اجتماع العقبة يسفر عن موافقة مبدئية على استئناف التعاون الأمني بين فلسطين وإسرائيل
تتساءل وسائل إعلام الاحتلال الإسرائيلي ما إذا كان اجتماع العقبة بإمكانه إيقاف نزيف الدم ووضع حد للعنف والعنف المضاد في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي قمة نادرة هي الأولى من نوعها منذ عقد، جلس مسؤولون من إسرائيل والسلطة الفلسطينية ومصر والولايات المتحدة والأردن المضيف حول طاولة واحدة في مدينة العقبة.
وذكر موقع "آي-24" الإسرائيلي أنها قمة سياسية لجميع المقاصد والأغراض وبدورها تطرح عدة تساؤلات: لماذا العقبة ولماذا الآن؟ لماذا وصف بأنه اجتماع "أمني"؟ ما هي مصالح جميع الأطراف؟ وفوق كل شيء - ماذا ستكون النتيجة؟
وعلق المراقبون على الاجتماع بأنه عبارة عن قمة أمنية وغير سياسية لأنه بهذه الطريقة يسهل لكل من الأطراف تسويق وتسويغ الاجتماع لجمهوره المحلي كما تم اختيار العقبة لتكون مكان الاجتماع من قبل المضيف والمبادر للاجتماع - المملكة الأردنية الهاشمية أما لماذا الان؟ لأن المنطقة مشتعلة وكل الأطراف تريد تهدئة الأجواء، لكي يمر شهر رمضان المبارك بهدوء وسلام.
وخلال الساعات القليلة الماضية، وقع هجوم إطلاق نار خطير للغاية في شمال الضفة الغربية، وكانت النتيجة مقتل مدنيين إسرائيليين آخرين، مما رفع عدد القتلى الإسرائيليين إلى 13 منذ بداية عام 2023 وبعد الهجوم، بدأت المكالمات في إسرائيل لإعادة وفدهم من العقبة على الفور، ولكن إذن ما الذي أتى بالجميع إلى المنتجع الأردني وهل ستوقف إراقة الدماء في المنطقة؟
1) إسرائيل:
على الرغم من عدم وجود عملية سلام إسرائيلية فلسطينية، وعلى الرغم من إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقف الاتصالات الأمنية مع إسرائيل، أو على الأقل أعلن أنها أوقفت، فإن إسرائيل والسلطة الفلسطينية تحاولان القيام بعمل مهم يتلخص في الاتفاق ولو من حيث المبدأ على استئناف التنسيق الأمني خلف الكواليس، والأشخاص الذين يديرون استئناف العلاقة مع الجانب الفلسطيني هم رئيس الشاباك، رونان بار ومنسق أعمال الحكومة في المناطق، الجنرال رسان عليهان - كلاهما يمثل إسرائيل في العقبة مع رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنجبي وبهدوء عقد لقاء بين ممثلين اسرائيليين وفلسطينيين قبل نحو عشرة ايام، حيث تم الاتفاق على تهدئة المنطقة وكانت إحدى نتائج هذا الاجتماع سحب الفلسطينيين لتصويتهم ضد إسرائيل في مجلس الأمن الدولي.
ولكن بعد ذلك، في بداية الأسبوع الماضي، ادعت إسرائيل وجود معلومات استخباراتية تشير إلى خلية إرهابية تنوي تنفيذ هجوم إرهابي فوري، وأطلق جيش الاحتلال عملية في نابلس - أعادت ترتيب الأوراق وراح ضحية العملية 11 فلسطينيًا ووفقًا لتقارير فلسطينية، أصيب 100 شخص (الغالبية العظمى من استنشاق الدخان) ودفع ذلك الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة إلى إطلاق صواريخ على جنوب إسرائيل، الأمر الذي أدى بدوره إلى غارات جوية إسرائيلية وأمس الأحد – وقع هجوم آخر في حوارة قرب نابلس واحتمال حدوث مزيد من التدهور هو احتمال كبير، والتوقيت بالغ الحساسية ويبدو أن إسرائيل مهتمة بإعادة الهدوء - وبالتأكيد قبل عيد الفصح الذي يبدأ في 5 أبريل.
