الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

الصين تسعى لتعزيز مكانتها كصانع سلام استثنائي في الشرق الأوسط

الرئيس نيوز

تحاول الصين في الوقت الراهن صياغة صورتها الجديدة كصانع سلام استثنائي في الشرق الأوسط بطموحات عالمية، وفقًا لأحدث تحليل نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، معلقةً على الاتفاق الدبلوماسي بين الرياض وطهران الذي يعزز التوقعات في المنطقة لما يمكن أن تقدمه بكين.

وبعد أيام من التوسط في التقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية، حقق شي جين بينج إنجازًا لافتًا وكانت جهوده مظفرة وصرح أمام الهيئة التشريعية في بكين، أمس الاثنين، بأنه يتعين على الصين "المشاركة بنشاط" في "الحوكمة العالمية" و"إضافة المزيد من الاستقرار والطاقة الإيجابية إلى السلام العالمي، وعمليًا كان إنجاز شي تحولًا حقيقيًا ملموسًا فاجأ الكثيرين في جميع أنحاء الشرق الأوسط وفي واشنطن بعد نجاحه في إقناع طهران والرياض باستئناف العلاقات الدبلوماسية بعد ما يقرب من سبع سنوات، ولكن قد يكون ما كشفه الاختراق الدبلوماسي عن واشنطن أمرًا مهمًا فلم تعد الولايات المتحدة القوة المهيمنة الوحيدة في المنطقة، وثمة استعداد الصين المحتمل لتولي دور سياسي أكبر، والتوسط في صفقات السلام وتشكيل البنية الأمنية كما فعلت الولايات المتحدة من قبل.

ويرى الخبراء الصينيون الانفراجة بين إيران والسعودية كنقطة تحول لا يمكن تجاوزها، وقال فان هونجدا، الأستاذ بمعهد الدراسات الشرقية بجامعة شنغهاي الدولية للدراسات إن مثل هذا الطموح سيمثل تحولا ملحوظا فقد عملت بكين كشريك اقتصادي أساسي في الشرق الأوسط وتضخمت مشترياتها من الطاقة من 3 في المائة من صادرات النفط في المنطقة إلى 30 في المائة على مدى السنوات الثلاثين الماضية، وهي أكبر مشتر للنفط الخام السعودي والإيراني وقد أعطى ذلك الصين نفوذًا كبيرًا كشريك تجاري - أكبر شريك للمملكة العربية السعودية - ومصدر للاستثمار وتعد الصين أيضًا واحدة من القوى الكبرى القليلة في العالم التي تتمتع بعلاقات قوية مع إيران، والتي لم تكن للولايات المتحدة علاقات دبلوماسية رسمية معها منذ عام 1980.

حضر شي قمم مع القادة العرب في الرياض في ديسمبر، واستضاف الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في بكين الشهر الماضي وقال فان "دول الشرق الأوسط تأمل بشكل متزايد في أن تتمكن الصين من تجاوز المشاركة الاقتصادية ويجب أن تساعد في حل المشكلات الأمنية” ولكن بالنسبة للكثيرين في الغرب، سينظر إلى طموح بكين الدبلوماسي المتنامي في المقام الأول على أنه تحدٍ لتفوق الولايات المتحدة في الشرق الأوسط ويأتي الاتفاق السعودي الإيراني في وقت تشهد علاقات متوترة بين المملكة العربية السعودية وإدارة جو بايدن، حيث أشارت بعض دول الخليج إلى أن شريكها التقليدي ينفصل عن المنطقة وينتهج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سياسة خارجية حازمة في الوقت الذي يسعى فيه إلى تحقيق التوازن بين علاقات المملكة بواشنطن وعلاقاتها المتنامية مع الصين والقوى الآسيوية الأخرى.

وقال دبلوماسي أمريكي في آسيا إن بكين تحاول استغلال التحول في السياسة الخارجية والأمنية لواشنطن من التركيز منذ عقود على الشرق الأوسط إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ وأضاف الدبلوماسي "من الواضح أنهم يدفعون نحو الفجوة التي يعتقدون أن انسحابنا يتركها" مرددًا تعهد بايدن في الرياض في يوليو الماضي "لن نترك فراغًا تملأه الصين أو روسيا أو إيران”.

