عاجل| "بيت العائلة الإبراهيمية".. بين الحقيقة وادعاءات الترويج لدين جديد (القصة كاملة)
مع افتتاح بيت العائلة الإبراهيمية في دولة الإمارات، تجددت حالة الجدل من جديد على مواقع التواصل الاجتماعي زاعمين أن مبادرة "بيت العائلة الإبراهيمية" تدعو لدين جديد يدمج الديانات السماوية الثلاث في دين أطلقوا عليه اسم "الدين الإبراهيمي".
بيت العائلة الإبراهيمية
وادعى نشطاء التواصل الاجتماعي أن الهدف من بيت العائلة الإبراهيمية إذابة الأديان الثلاثة في دين واحد، داعمين موقفهم بالترويج لفتوي سعودية قديمة أصدرتها اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في السعودية قبل 26 سنة تفتي بحرمة استجابة مسلم لدعوة بناء مسجد وكنيسة ومعبد في مجمع واحد؛ لما في ذلك من الاعتراف بدين يُعبد الله به غير دين الإسلام، وإنكار ظهوره على الدين كله.
"بيت العائلة الإبراهيمية" الذي افتتحته الإمارات في 16 فبراير الماضي يضم مسجد الإمام الأكبر أحمد الطيب، وكنيسة قداسة البابا (فرنسيس)، وكنيس (موسى بن ميمون) جنبا إلى جنب، ما يتيح للزوار فرصة الاستفادة من الخدمات الدينية التي توفرها، وممارسة شعائرهم وعباداتهم، كما يمكنهم حجز الجولات الإرشادية، والمشاركة في الاحتفالات الدينية، والاطلاع على المعتقدات الإيمانية والدينية المختلفة.
وقال محمد خليفة المبارك، رئيس بيت العائلة الإبراهيمية: "يأتي تأسيس بيت العائلة الإبراهيمية ليشكل امتدادًا لإرث الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد، والقيم التي بنى عليها دولتنا، ورؤيته للسلام وقيم التفاهم والاحترام المتبادل في دولة تحتضن اليوم أكثر من (200) جنسية من حول العالم، ونأمل أن يكون هذا الصرح مصدر أملٍ لأجيال المستقبل، ومنارة تجمعهم على الخير، لأجل عالم متفاهم ومتعايش بسلام".
أكاديمي إماراتي: شتان بين البيت الإبراهيمي والدين الإبراهيمي
من جانبه، علق الأكاديمي الإماراتي، عبدالخالق عبدالله، على ما يتداوله نشطاء بشأن بيت العائلة الإبراهيمية، قائلا إنه لا وجود لما يسمى "الدين الإبراهيمي" في معرض تعليقه على فتوى سعودية "قديمة" جرى تداولها باعتبارها صدرت بالتزامن مع افتتاح دولة الإمارات العربية المتحدة للبيت الإبراهيمي.
وكتب عبدالله، في حسابه عبر تويتر: "لا أحد بكامل قواه العقلية يبشر بديانة إبراهيمية جديدة، بل بيت العائلة الإبراهيمية الذي يدعو للحوار والتعايش بين أصحاب الأديان الثلاثة".
وأضاف: "شتان بين البيت الإبراهيمي كبادرة حضارية انطلقت من الإمارات لتعميق الأخوة الإنسانية والدين الإبراهيمي الذي لا وجود له سوى في عقول مريضة وخبيثة".
وأشار عبدالخالق عبدالله إلى ما نشره رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية في المجلس الوطني الاتحادي بالإمارات، علي النعيمي، وتعليقه على الفتوى السعودية التي قال إنها صدرت قبل 26 عامًا.
وقال النعيمي: "يزعم أنها (الفتوى) صدرت بشأن بيت العائلة الإبراهيمية الذى افتتح قبل ايام.الكذب والتدليس لخداع الأمة واختطاف عقول أبناءها نهج المؤدلجين".
وفي فبراير 2021 أصدرت لجنة الدعوة بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بيانا صحافيا أشارت فيه إلى أنها نظمت بتعاون مع رابطة علماء المسلمين ورابطة علماء المغرب العربي المؤتمر الدولي الأول حول موضوع "موقف الأمة الإسلامية من الديانة الإبراهيمية"، وجاء نص البيان كالآتي:
نص البيان الختامي لمؤتمر موقف الأمة الإسلامية من الديانة الإبراهيمية
"الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم وبارك على من لا نبي بعده، وبعد:
فإنَّه وبحمد الله وتوفيقه، وبتنظيمٍ من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة علماء المسلمين، ورابطة المغرب العربي- قد انعقد المؤتمر الدولي الأول حول موقف الأمة الإسلامية من الديانة الإبراهيمية، والذي شاركت فيه تسع عشرة دولة، وذلك يوم الأحد التاسع من شهر رجب عام ألف وأربعمائة واثنين وأربعين من الهجرة، الموافق للحادي والعشرين من فبراير عام ألفين وواحدٍ وعشرين من الميلاد، وبعد إلقاء كلمات متعددة حول هذه الديانة المخترعة، وما ارتبط بها من مخططات، فقد صدر عن علماء الأمة والروابط العلمية المشاركة البيان الآتي:
أولًا: إن القرآن الكريم هو أعظم كتابٍ احتفى بإبراهيم عليه السلام، وفي القرآن سورة باسمه، وسور بأسماء آلِهِ، وبعض بَنِيهِ، والمسلمون مأمورون باتباع هَدْيه، وهَدْي سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قال تعالى: ﴿ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: 90].
ولذلك، فإن أولى الناس بإبراهيم عليه السلام هم أهل الإسلام والإيمان، قال سبحانه: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَٰذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ۗ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 68].