2) الفلسطينيون:
في نهاية المطاف، تنظر وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى محمود عباس على أنه رأس التيار الفلسطيني المعتدل، بالتأكيد عند مقارنته بحماس. يعرف من يعرفه أنه عندما ينفذ فلسطينيون من الضفة الغربية هجومًا على إسرائيل – فهذا خبر تعيس للإسرائيليين، وبعيد كل البعد عن السعادة ولكن عندما تُقام 11 جنازة في الضفة الغربية في غضون أسبوع واحد، فعليه أن يفعل شيئًا. من ناحية أخرى، فإن الحافز الحقيقي للفلسطيني على القدوم إلى العقبة هو المال. الفلسطينيون بحاجة إلى الأمريكيين ولا ينسى المراقبون أن إدارة ترامب أغلقت الدعم المالي للفلسطينيين، والسلطة الفلسطينية بحاجة ماسة إلى المساعدة ولن تستأنف إدارة بايدن إعطاء أي شيء قبل الالتزام بالسلام على الأرض.
3) الأردن:
في حالة المملكة هناك تأثيران - داخلي وخارجي. الأردن مسؤول عن الحماية الدينية للحرم القدسي الذي يضم المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة أما التأثير الخارجي: في حالة وجود توترات أمنية يبدأ العالم العربي شعاره "الأقصى في خطر" وتوجه أصابع الاتهام إلى الأردنيين أما داخليًا فلا ينبغي أن ننسى أن الأردن يغرق باللاجئين الفلسطينيين، وفي كل مرة يسود توتر أمني يزداد الضغط من الشارع على القصر الملكي.
4) مصر:
لطالما كانت القاهرة الوسيط الرئيسي بلا منازع بين إسرائيل وفلسطين وهذا ما يجعل مصر موضع تقدير وامتنان من الجانبين – وتتمتع مصر بمكانة خاصة لا تعتبر مفروغًا منها في المنطقة، بالنظر إلى الظروف، وكما أن قضاء شهر رمضان "بهدوء" مصلحة مصرية لأن التصعيد خلال شهر رمضان سمة جديدة في السنوات الماضية وقد غضب المصريون غضبًا شديدًا عندما اندلع العنف في رمضان كما حدث في العامين الماضيين.
5) الولايات المتحدة:
تمتلك إدارة بايدن أدوات الضغط الرئيسية على كلا الجانبين - على كل من إسرائيل والفلسطينيين، فتقول للفلسطينيين: "هل تريدون دعمنا؟ أموالنا؟ إذن يجب أن يعود الهدوء إلى المنطقة – وبسرعة ويقول الأمريكيون لإسرائيل، "هل تريدون أن نتعامل مع إيران؟ هل تريدون عقوبات فعالة؟ هل تريدون السعودية ضمن اتفاقيات إبراهام؟ إذن، يجب أن تهدأ المنطقة - وسنقرر بسرعة ما هو المهم حقًا بالنسبة لكم". وأعرب السفير الأمريكي في إسرائيل، توم نيدس، عن تلميحات عن ذلك، عندما تحدث عن الإصلاحات القانونية التي اقترحتها إسرائيل.
ما يتوقع بعد اجتماع العقبة؟
هل عقد هذه القمة الهامة يوقف سفك الدماء؟ تشير التقارير إلى "اتفاق جنتلمان" لتهدئة المنطقة - وهو ليس بالقليل، ولكنه لا يأخذ في الاعتبار معطيات الوضع على الأرض كثيرًا ومن الممكن أن يعلن عباس في المدى القريب، وربما في المستقبل القريب، عودة التنسيق الأمني مع إسرائيل - وهي خطوة مهمة.