مصر وشمال أفريقيا في قلب مساعي أوروبا نحو الطاقة الشمسية
تولد الألواح الشمسية في شمال إفريقيا الغنية بالشمس طاقة أكثر بثلاث مرات من نظيرتها في أوروبا، وتمتد منطقة شمال إفريقيا على مساحة أكبر بكثير من نظيرتها في أوروبا المكتظة بالسكان.
ووفقًا لتقرير نشرته مجلة "يال إنفيرونمنت": أدى سعي أوروبا لإنهاء اعتمادها على إمدادات الغاز الطبيعي الروسي إلى الاندفاع لتركيب مزارع الطاقة الشمسية العملاقة ومد الكابلات تحت الماء للاستفادة من الطاقة المتجددة الوفيرة في شمال إفريقيا.
ولكن هناك مخاوف متزايدة بشأن التأثيرات البيئية في إفريقيا نتيجة تعهيد أوروبا لاحتياجاتها من الطاقة للمنطقة الممتدة شمال القارة السمراء، وهناك مخاوف من التأثير على النظم البيئية الصحراوية أو التأثير على مراعي الماشية التي كانت ترعى من قبل القبائل البدوية لآلاف السنين ويخشى المحللون من أن يتم التطوير دون المزيد من التشاور مع المجتمع أو التقييم البيئي وتنتشر مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بالفعل جنوب البحر الأبيض المتوسط.
وتعد مزارع نور المغربية وبنبان للطاقة الشمسية، في مصر من بين الأكبر في العالم، وكان هدفها الأول هو تعزيز إمدادات الطاقة المحلية وتقليل الاعتماد على الفحم ولكن يتم الآن اصطفاف هذه المرافق بشكل متزايد لتزويد الطاقة الخضراء للجيران الصناعيين في الشمال، من خلال الكابلات البحرية الجديدة العابرة للقارات، أو لتصنيع الهيدروجين "الأخضر" محليًا للشحن إلى أوروبا، حيث يتزايد الطلب بسرعة على الوقود الصناعي منخفض الكربون كما يهدف أكبر مشروع عملاق إلى ربط مزارع الرياح والطاقة الشمسية العملاقة في الصحراء المغربية بجنوب غرب إنجلترا.
وتقوم المغرب بالفعل بتصدير الطاقة الشمسية إلى أوروبا عبر وصلتي طاقة قائمتين مع إسبانيا وقد وقعت العام الماضي اتفاقية جديدة مع الاتحاد الأوروبي لتوسيع صادرات الطاقة في حين تدرس مصر، التي استضافت أحدث مؤتمر مناخي للأمم المتحدة (COP27)، ثلاثة مقترحات لربط الكابلات باليونان وثمة كابل بحري آخر مخطط له من شأنه أن يربط مزارع الطاقة الشمسية الجديدة في صحراء جنوب تونس بشبكة الكهرباء الإيطالية مع وعد بتمويل من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
ولكن أكبر مشروع عملاق يهدف إلى مد الكابلات البحرية ذات الجهد العالي الأطول في العالم لمسافة 2300 ميل من مزارع الطاقة العملاقة في الصحراء المغربية عبر سواحل المحيط الأطلسي للبرتغال وإسبانيا وفرنسا إلى جنوب غرب إنجلترا، حيث يمكن أن توفر 8 في المائة من كهرباء المملكة المتحدة ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة المشروع المقترح بقدرة 10500 ميجاوات 22 مليار دولار، نصفها لمزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والنصف الآخر للكابلات.
في يناير، وصف سفير المغرب في بريطانيا، حكيم حجوي، المشروع بأنه قادر على خلق "آلاف الوظائف في كلا البلدين"، بالإضافة إلى "تعزيز النظم البيئية المحلية" في المغرب ومساعدة المملكة المتحدة على تقليل اعتمادها على حرق الغاز الطبيعي المستورد لتوليد الكهرباء ويقول المسؤولون التنفيذيون إن الكابل يمكن أن يبدأ في توصيل الطاقة في وقت مبكر من عام 2027 ويكتمل بحلول عام 2030، على الرغم من شكواهم من أن الاضطرابات السياسية في بريطانيا في العام الماضي أدت إلى إبطاء الموافقة على دعم الأسعار الحكومي الذي يطلبه المستثمرون المحتملون.
وأثبتت حكومات شمال إفريقيا، بما في ذلك الحكومة المصرية، في بعض الأحيان أنها بارعة بالفعل في تقديم الإنشاءات السريعة لمشاريع الطاقة المتجددة الكبيرة في الصحراء فقد تم الانتهاء من إنشاء محطة بنبان للطاقة الشمسية في مصر، والتي تبلغ طاقتها 1650 ميجاوات، بالقرب من أسوان على نهر النيل، في غضون عامين من تلقي التمويل.
وفي الوقت ذاته، نرى أوروبا حريصة على الاستفادة وفي مايو الماضي، مع اشتداد الصراع في أوكرانيا، أطلقت المفوضية الأوروبية، التي تمثل 27 عضوًا في الاتحاد الأوروبي، “خطة لتقليل الاعتماد بسرعة على الوقود الأحفوري الروسي وتسريع التحول الأخضر”.
ويوفر الاتحاد الأوروبي الدعم السياسي والمالي للاستثمارات العابرة للحدود لتحفيز واردات الطاقة المتجددة من شمال إفريقيا، ويعتبر أمرًا حاسمًا لتمكين الاتحاد الأوروبي من تحقيق هدفه المتمثل في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 55٪ بحلول عام 2030.