الهند ترفع مستوى اهتمامها بالتعاون في الشرق الأوسط
رجح تقرير لمجلة "ذي دبلومات" أن استجابة الهند لحالة الطوارئ الناجمة عن الزلزال في تركيا وسوريا ليست إنسانية فحسب بل وتعبر عن توجه استراتيجي في الوقت نفسه.
وتعكس استجابة الهند للزلزال المدمر الأخير في تركيا وسوريا سياستها المتمثلة في المشاركة القوية في الشرق الأوسط في أعقاب زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة للهند.
وسعي نيودلهي لتوسيع العلاقات مع الدول العربية في الخليج إلى جانب الروابط الطويلة الأمد مع إيران، فإن انفتاح الهند على تركيا وإسرائيل والدول العربية يضع الهند كجهة فاعلة محتملة في الشرق الأوسط في وقت يبدو فيه أن الولايات المتحدة تعمل على تقليص موقعها في المنطقة.
وتاريخيًا شاركت الهند، منذ الاستقلال، بنشاط في الشرق الأوسط وتغيرت جودة تلك المشاركة في السنوات الأخيرة، مما يعكس رغبة الهند في أن تكون قوة عالمية أكثر حزمًا في عالم متعدد الأقطاب.
وتعد المساعدات الهندية السريعة واسعة النطاق لتركيا وسوريا جزءًا من رغبتها في أن يُنظر إليها على أنها دولة الاستجابة الأولى، حيث تقدم الإغاثة في حالات الكوارث والمساعدات الإنسانية في جوارها الأوسع في دول المشرق ولكن الاستجابة الأخيرة للطوارئ - والتي تشمل مستشفى ميدانيًا كاملًا وفريقًا طبيًا جنبًا إلى جنب مع الآلات والأدوية وأسرة المستشفيات - تعتبر استراتيجية وليست إنسانية فقط، بل جزء من العديد من الإجراءات التي تعزز مكانة الهند في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وفي 26 يناير، كان الرئيس السيسي ضيف الشرف في يوم الجمهورية الـ 74 للهند في وقت سابق، أعلنت الهند عن استثماراتها القوية في تحالفات إقليمية مهمة تضم الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة.
ولفتت المجلة إلى أن هدف الهند هو التأكد من عدم ترك مصالحها دون حراسة بسبب الفراغ الذي نشأ في الشرق الأوسط بسبب تركيز واشنطن على منافسة الأقران مع الصين وعلى تصرفات روسيا في أوراسيا ويعد الشرق الأوسط مصدرًا مهمًا للاستثمار والطاقة والتحويلات المالية للهند كما تشترك المنطقة أيضًا في مخاوف الهند الأمنية، خاصة فيما يتعلق بالتطرف والإرهاب وتريد الهند أن تكون مستعدة لأي تداعيات لانسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط الكبير.
ويحلو للهنود الإشارة إلى روابطهم التاريخية والحضارية مع الشرق الأوسط منذ أكثر من 2000 عام والعلاقات الوثيقة بين قادة النضال من أجل الاستقلال في الهند والحركات المناهضة للاستعمار في المنطقة وخلال الحرب الباردة، كانت معظم دول الشرق الأوسط جزءًا من حركة عدم الانحياز، التي أسستها الهند ومصر، من بين دول أخرى وفي حين أن العوامل التاريخية وشعبية أفلام بوليوود تشكل نقاط نقاش عاطفية جيدة، فإن جوهر العلاقات الهندية الحالية مع المنطقة يتعلق بالاقتصاد والتجارة والاستثمار.
ويعيش حوالي 8.9 مليون هندي في الخليج، منهم حوالي 3.4 مليون في الإمارات العربية المتحدة و2.5 مليون في المملكة العربية السعودية. خمسون بالمائة من تحويلات الهند التي تزيد عن 80 مليار دولار سنويًا تأتي من دول الخليج وينمو التبادل التجاري والاستثمار بين الهند ودول الشرق الأوسط بشكل كبير خلال العقد الماضي وعلى سبيل المثال، تبلغ التجارة الثنائية بين الهند ومصر 7.26 مليار دولار، حيث تستثمر أكثر من 50 شركة هندية 3.15 مليار دولار في الاقتصاد المصري كما أن الإمارات العربية المتحدة هي ثالث أكبر شريك تجاري عالمي للهند ومنذ التوقيع في عام 2022 على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، زادت تجارة الهند مع الإمارات العربية المتحدة بأكثر من 38 بالمائة لتصل إلى 88 مليار دولار.
وبالمثل، تعد المملكة العربية السعودية رابع أكبر شريك تجاري للهند ومصدر 18 بالمائة من واردات الهند من النفط الخام والاستثمارات السعودية في البنية التحتية الهندية - السكك الحديدية والطرق والموانئ والشحن - آخذة في النمو، وكذلك الاستثمارات في قطاعي التصنيع والتقنيات الرقمية في الهند.