رجل بوتين في طرابلس.. ماذا يعني تعيين رشيدوفيتش أجانين سفيرًا جديدًا لروسيا في ليبيا؟
سلطت مجلة "ذي ناشيونال إنترست" الأمريكية الضوء على تعيين أيدار رشيدوفيتش أجانين سفيرًا جديدًا لروسيا في ليبيا اعتبارًا من الشهر الماضي وهو يعد أحد أفضل المستعربين في روسيا.
من هو أيدار رشيدوفيتش أجانين؟
وقد سبق لـ أيدار رشيدوفيتش أجانين، العمل في الأردن والعراق وفلسطين والولايات المتحدة وخلال الفترة من عام 2007 إلى عام 2011، أدار النسخة العربية لقناة روسيا اليوم، والتي تعد اليوم واحدة من أكثر وسائل الإعلام الإخبارية تأثيرًا في العالم العربي بأسره وكان أحد مستشاري الرئيس فلاديمير بوتين المقربين في شؤون الشرق الأوسط في إدارة تخطيط السياسة بوزارة الخارجية الروسية.
وأضافت المجلة الأمريكية: "رجل بوتين في طرابلس موجود هناك لسبب وجيه، في الوقت الذي تحتاج فيه روسيا إلى كل الأيدي وهي تشن حربها في أوكرانيا، فإن قرار إرسال أحد أفضل الخبراء الإقليميين في روسيا وألمعهم إلى ليبيا - البلد الذي يعتبره الغرب بوضوح منطقة راكدة - أمر واضح بينما يواصل الدبلوماسيون الغربيون في إصدار تصريحات لا توصف إلا بأنها كلام فارغ، عن "انتخابات" أو "تسوية دستورية" أو أي وعود غامضة أخرى، فإن لدى روسيا فرصة ويعتبر تعيين أجانين علامة على أن روسيا تخطط لاقتناص الفرصة، ومن الأفضل أن يتنبه الغرب".
بينما يراقب العالم الحرب في أوكرانيا، تبحث روسيا في بقية العالم عن نقاط الضعف وفي حين أنه من الصحيح أن روسيا تقلل إلى حد ما من وجودها في سوريا، إلا أنها لم تفقد نفوذها في الشرق الأوسط وتم توضيح تأثير روسيا على أوبك قبل عام واحد فقط، عندما رفضت المملكة العربية السعودية زيادة إنتاج النفط لدعم بقية الاقتصاد العالمي لقد كان النفوذ الروسي في سوريا كافيًا لمنع إسرائيل من مساعدة أوكرانيا حتى بأنظمة دفاعية ودمر النفوذ الروسي على إيران إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة في مارس، وفي ليبيا، يدين الكثير من السياسيين الليبيين بحياتهم وحياتهم المهنية للأسلحة الروسية والآن هو الوقت المثالي لسداد تلك الديون، وبوتين يعرف ذلك.
واليوم، تظهر ليبيا أحيانًا في الأخبار الغربية. تسع مرات من كل عشرة، تحتاج تدفقات النفط الليبي إلى التعطيل حتى يتذكر الغرب وجودها وعندما تدخل الناتو في ليبيا، خبز نصف كعكة تغيير النظام لكنه لم ينجح في إنهاء المهمة بطريقة آمنة، وترك نصفها الآخر ففسدت الكعكة وأصبح الخليط حامضًا لفترة طويلة، وبالتالي فشلت تجربة ليبيا القصيرة مع الديمقراطية في غياب الدعم من حلف الناتو غير الملتزم، والذي كان مشوهًا من تجاربه في العراق وأفغانستان وجاهل عن كيفية التعامل مع بلد طالما تجاهله وبعد محاولة فاترة لإنشاء ديمقراطية، شهدت ليبيا حربًا أهلية ثانية ولم يستطع الغرب أن يقرر ما هو النهج الذي يجب اتباعه.
وبعد محاولة فاشلة أخرى توقف الغرب عن فعل أي شيء ذي جدوى في ليبيا وقد حاول الحفاظ على هذا الوضع الراهن منذ ذلك الحين ولكن روسيا ليس لديها مصلحة في الهدوء، وترى المجلة أن السبيل الوحيد أمام بوتين للخروج من مأزق أوكرانيا هو إجبار الغرب على منع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من محاولة تحقيق نصر كامل وللقيام بذلك، يمكنه استخدام الميزة الغربية الأكبر ضدها: الديمقراطية، وتمامًا كما تسقط القنابل الروسية على مواقع أوكرانية، سعت روسيا إلى تجميد الأوروبيين في منازلهم هذا الشتاء وستحاول الضغط على جيوبهم طوال عام 2023، في مضخة الوقود وعند عداد الكهرباء، وفي أي مكان آخر يمكنهم ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، تمتلك روسيا حصان طروادة في الناتو، فقد ساعد دعم تركيا الفاتر لأوكرانيا روسيا على إطالة أمد حربها، بينما أدى الحصار الاقتصادي الذي فرضه الغرب على روسيا إلى خلق فرص اقتصادية لحكومة أردوغان وعلاوة على ذلك، فإن إحجام تركيا عن قبول انضمام السويد إلى الناتو كان بمثابة تفضيل واضح لبوتين.
أما ليبيا، فهي ثمرة أخرى معلقة تسعى موسكو لقطفها، وترى الفرصة سانحة في بلد بدون حكومة، وبدون دستور، وبدون سيادة القانون، ومليئة بميليشيات المرتزقة يمكن لدبلوماسي ماهر، بدون منافسة من نظرائه الغربيين، تغيير دفة الأوضاع لتحقيق أقصى استفادة ممكنة لروسيا، وتنظر موسكو إلى ليبيا على أنها أرض الفرص.
وقد أرسل بوتين يد ماهرة لقطف الفاكهة الناضجة، فهو يجيد اللغة العربية علاوة على إلمامه بالثقافة العربية، التي يفتقر إليها نظرائه الغربيون أيضًا، لجذب القبائل الليبية للاعتقاد بأن روسيا ستخدمهم بشكل أفضل.