قدمت الصين نفسها كبديل حميد لهيمنة الولايات المتحدة. في عام 2016، أخبر شي مسؤولي جامعة الدول العربية أن الصين "لن تستخدم وكلاء" أو "تنخرط في خلق مناطق نفوذ” وبدلًا من ذلك، دعت البلدان إلى "الانضمام إلى دائرة أصدقاء مبادرة الحزام والطريق"، والتي وصفتها بأنها "شبكة من الشراكات المفيدة للطرفين” في حين يرى محللون آخرون أن هناك فجوة كبيرة بين الخطاب السامي وصفقات السلام المستدامة.

ويشكك جيسي ماركس، زميل مركز ستيمسون للأبحاث ومستشار سابق في مكتب وزير الدفاع، في طول أمد الاتفاقية موضحًا أن "المنافسة السعودية الإيرانية مستمرة بشكل أو بآخر منذ ثورة 1979 في إيران، وقد لا يكون هناك أكثر من اعتبارات تكتيكية قصيرة المدى بالنسبة لهما للموافقة على صفقة الآن”.

وأضاف أن دعم الرياض وطهران للفصائل المتناحرة في اليمن ولبنان قد يضغط على الاتفاق الوليد".

على مدى السنوات الست الماضية، طرحت بكين بشكل متكرر مقترحات سلام غامضة في الشرق الأوسط تعالج الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والأزمة السورية، وهيكل أمني جديد للمنطقة بأكملها وفي ورقة موقف أخيرة حول الحرب في أوكرانيا، كررت بكين بالمثل دعوات للحوار، مخيبة للآمال أولئك الذين كانوا يأملون في أن تلعب دورًا أكثر نشاطًا كصانعة سلام. 

من المقرر أن تظهر مسألة مشاركة الصين مرة أخرى إذا زار شي روسيا الأسبوع المقبل، كما تشير التقارير.

يجادل خبراء السياسة الخارجية بأن الصين لديها عدد قليل جدًا من الدبلوماسيين لتحويل تصريحاتها الشاملة إلى دبلوماسية جوهرية. 

قال ماركس: "يفترض الناس أن الصين مثل الولايات المتحدة مع كل العلاقات النفطية والتجارية، لكننا لم نرهم يمارسون النفوذ” وقال دبلوماسي أوروبي إن بكين قد تحاول محاكاة روسيا في الشرق الأوسط على أنها "مفسد للمبادرات الغربية"، مضيفًا: "لكنها قد تكون جذابة لبعض الحكومات في المنطقة وفي بعض الحالات يمكنها أن تفعل ما لا تستطيع الولايات المتحدة تحقيقه - كما في حالة الجلوس مع إيران لعقد صفقة مع السعودية “.

بالنسبة لبكين، فإن مزايا توسيع العلاقات في المنطقة خارج نطاق الطاقة عديدة وأثناء رحلته إلى المملكة العربية السعودية في ديسمبر، اقترح شي اتفاقات تتراوح بين الحوار الصحي والدفاعي وتقع القاعدة العسكرية الصينية الخارجية الوحيدة في جيبوتي، عبر مضيق ضيق قريب من شبه الجزيرة العربية.

قال محلل أمني صيني طلب عدم نشر اسمه لأنه لم يُسمح له بالتحدث إلى وسائل الإعلام الأجنبية: "حقيقة أن الولايات المتحدة لديها نفوذ، أو حتى سيطرة، على دول معينة في الشرق الأوسط تشكل خطرًا على الصين”.

وأضاف المحلل أنه إذا فرضت بكين حجرًا صحيًا أو حصارًا تجاريًا على تايوان، فقد ترد واشنطن بالضغط على حلفائها في الشرق الأوسط لتعليق شحنات النفط إلى الصين أو الرضوخ لحصار أمريكي ويعتقد خبراء صينيون آخرون أن مثل هذه المخاوف يمكن أن تشكل سياسة بكين.

وقال نيو شينتشون، مدير معهد دراسات الشرق الأوسط في المعاهد الصينية للعلاقات الدولية المعاصرة، في مناقشة عبر الإنترنت الأسبوع الماضي إنه على الرغم من أن بكين كانت مترددة في التنافس مع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، حيث تعتقد أن واشنطن تتمتع بميزة حاسمة، فإن العلاقات الثنائية السامة قد تجبرها على القيام بذلك موضحًا أن "سياسة الصين في الشرق الأوسط تقف في الواقع على مفترق طرق”.