتم التعامل مع ترمب كمتهم، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، لكن من غير المرجح أن يقضي أي وقت في الحبس بانتظار المحاكمة، كما أن مجرد توجيه لائحة الاتهام لن يمنع الرئيس السابق من استكمال حملته للترشج للرئاسة في الانتخابات المقبلة.
ويحتاج الحكم بالإدانة لحكم من هيئة محلفين خلال المحاكمة، بعدها يصدر القاضي قرارًا وفق مواد الاتهام التي لم تعلن حتى الآن، لكن في حال الإدانة، فإن التهم المتوقعة تندرج ضمن الجرائم، وليس الجنح.
الجمهوريون غاضبون
وتلقى ترامب، وهو المرشح الأوفر حظًا لنيل ترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات وفقًا لاستطلاعات الرأي، دعمًا من عدد من منافسيه المحتملين، مثل حاكم فلوريدا رون دي سانتيس، الذي قال إن توجيه الاتهام "منافٍ للقيم الأميركية"، مؤكدًا أن ولايته التي يقيم فيها الرئيس السابق لن تستجيب "لطلب تسليم" من ولاية نيويورك.
واعتبر مايك بنس، نائب الرئيس السابق دونالد ترمب، قرار هيئة المحلفين الكبرى بمثابة "إساءة كبيرة للبلاد"، و"لن يؤدي هذا إلا لمزيد من الانقسام في بلدنا".
وأضاف في مقابلة مع CNN: "أعتقد أن توجيه الاتهام غير المسبوق لرئيس سابق للولايات المتحدة بشأن قضية تمويل الحملات الانتخابية هو بمثابة غضب".
وتابع: "يبدو أن الأمر بالنسبة لملايين الأميركيين ليس أكثر من محاكمة سياسية يقودها المدعي العام الذي ترشح فعليًا للمنصب بناءً على تعهد بتوجيه الاتهام إلى الرئيس السابق"، وفق ما أورده موقع "أكسيوس".
وقال رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي عبر تويتر إن "ألفين براج (مدعي مانهاتن) أضر ببلدنا بشكل لا يمكن إصلاحه في محاولة للتدخل في الانتخابات الرئاسية".
وأضاف: "بينما يقوم بشكل روتيني بالإفراج على المجرمين العنيفين الذين يروعون المواطنين، قام بتحويل نظامنا القضائي المقدس إلى سلاح ضد الرئيس دونالد ترمب".
وقال إن "المواطنين الأميركيين لن يتسامحوا مع هذا الظلم، ومجلس النواب سوف يحاسب ألفين براج على إساءته غير المسبوقة لاستخدام السلطة".
ووصف السيناتور الجمهوري تيد كروز توجيه لائحة الاتهام إلى ترمب بأنه "قمامة"، وأضاف أن "كراهية الديمقراطيين لدونالد ترامب لا تعرف الحدود"، كما وصف اللائحة بإنها "تصعيد كبير في تحويل النظام القضائي إلى سلاح".
ووصف النائب الجمهوري عن ولاية أوهايو ورئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب وأحد رؤساء اللجان الجمهوريين الذين طالبوا براج بالإدلاء بشهادته أمام الكونجرس بشأن التحقيق مع ترمب الأمر على حسابه على "تويتر" بأنه "شائن".
من جانبه، قال السناتور الجمهوري ليندسي جراهام في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، إن لائحة الاتهام "شعوذة قانونية".
وأضاف: "هذا اضطهاد سياسي، إنه مزيج من الكراهية السياسية والمحاكمة الانتقائية "، فيما دعا المشاهدين للذهاب إلى موقع حملة ترمب والتبرع.
وتابع: "لن نستسلم. ترمب سيفوز في المحكمة والانتخابات. إنهم يحاولون تدمير دونالد ترمب، لأنهم يخافون منه في صناديق الاقتراع".
ولكن واحدًا على الأقل من الجمهوريين المعتدلين، وهو دون بيكون، قال لـ"CNN" إنه "يثق في النظام القانوني ويؤمن بسيادة القانون وأعتقد أن لدينا ضوابط وتوازنات وأنا أثق في النظام".
وأضاف: "لدينا قاض. ولدينا محلفون. وهناك طعون. لذلك أعتقد أن العدل سيتحقق في نهاية المطاف. وإذا كان مذنبًا فسيظهر ذلك. وإذا لم يكن، فسيظهر ذلك أيضًا".
ديمقراطيون يعلقون
على مستوى الحزب الديمقراطي، قالت الرئيسة السابقة لمجلس النواب نانسي بيلوسي عبر توتير: "لقد تصرفت هيئة المحلفين الكبرى بناءً على الحقائق والقانون. لا أحد فوق القانون، ولكل فرد الحق في محاكمة لإثبات براءته. نأمل أن يحترم الرئيس السابق بشكل سلمي النظام الذي يمنحه هذا الحق".
وقال تشاك شومر، كبير الديمقراطيين في مجلس الشيوخ: "أحث منتقدي السيد ترمب ومؤيديه على ترك العملية تمضي قدمًا بسلام ووفقًا للقانون".
وقال عضو الكونجرس (الديمقراطي) تيد دبليو ليو (عن لوس أنجلوس)، في بيان، "اليوم لحظة حزينة بالنسبة لأميركا. إن اتهام رئيس سابق يشكل سابقة مروعة؛ والسابقة الوحيدة الأسوأ هي عدم اتهام رئيس سابق ارتكب جريمة".
وأضاف: "يحق لدونالد ترمب، مثل أي أميركي، افتراض البراءة في محكمة جنائية. وسيحتاج المدعون إلى إثبات بما لا يدع مجالًا للشك أن الرئيس السابق ارتكب جريمة أو أكثر من أجل ضمان إدانته. يجب أن ندع أجهزة إنفاذ القانون ونظامنا القضائي يؤدون وظائفهم دون تدخل سياسي".
وقالت النائبة ماكسين ووترز (عن المنطقة 43 في كاليفورنيا): "هكذا، أخيرا تم توجيه التهم إلى ترمب، توقعت حدوث ذلك وتوقعت أن تنال ستورمي دانيلز منه".
وأضافت أن "العدالة تعمل أحيانًا".
وقال النائب أدام شيف (عن الدائرة 30 في كاليفورنيا) إن "لائحة اتهام ترمب هي تأكيد لمبدأ أن لا أحد فوق القانون".
وأضاف في مداخلة مع قناة MSNBC أن "تهديد (رئيس مجلس النواب الأميركي، الجمهوري كيفن) مكارثي بالتدخل في القضية وتعهد ديسانتيس بعدم تسليم ترمب سيجعله ملكًا من نوع ما".
وتابع: "إذا كنا دولة ديمقراطية، فلا أحد يستطيع أن ينتهك القانون مع الإفلات من العقاب.. لا أحد".
ولم يواجه أي رئيس أميركي سابق أو حالي اتهامات جنائية من قبل.
وتولى ترمب الرئاسة من عام 2017 إلى عام 2021، ونجا من محاولتين من الكونجرس للإطاحة به، واحدة بسبب هجوم أنصاره على مبنى الكونجرس، والأخرى بسبب تحقيق استمر لسنوات بشأن اتصالات حملته الانتخابية بروسيا في عام 2016.
ويواجه ترمب أيضا تحقيقين جنائيين. الأول يتعلق بما إذا كان قد حاول بشكل غير قانوني قلب هزيمته في انتخابات 2020 في ولاية جورجيا، والآخر في طريقة تعامله مع وثائق حكومية سرية بعدما ترك منصبه ومحاولاته لإلغاء نتائج انتخابات 2020.