وزير خارجية إسرائيل في أوكرانيا.. هل قررت تل أبيب دعم كييف عسكريًا؟
في خطوة جديدة من المؤكد أنها ستزيد الضبابية بين روسيا وإسرائيل، على خلفية الدعم الذي تقدمه الأخيرة لأوكرانيا في حربها ضد الأولى، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن وزير الخارجية إيلي كوهين من المقرر أن يلتقي بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف اليوم الخميس في أول زيارة من نوعها منذ الحرب الروسية العام الماضي.
ووفق رويترز فإن إسرائيل أدانت الحرب الروسية على أوكرانيا، لكن مساعدتها لكييف اقتصرت على المعونات الإنسانية ومعدات الحماية، لكن روسيا تقول إن مقاتلين إسرائيليين ومستشارين عسكريين إسرائيلين يشاركون في المعارك بأوكرانيا.
ومنذ ذلك الوقت والعلاقات الروسية الإسرائيلية مضطربة، فضلًا عن كون موسكو تلوح من حين آخر إلى مزيد من الانفتاح على فصائل المقاومة في قطاع غزة، وتحديدًا حركتي “حماس" "الجهاد".
وتحدث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي عاد إلى السلطة في ديسمبر، عن مراجعة السياسة الإسرائيلية بشأن الحرب
الأوكرانية الروسية، لكنه لم يتعهد بتقديم أي أسلحة لكييف.
ويريد الإسرائيليون الحفاظ على خط اتصال مباشر مع روسيا، تم إنشاؤه في عام 2015، بشأن ضرباتهم العسكرية لما يشتبه في أنه أهداف إيرانية في سوريا حيث توجد حامية لموسكو. ويضعون أيضا في الاعتبار وضع الجالية اليهودية الكبيرة في روسيا.
وقالت الوزارة إنه من المقرر أن يحضر كوهين إعادة فتح السفارة الإسرائيلية في كييف التي عادت إلى نشاطها الكامل.
طلب أوكراني
وخلال وقت سابق، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا مؤخرا إنه سيقدم طلبا رسميا لإسرائيل لتزويد بلاده بأنظمة دفاع جوية في طلب يعد الأول من نوعه من قبل أوكرانيا للحصول على دعم عسكري من إسرائيل. وجاء الطلب الأوكراني بعد فترة وجيزة من الأنباء التي أفادت باستخدام روسيا طائرات مسيرة إيرانية من "طراز شاهد-136" لاستهداف مواقع في العاصمة كييف.
يشار إلى أن إسرائيل حتى الآن تمتنع رسميا عن تسليح أوكرانيا، لكنها في المقابل قدمت لها مساعدات ودعما إنسانيا ومعدات شملت خوذات وسترات واقية.
وكانت إيران قد نفت تزويد روسيا بطائرات مسيرة، لكن هذا التطور الأخير بشأن إيران، عدو اسرائيل اللدود، من شأنه أن يسلط الضوء على معضلة تواجه تل أبيب في خضم الغزو الروسي لأوكرانيا.
ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل أثار هذا التطور جدلا جديدا في إسرائيل حيال هل ينبغي أن تمضي الدولة قدما في الحفاظ على نهجها المتوازن حيال الصراع في أوكرانيا؟ ففي الوقت الذي تنتقد فيه إسرائيل بشدة التوغل العسكري الروسي في أوكرانيا وتؤكد دعمها لأوكرانيا، لم تقدم إسرائيل دعما عسكريا مباشرا لكييف في مسعى منها لعدم إلحاق أي ضرر بعلاقاتها مع روسيا.
أنظمة إنذار مبكر
وخلال وقت سابق، وتحديدًا إبان ولاية بيني غانتس لحقيبة الدفاع في إسرائي، قال إن بلاده تدعم وتقف إلى جانب أوكرانيا وحلف الناتو والغرب". وأضاف "هذا ما أعلناه في السابق ونؤكد عليه اليوم، فإسرائيل تتبنى سياسة تدعم أوكرانيا؛ إذ جرى تقديم مساعدات إنسانية ومعدات دفاعية منقذة للحياة".
لكنه قال إن إسرائيل لن تسلم أسلحة إلى أوكرانيا، مرجعا ذلك إلى "مجموعة متنوعة من الاعتبارات التشغيلية"، مضيفا "سنواصل دعم أوكرانيا في إطار حدودنا كما فعلنا في الماضي ونعتزم المساعدة في تطوير نظام إنذار مبكر مدني منقذ للحياة".
وتجدر الإشارة إلى أن هناك نقاش محتدم بين المحليين وفي الإعلام الإسرائيلي حول سياسة البلاد الحالية تجاه الحرب في أوكرانيا. فقد تساءل الصحفي الإسرائيلي نداف إيال، وفق “دوتش فيله” في مقال بصحيفة "يديعوت أحرونوت" "هل تستمر إسرائيل في التصرف بطريقة نجم عنها وضع البلاد في موقع غير جيد بالنظر إلى طرفي الأزمة. وأضاف الأوكرانيون غاضبون من عدم مساعدة إسرائيل لهم، أما الروس فيحصلون على دعم إيراني ويساعدون الإيرانيين بل ويعملون ضد إسرائيل على مستويات مختلفة.