ثانياً: إن علماء المسلمين مع التعاون الإنساني، و التعايش القائم على الحرية والعدل، وعدم ازدراء الأديان أو الأنبياء، ومع الحوار الإنساني لبناء المجتمعات، ولكنهم يقفون متحدين ضد تحريف الإسلام، وتشويه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهذا هو دين المسلمين.
قال سبحانه: ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ۚ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: 161].
قد يهمك أيضاً
"بلومبرج": مصر توافق على الدولار أو الجنيه لتحديد قيمة الأصول لكل حالة على حدة
ثالثًا: إن أساس فكرة الدين الإبراهيمي يقوم على المشترك بين عقيدة الإسلام وغيره من العقائد- وهي فكرة باطلة؛ إذ الإسلام إنما يقوم على التوحيد والوحدانية، وإفراد الله تعالى بالعبادة، بينما الشرائع المحرفة قد دخلها الشرك، وخالطتها الوثنية، والتوحيد والشرك ضدان لا يجتمعان.
والزعم بأن إبراهيم عليه السلام على دين جامع للإسلام واليهودية والنصرانية- زعم باطل، ومعتقد فاسد، قال سبحانه: ﴿ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [آل عمران: 67].
رابعًا: إن السعي لدعم «اتفاقات إبراهام» للتطبيع والتَّركيع عَبْر تسويقٍ لدينٍ جديدٍ يؤازر التطبيع السياسي هو أمر مرفوض شكلًا وموضوعًا، وأصلًا وفرعًا؛ ذلك أن الأمة المسلمة لم تقبل بالتطبيع السياسي منذ بدأ أواخر السبعينيات من القرن الميلادي الفائت، ولن تقبل اليوم من باب أَوْلَى بمشاريع التطبيع الديني، وتحريف المعتقدات، وقد قال تعالى: ﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ﴾ [آل عمران: 83].
خامسًا: إن طاعة أعداء الملَّة والدين في أمر الدين المبتدع، والقبول به، والدعوة إليه- خروج من ملَّة الإسلام الخاتم الناسخ لكل شريعةٍ سبقته، ولن يفلح قوم دخلوا في هذا الكفر الصُّراح!
قال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ﴾ [آل عمران: 100].
وقال جلَّ وعلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: 149].
سادسًا: على الأمة أن تعي أن أوهام السلام إنما يُبدِّدها اليهود أنفسهم، وقد صرح رئيس وزرائهم في 28 يونيو 2020م في مؤتمر جمعية «مسيحيون موحَّدون من أجل إسرائيل» بأن اتفاقية صفقة القرن قد قوَّضت ما أطلق عليه: «أوهام حلِّ الدولتين»، كما أن وزير خارجية أمريكا الحالي قد قال في الكونجرس في يناير 2020م: «إن الحل الأمثل للنزاع هو التعايش السلمي، وتماهي الطرفين مع بعضهما بعد إنهاء أسباب الخلاف!».
وعلى رأس ذلك العقيدة الإسلامية بطبيعة الحال، قال الله تعالى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ [البقرة: 109].
سابعًا: يحذر العلماء الحكومات الإسلامية من الاستجابة لهذه الدعوات المغرضة؛ لما تُمثِّله من عدوانٍ سافرٍ على عقيدة شعوبها، وضربٍ للثقة التي منحتها الشعوب لحكوماتها، وإشعال لنار الخلاف والفتنة بين المسلمين، مما يؤدي إلى إضعاف أمة الإسلام، وتمكين عدوِّها منها، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَىٰ إِلَى الْإِسْلَامِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)﴾ [الصف: 7 - 9].
قد يهمك ايضا
"تعليم مصر" يستعرض الأفكار السياسية والمعارك الأيديولوجية التي شكلت وصاغت التعليم المعاصر
ثامناً: يجب على مسئولي وزارات التعليم والإعلام في العالم العربي والإسلامي الكف عن العبث بمناهج تعليم الإسلام، وتقديمه من خلال القرآن والسُّنة، والتأكيد على ثوابت العقيدة والشريعة، وتحصين الناشئة من الانحرافات والشبهات الفكرية والعقدية، فالشباب أمانة بين أيديكم وفي أعناقكم، وسوف تسألون عنها يوم القيامة.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27].
تاسعاً: يدعو المؤتمرون العلماء، وطَلَبة العلم، والدعاة، وسائر المُفكِّرين والكُتَّاب المسلمين للقيام بواجبهم نحو دينهم، ومواجهة فتنة تبديل الدين، وتوعية الأمة بهذا الخطر الداهم، وتحرير المقالات، والكتب، وإقامة الندوات، والمحاضرات، والخطب التي تشرح عقيدة التوحيد، وتُبيِّن ما يناقضها، وتحذر من فتنة هذه البدعة الضالة، وأنه ليس هناك من إكراهٍ أو تأويلٍ في قبول هذا الباطل.
قال تعالى: ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴾ [البقرة: 191].
قال سبحانه: ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: 29].
عاشرا: ينادي العلماء المشاركون في هذا المؤتمر إلى تشكيل هيئة مشتركة من الروابط والهيئات العلمية على مستوى الأمة تقوم بواجب إصدار البيانات والرسائل حول الشبهات والعقائد الدخيلة على الأمة الإسلامية، وحراسة الثوابت و محكمات الإسلام، ويكون لها مؤتمر سنوي جامع يتم عقده في شهر رجب من كل عام هجري.
والله تعالى نسأل أن ينصر من نصر الدين، وأن يعز عباده المسلمين بعز الإسلام، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
مساء يوم الأحد
9/7/1442هــ - 21/2/2021م".