تصاعد المخاوف من تحول التنافس بين أمريكا والصين إلى صراع
كشفت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا مؤخرا عن خطة مشتركة لإنشاء أسطول من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، بهدف مواجهة نفوذ الصين المتزايد في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وقابلت الصين هذه الخطة بتصريح على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها «وانج وين بين»، اعتبر فيه أن الدول الثلاث تجاهلت مخاوف المجتمع الدولي بسعيها وراء «مصالح جيوسياسية أنانية»، بعد الإعلان عن شراء أستراليا 3 غواصات تعمل بالدفع النووي، واصفا الخطوة بأنها «امتداد لعقلية الحرب الباردة»، ومن شأنها التأثير على الاستقرار والأمن العالمي.
وذكرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية أن كلا من الولايات المتحدة والصين تضيفان المزيد من الضغط على علاقتهما الثنائية المتوترة بالفعل، حيث كشف الرئيس الأمريكي «جو بايدن» من جهة عن تفاصيل اتفاقية «أوكوس» الأمنية بين أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة، والتي تهدف إلى مواجهة نفوذ الصين في المحيطين الهندي والهادئ من خلال تزويد أستراليا بغواصات نووية، في حين عزز الرئيس الصيني من جهة ثانية قبضته على السلطة في بلاده، وكشف خلال اجتماعات الدورتين السنوية (أعلى هيئة تشريعية وأعلى هيئة استشارية سياسية) عن مجموعة من التعيينات الجديدة تضمنت وزير دفاع جديدا (مفروض عليه عقوبات من واشنطن)، وألقى خطابا شديد اللهجة اتهم فيه الولايات المتحدة بمحاولة احتواء التنمية في الصين.
فبعد ذوبان اعتبرته المجلة الأمريكية قصيرا وكاذبا للجليد في العلاقات عقب اجتماع ودي بين الرئيسين الأمريكي والصيني في نوفمبر الماضي، لا يبدو أن بكين وواشنطن قادرتان على اتخاذ خطوات هادفة ومستدامة لزيادة الثقة أو تحفيز التعاون بينهما.
بل على النقيض، فإن كلاهما مستعد لمزيد من الإجراءات للتنافس مع بعضهما البعض في المجالات الاقتصادية والعسكرية والتكنولوجية ما يزيد من خطر أن تنتقل المنافسة بسهولة وعن غير قصد، أو حتى عن عمد، إلى صراع.
يذكر أنه قبل بضعة أشهر فقط (لقاء بايدن ونظيره الصيني شي جين بينج)، ساد جو من التفاؤل حول العلاقات الصينية الأمريكية، بعد تدهور شديد في هذه العلاقات بلغ ذروته مع الزيارة التي قامت بها رئيسة مجلس النواب الأمريكي السابقة نانسي بيلوسي إلى جزيرة تايوان.
وحول العلاقات الأمريكية الصينية، قال «كورت كامبل» منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ في ديسمبر الماضي (عقب لقاء الرئيسين في بالي الإندونيسية): «آخر شيء يحتاجه الصينيون الآن هو علاقة عدائية علنية مع الولايات المتحدة. إنهم يريدون درجة من القدرة على التنبؤ والاستقرار، ونحن نسعى إلى ذلك أيضا».
ولكن، هذه النغمة الإيجابية لم تدم طويلا، حيث دفع الغضب حول بالون المراقبة الصيني (الذي تؤكد بكين أنه لأغراض الطقس) وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلى إلغاء رحلة مخططة إلى الصين في اللحظات الأخيرة.
ثم عقد بلينكين اجتماعا وصفته «فورين بوليسي» بـ «الفاتر» مع «وانج يي» رئيس لجنة الشؤون الخارجية في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني (كبير الدبلوماسيين الصينيين)، على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن.