التقارب المصري التركي.. لماذا أصبح الحوار بالغ الأهمية؟
ذكرت صحيفة “دايلي صباح” التركية أن عدم التواصل بين تركيا ومصر على مدار عقد من الزمان ساهم بلا شك في تأجج التوترات بين السعودية وإيران، وتأجج الحروب الأهلية في سوريا واليمن وليبيا، وعدم الاستقرار في لبنان والعراق، وزيادة التعقيد في القضية الفلسطينية.
وأشادت الصحيفة بالجهود الكبيرة للغاية التي بذلها الجانبان من أجل تحسين العلاقات بين أهم فاعليْن في الشرق الأوسط خلال الاجتماع الوزاري المهم الذي عُقد في القاهرة لوزير خارجية البلدين بعد أن انجرف البلدان إلى أقطاب متعارضة في أعقاب الربيع العربي واستطردت الصحيفة قائلة: يكشف التاريخ السياسي بشكل لا لبس فيه أن هناك نمطًا للتفاعلات بين هذين اللاعبين وأن هذه التفاعلات لها أيضًا تأثير كبير على المنطقة بأسرها.
واستعرضت الصحيفة نقاط الخلاف بين القاهرة وإسطنبول في العصر الحديث منذ تمكن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر من منع القوات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية من السيطرة على قناة السويس في عام 1956، مما ساعد على تعزيز شعبيته بشكل لم يسبق له مثيل في طول الشرق الأوسط وعرضه، كان هذا أيضًا العصر الذهبي للعروبة بينما كان يُنظر إلى تركيا الرسمية في المنطقة على أنها "داعمة للإمبريالية الغربية"، وأصبح يُنظر إلى عبد الناصر تدريجيًا على أنه المنقذ للعرب بأسره، من المغرب إلى العراق.
وأشارت الصحيفة إلى الاتحاد بين مصر وسوريا في عام 1958 لتشكيل اتحاد ضم اليمن في نهاية المطاف فتحقق الحلم السياسي الذي لم يتحقق لعدة قرون أخيرًا مع إنشاء الجمهورية العربية المتحدة، لكنه أشار أيضًا إلى زيادة أكبر من أي وقت مضى في القوة السوفيتية في الشرق الأوسط وفي ظل تلك الظروف، اعتمدت تركيا أكثر فأكثر على حلف الناتو، ولكن سرعان ما أعطت حكومتا تركيا ومصر الأولوية لإثبات لشعبيهما أنهما لا يزالان متحدين، لا سيما في موقفهما من القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني واستمر ذلك خلال حكم السادات ومبارك، إلا أنه منذ عام 2013، تجاهلت الحكومتان أهمية السياسة الواقعية خاصة في السنوات العشر الماضية.
وعلى الرغم من حدوث العديد من التطورات التي أثرت على منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، إلا أن حرمان أقوى وأقدم سلطتين في المنطقة من الحوار تسبب في أوضاع رهيبة ليس أقلها تصاعد التوترات بين السعودية وإيران، والحروب الأهلية في سوريا واليمن وليبيا، وعدم الاستقرار في لبنان والعراق والقضية الفلسطينية، التي تطورت إلى بعد جديد، وأصبحت أكثر تعقيدًا بسبب عدم وجود آلية اتصال بين تركيا ومصر.
وترجح الصحيفة في ضوء ما أوضحه التاريخ أن احتمالات حل القضايا الإقليمية تزداد إذا توصلت تركيا ومصر إلى اتفاق مفيد للطرفين ومن الواضح أيضًا أن المواقف المماثلة لتركيا ومصر، ولا سيما بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تحد من تأثير الجهات الخارجية في المنطقة، وبطريقة ما، فإن قدرة القاهرة واسطنبول على التواصل مع بعضهما البعض "كمراكز قوة تقليدية" في الشرق الأوسط هي تطور إقليمي ودولي لكلا البلدين ويجب أن تأخذ المصالح الوطنية الأسبقية على المُثُل أثناء صنع السياسة الخارجية، واعتبارًا من الآن، فإن تحسين العلاقات بين تركيا ومصر إلى مستوى حقبة ما بعد الحرب الباردة قد تحول إلى حاجة ماسة أكثر من كونه خيارًا.