11500 في ثلاث سنوات.. لماذا يغادر الأطباء الشباب مصر للعمل بالخارج؟
سلطت صحيفة “واشنطن بوست” الضوء على إقبال الأطباء الشباب المصريين على الالتحاق بالعمل بمستشفيات المملكة المتحدة.
وقالت إن كثيرًا منهم لا يفكرون طويلًا قبل الموافقة على تقاضي رواتب تفوق بكثير ما سيتقاضونه من العمل بالمستشفيات في مصر.
ورصدت الصحيفة الأمريكية أهم الأسباب في ذلك مرجحة أن السبب الرئيسي هو طول فترة دراسة الطب، فالبعض ينجز دراساته التخصصية وقد بلغ من العمر حوالي 34 عامًا قضاها في الكلية والتدريب المتخصص، ليأخذ مكانه في مستشفى حكومي حيث يكسب حوالي 300 دولار شهريًا وهو في مقتبل حياته المهنية ولم يكون أسرة بعد، ومن خلال الانتقال إلى المملكة المتحدة، حقق أكثر من 11500 طبيب مصري شاب خطوة مهمة على المستوى المالي بعد أن غادروا قطاع الصحة العامة في مصر بين عامي 2019 و2022، وكثير منهم يبحثون عن آفاق أفضل في الخارج.
وفي العام الماضي 2022 وحده، قدم أكثر من 4300 طبيب مصري موظف حكومي استقالاتهم، بمعدل 13.5 طبيبًا في يوم العمل، وكان طبيعيًا أن تنتبه وزارة الصحة المصرية لذلك، وأن يبدأ القلق من نقص الأطباء المؤهلين في البلاد.
وتقدر منظمة الصحة العالمية نسبة الأطباء إلى عدد السكان في مصر عند مستوى 7.09 لكل 10000 شخص، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى الموصى به، وهو 10، في حين نجد الرقم مرتفعًا إلى 35 في الولايات المتحدة ومضاعف ذلك، أي 70 في السويد ولكن مصر أيضًا أدنى من بعض الدول الفقيرة، مثل الجزائر (17 طبيبًا) وبوليفيا (10 أطباء).
في مصر، يتم تكليف جميع خريجي الطب للعمل في القطاع الحكومي لمدة ثلاث سنوات على الأقل، ولكن لمدة تصل إلى خمس سنوات حتى يصبحوا أخصائيين ويمكنهم المغادرة للعمل بأجر أفضل في المنشآت الخاصة وخلال ذلك الوقت، يتم دفع 2000 إلى 4000 جنيه مصري شهريًا، وهو مبلغ انخفضت قيمته بشكل كبير وسط ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العملة مؤخرًا.
وخلال الوباء في مارس 2020، أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيادة الأجر الشهري بنسبة 75 في المائة، لكن الزيادات لم تواكب الأوضاع الاقتصادية وقبل عام كان سعر الصرف يقارب 15 جنيهًا للدولار وقد تجاوز الآن 30 عامًا، مما يجعل الأطباء الشباب يتدافعون للحصول على وظائف جانبية في القطاع الخاص وتلقي نقابة الأطباء باللوم في سفر الأطباء للعمل بالخارج على الأجور المنخفضة، فضلًا عن بيئة العمل السيئة، بما في ذلك المرافق الطبية التي تعاني من نقص الموظفين وقلة الموارد.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة حسام عبد الغفار لصحيفة "بوست" إن مصر لديها 5426 وحدة رعاية أولية في جميع أنحاء البلاد، لكن نصفها فقط "مجهز جيدًا" بخدمات أساسية مثل الأشعة والمختبر.
وأضاف: "منذ فترة، لم يكن هناك رعاية أو اهتمام كاف لوحدات الرعاية الأولية"، مضيفًا أن الوزارة تخطط لتجديد جميع هذه الوحدات بحلول نهاية العام المقبل وأوضح عبد الغفار أن الأطباء الشباب يجب أن يكونوا على استعداد لتقديم التضحيات، لأن "الدولة تتحمل 99.9 في المائة من تكاليف الدراسة في كليات الطب".
وعلقت الصحيفة: "لكن الجهود المبذولة لكي تجعل مصر وظائف القطاع الصحي أكثر استدامة لا تأتي بثمارها بالسرعة الكافية كما أن النقص في الطاقم الطبي في البلدان الأكثر ثراءً جعل الأمر أسهل من أي وقت مضى بالنسبة للأطباء في مصر - وعبر العالم النامي - للعثور على عمل في أوروبا ومنطقة الخليج العربي والولايات المتحدة.