مصر علقت بطريقتها.. كيف تنظر إسرائيل وأمريكا لإعادة العلاقات السعودية الإيرانية؟
بعد سنوات من الحرب بالوكالة في سوريا واليمن والعراق ولبنان، أعادت المملكة العربية السعودية وإيران العلاقات الدبلوماسية بينهما، في خطوة أولى قد تساهم بشكل كبير في تخفيف حدة التوتر في منطقة تقف منذ نحو عقد ونصف العقد على جمر من النار؛ بسبب الصراعات الطائفية تارة والسياسية المدعومة من دول إقليمية تارة أخرى.
وفي بيان متوازن، علقت مصر من جانبها على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وقالت إنها قالت تتابعه باهتمام وتتطلع إلى أن يسهم الأمر فى تخفيف حدة التوتر فى المنطقة، وأن يعزز من دعائم الاستقرار والحفاظ علي مقدرات الأمن القومى العربى، وتطلعات شعوب المنطقة فى الرخاء والتنمية والاستقرار.
المثير للدهشة أن بيان إعادة العلاقات بين السعودية وإيران، أظهر لاعبًا رئيسًا في تلك الخطوة وهي الصين، التي لم تكن تسلط عليها الأضواء في جهود إعادة العلاقات بين البلدين، وكان العراق هو من يقود تلك الجهود، وقد استضافت بلاد الرافدين أكثر من جولة استكشافية بين الرياض وطهران، ومع ذلك فإن البيان الرسمي لم يذكر بغداد من قريب أو بعيد أو حتى يوجه لها الشكر فيما قدمت من جهود سابقة.
وتتطلع العديد من الدوائر أن تساهم الخطوة في إنهاء معاناة الشعب اليمني جراء الاقتتال الدائر منذ العام 2015 بين السعودية ممثلة في وكلائها على الأرض في اليمن، وإيران وممثلها ميليشيا الحوثي على الأرض، فضلًا عن تخفيف التوتر في لبنان.
الموقف الأمريكي
وتطرح خطوة إعادة العلاقات بين البلدين تساؤلات بشأن الموقف الأمريكي منها، ومدى رغبته في إتمام تلك الخطوة من عدمها، وهل كان مستفيدًا من توتر العلاقات بين البلدين.
المؤشرات تذهب إلى أن أمريكا لم تكن ترغب في شن حرب أو حتى توجيه ضربات مركزة للمنشأت النووية الإيرانية على الأقل خلال تلك الفترة؛ لكونها منشغلة بشكل رئيس بالحرب في أوكرانيا، إلى جانب انشغالها بالحرب الاقتصادية مع الصين، لكن ربما كانت ترغب أمريكا في استمرار القطيعة بين الدولتين لاستثماره لصالحها.
وفي أول تعليق أمريكي على الخطوة، أكد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، أن العلاقات بين إسرائيل وجيرانها في المنطقة، هي الأفضل لمنطقة الشرق الأوسط، ربما في إشارة منه إلى أن الأولى بالعلاقات الدبلوماسية مع الدول في منطقة الشرق الأوسط، هي إسرائيل ويس إيران.
إسرائيل هي التي كانت تسعى إلى ذلك، وتحرض عليه بشكل رئيس، وقطعت أشواطًا كثيرة في ذلك السياق، لكن جميع جهودها باءت بالفشل. وقطعت خطوة إعادة العلاقات بين الرياض وطهران، آمال إسرائيل في تنفيذ مخططها، فإسرائيل لم يكن بمقدورها أن تقوم بتلك الخطوة بشكل منفرد، لكنها كانت تحاول تشكيل خلف من دول المنطقة للقيام بذلك، فهي تعلم أنها لو قامت بذلك بشكل منفرد، لأصبحت في مرمى نيران حلفاء إيران في المنطقة، "الحشد الشعبي" في العراق، و"حزب الله" في لبنان، والحوثي في اليمن، الذي يسيطر على حركة الملاحة في مضيق بابا المندب، حيث البحر الأحمر وأهميته الجيوستراتيجية، و"حماس" و"الجهاد" في قطاع غزة.
البيان السعودي
وأمس الجمعة، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران يأتي انطلاقًا من رؤية المملكة القائمة على تفضيل الحلول السياسية والحوار، فيما أشار نظيره الإيراني أمير عبد اللهيان إلى أن عودة العلاقات توفر إمكانات هائلة للبلدين والمنطقة.
أضاف الأمير فيصل بن فرحان عبر "تويتر" أن "استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيران، يأتي انطلاقًا من رؤية الرياض القائمة على تفضيل الحلول السياسية والحوار، وحرصها على تكريس ذلك في المنطقة".
وتابع: "يجمع دول المنطقة مصير واحد، وقواسم مشتركة، تجعل من الضرورة أن نتشارك سويًا لبناء نموذج للازدهار والاستقرار لتنعم به شعوبنا".
في المقابل، قال عبد اللهيان، عبر "تويتر"، إن "عودة العلاقات مع السعودية إلى طبيعتها يوفر إمكانات هائلة للبلدين والمنطقة والعالم".
وأضاف أن "سياسة الجوار، باعتبارها المحور الرئيسي للسياسة الخارجية لإدارة (رئيس البلاد إبراهيم) رئيسي، تتحرك في الاتجاه الصحيح، ويقف الجهاز الدبلوماسي بنشاط وراء التحضير لمزيد من الخطوات الإقليمية".
وأعلنت السعودية وإيران والصين، في وقت سابق الجمعة، في بيان ثلاثي، الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدة أقصاها شهران، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السعودية "واس".
محادثات صريحة وشفافة
ونقل موقع "نور نيوز" الإيراني عن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي شمخاني وصفه المحادثات، التي جرت بين البلدين، بأنها كانت "صريحة وشفافة وشاملة وبناءة"، مضيفًا أن "رفع سوء التفاهم والتطلع إلى المستقبل في العلاقات بين طهران والرياض سيعمل على تعزيز الاستقرار والأمن الإقليميين".
كما رحب ممثل الصين لدى الأمم المتحدة بالاتفاق الذي توصلت إليه السعودية وإيران، لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بعد المحادثات في بكين، والتي ستوفر زخمًا جديدًا للسلام والاستقرار والتنمية والتعاون الإقليمي.
الرياض: نهج المملكة "ثابت"
وقال وزير الدولة مستشار الأمن الوطني في السعودية مساعد بن محمد العيبان إن ترحيب الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بمبادرة الرئيس الصيني لتطوير علاقات حسن الجوار "يأتي انطلاقًا من نهج المملكة الثابت والمستمر منذ تأسيسها في التمسك بمبادئ حسن الجوار، والأخذ بكل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وانتهاج مبدأ الحوار والدبلوماسية لحل الخلافات".
ونقل العيبان شكر الملك سلمان وولي العهد للرئيس الصيني شي جين بينج على مبادرته، وأن تكون بكين جسرًا للحوار بين الرياض وطهران، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس).
وأضاف أن المملكة "حرصت على أن يكون ذلك في إطار ما يجمع البلدين من روابط أخوية، وفتح صفحة جديدة تقوم على الالتزام بمبادئ ومقاصد ميثاقي الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، والمواثيق والأعراف الدولية".
وواصل العيبان: "ما تم التوصل إليه من تأكيد على مبادئ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها يُعد ركيزة أساسية لتطور العلاقات بين الدول وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقتنا، وبما يعود بالخير والنفع على البلدين والمنطقة بشكل عام، وبما يعزز السلم والأمن الإقليمي والدولي".
وأضاف: "إننا إذ نثمن ما توصلنا إليه، ليحدونا الأمل أن نستمر في مواصلة الحوار البناء، وفقًا للمرتكزات والأسس التي تضمنها الاتفاق، معربين عن تثميننا وتقديرنا لمواصلة جمهورية الصين دورها الإيجابي في هذا الصدد".
في المقابل، قال مسؤول إيراني كبير لوكالة "رويترز" إن "معالجة التوتر مع السعودية أصبح أولوية قصوى لطهران في الأشهر الماضية، ما سيساعد في دفع المحادثات المستمرة منذ فترة طويلة بشأن برنامج إيران النووي". وأضاف: "سيشجع ذلك الغرب على التوصل لاتفاق نووي مع إيران".