ويرى مراقبون أن إسرائيل يجب أن يساورها القلق حيال تعزيز روسيا علاقاتها بإيران فضلا عن استخدام طائرات إيرانية مسيرة في أوكرانيا. وفي ذلك، قال عاموس يادلين، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، إنه "يجب أن نقف إلى جانب من يشاركوننا قيمنا.. مع الدول الديمقراطية في أوروبا والولايات المتحدة ضد العدوان الروسي في أوكرانيا".
ويدعو المسؤول السابق منذ بدء الحرب الروسية في فبراير 2022، إلى ضرورة انخراط إسرائيل بشكل أكثر في دعم أوكرانيا، ويقول في حوار مع DW "إيران تعد عدونا الأكبر. وعندما تقف إيران إلى جانب طرف، يجب أن نقف إلى جانب الطرف الآخر".
اعتبارات أمنية ودبلوماسية
ومنذ بدء الحرب الروسية عمدت إسرائيل إلى تقديم مساعدات إنسانية لأوكرانيا، لكنها في الوقت نفسه حافظت على علاقات علاقاتها الدبلوماسية مع روسيا. ورغم احتدام النقاش في إسرائيل حول الأسس الأخلاقية لمساعدة المتضررين من الحرب بما في ذلك استضافة مهاجرين جدد فارين سواء من روسيا أو من أوكرانيا، إلا أن سياسة إسرائيل في هذا الصدد تستند إلى اعتبارات سياسية ودبلوماسية في ضوء أن مصير الجالية اليهودية في روسيا يبدو أنه يمثل مصدر قلق رئيسي.
يشار إلى أنه في أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي شهدت إسرائيل في تسعينيات القرن الماضي قدوم أكثر من مليون يهودي من روسيا. وتفيد الأرقام بوصول أكثر من 20 ألف روسي إلى إسرائيل، بينهم شباب فارين من التعبئة الجزئية التي أعلنتها روسيا.
والتهديد باتخاذ إجراءات قضائية تمهد الطريق أمام إغلاق الوكالة اليهودية في روسيا، يكشف عن مدى الضغط الذي بمارس على المؤسسات اليهودية – الروسية. وتعد الوكالة اليهودية التي تُعرف باسم منظمة غير ربحية وشبه حكومية تساعد اليهود في شتى أنحاء العالم على الهجرة إلى إسرائيل.
مخاوف جيوسياسية
ويرى مراقبون أن ممانعة أو إحجام إسرائيل عن تسليح أوكرانيا يستند إلى اعتبارات أمنية ترتبط بالصراعات في الجوار. فمنذ تدخل روسيا في الصراع السوري لدعم كفة الرئيس بشار الأسد، باتت روسيا تسيطر على جزء كبير من المجال الجوي السوري فيما تشن إسرائيل بانتظام غارات جوية ضد ما تعتبره أهدافا إيرانية وعمليات نقل أسلحة إلى ميليشيا حزب الله اللبناني.
وفي هذا الصدد، يعد التنسيق العسكري الوثيق بين إسرائيل وروسيا في سوريا هاما خاصة ما يعرف بآلية "عدم التضارب" التي تقضي بأن تبلغ إسرائيل الجانب الروسي بأي ضربات جوية وشيكة في سوريا. وتمنح هذه الألية الجيش الإسرائيلي "حرية التصرف" لشن غارات جوية داخل الأراضي السورية.
وتأمل أوكرانيا في الحصول على أنظمة دفاع جوي إسرائيلية مثل "القبة الحديدية" التي تسقط الصواريخ قصيرة المدى وقذائف الهاون أو "مقلاع داود" المخصص للصواريخ على ارتفاع متوسط أو منظومة "باراك 3".
بيد أن محللين أمنيين في إسرائيل يعتقدون أنها لا تمتلك ما يكفي من منظومة "القبة الحديدية" بالنظر إلى التهديدات الأمنية التي تواجهها في المنطقة. وفي ذلك، يقول عاموس يادلين، المدير السابق لمعهد دراسات الأمن القومي الاسرائيلي، إن منظومة القبة الحديدية تعد "تقنية تحظى بسرية شديدة لذا لا ترغب إسرائيل في أن تصل إلى أيدي الروس، وقبل كل شيء في أيدي الإيرانيين الذين يتمركزون حاليا في شبه جزيرة القرم".
يضيف لـ DW أن "الخبر السار هو أن طائرات المسيرة الإيرانية تعد أهدافا سهلة نظرا لأنها تحلق على ارتفاع منخفض وبسرعة بطيئة فضلا أن إسرائيل قد تساعد أوكرانيا بتزويدها بأنظمة دفاع جوي أقل تطورا كانت قد باعتها في السابق لدول أخرى."