مصر وتركيا تقتربان من استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة
سلط تقرير تحليلي لموقع "فويس أوف أمريكا" الضوء على زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى القاهرة أمس السبت للسعي لاستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين مصر وتركيا على الرغم من دعم أنقرة المستمر لتنظيم الإخوان.
وصرّح جاويش أوغلو، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية المصري سامح شكري، بأن تركيا "تستخدم علاقاتها من أجل تمديد صفقة ممر الحبوب عبر البحر الأسود"، وهي مبادرة تدعمها الأمم المتحدة تسمح بتصدير الحبوب من أوكرانيا"، وتعتزم تركيا مواصلة دورها كوسيط بين موسكو وكييف.
ووفقًا لتحليل "فويس أوف أمريكا"، تشير حقيقة المباحثات بين السفير سامح شكري وجاووش أوغلو انتهاءً بمؤتمر صحفي مشترك إلى حدوث تغيير جذري على مستوى العلاقات بين البلدين بعد ما يقرب من 10 سنوات من تبادل الاتهامات والعلاقات المشوشة بعد الإطاحة بتنظيم الإخوان من السلطة في أعقاب ثورة 30 يونيو الشعبية التي شهدتها مصر.
كما ألمح الدبلوماسيان الكبيران إلى أنه سيتم استعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة قريبًا وسط ذوبان الجليد العام الذي يسود كافة أنحاء الشرق الأوسط والذي كان أبرز تطوراته: الاتفاق الأخير بين إيران والسعودية لاستئناف العلاقات الدبلوماسية التي قطعت في عام 2016.
وكانت إحدى النقاط الرئيسية التي شدد عليها أوغلو في سياق حديثه للصحفيين في القاهرة هي التداعيات الخطيرة للصراع الروسي - الأوكراني والحاجة إلى تجنب صراع أكثر خطورة وربما تهديداتٍ نووية وأشار وزير الخارجية التركي إلى إن أنقرة ضغطت للحصول على موافقة روسيا على تجديد صفقة حبوب البحر الأسود التي تسمح لأوكرانيا بتصدير الحبوب إلى مختلف دول الشرق الأوسط والعالم الثالث، بما في ذلك مصر.
وأضاف جاويش أوغلو أنه بينما تستضيف أنقرة محادثات حول الوضع في محطة الطاقة النووية في زابوريزهزيا الأوكرانية، فإنها تبذل أيضًا جهودًا مع روسيا للسماح بتمديد اتفاقية بيع الحبوب، وكان سفير روسيا لدى الأمم المتحدة قد ألمح إلى أن موسكو وافقت على تمديد الاتفاقية لمدة شهرين بدلًا من 120 يومًا التي تم طلبها.
ورجح تقرير "فويس أوف أمريكا" أن هناك تحركًا على قدم وساق في الشرق الأوسط لتخفيف التوترات التي كانت تختمر بين دول المنطقة - مثل مصر وتركيا - وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حريص بشكل خاص على إظهار قدرته على سد ترميم العلاقات بين الدول المعادية إقليميا ودوليا، ويبدو أن تركيا "تريد أن تقول إننا ورقة مهمة في الشؤون السياسية الإقليمية والدولية، ونلعب دورًا استراتيجيًا مهمًا للغاية في التوسط بين الشرق والغرب، على الرغم من حقيقة أننا نمتلك عضوية حلف شمال الأطلسي، الناتو، يمكننا أن تحدث أيضًا إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عندما لا يستطيع العديد من قادة دول غربية اليوم التحدث مباشرة إلى بوتين"، وفقًا لأستاذ الاجتماع السياسي الدكتور سعيد صادق.
ويعتقد بول سوليفان، محلل شؤون الشرق الأوسط بالمجلس الأطلسي، ومقره واشنطن، أن تمديد اتفاقية ممر الحبوب عبر البحر الأسود يمثل ارتياحًا كبيرًا لمصر، لأن “الحرب الروسية على أوكرانيا تسببت في صدمات كبيرة لأسواق الغذاء والطاقة والسلع وغيرها”.
وأضاف سوليفان: "إن التضخم الجامح في مصر يمكن إرجاع أسبابه الرئيسية إلى الحرب، وقد خلق عبئًا كبيرًا على المصريين وحتى الأمهات والآباء في أحياء الريف يفهمون كيف جعلت الحرب حياتهم أكثر صعوبة"، وتشتري مصر الكثير من الحبوب وزيت عباد الشمس من أوكرانيا وهي أكبر مستورد للقمح في العالم، متقدمة حتى على الصين.
ويعتقد سوليفان أن "الحفاظ على صفقة البحر الأسود أمر مهم لصحة ورفاهية جميع المصريين الذين عانوا من صدمات كافية مؤخرًا ويحتاجون إلى استراحة لالتقاط الأنفاس من أسعار المواد الغذائية وانعدام الأمن الغذائي".
وتعد إعادة العلاقات الطبيعية مع تركيا مهمة لعدة أسباب استراتيجية، من بينها "استغلال العلاقات التركية الجيدة مع إثيوبيا لتخفيف التوترات بشأن سد النهضة"، الأمر الذي تسبب في حالة من القلق في مصر بسبب خشية تعطيل تدفق المياه على نهر النيل.
كما أن التوترات الكامنة بين القاهرة وأنقرة بشأن من يسيطر على أجزاء من ليبيا وموارد الغاز الطبيعي تحت مياه البحر في شرق البحر الأبيض المتوسط جعلت العلاقات بين البلدين متوترة، ولا شك في أن تحسين العلاقات بين البلدين يمكن أن يساهم في تجنب الصراع المحتمل في تلك المناطق أيضًا.