وسط مخاوف تطور الخلافات.. اتفاق أوروبي عربي على حل الدولتين وواشنطن تعارض الاستيطان
اتفقت السعودية والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، أمس الاثنين، على تشكيل مجموعة عمل لتنسيق الجهود وتشجيع "الشركاء الدوليين" على إظهار التزامهم بمبدأ حل الدولتين بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وسط مخاوف دولية من تطور الخلافات بين الجانبين.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الاثنين إن الولايات المتحدة تعارض التصريح الذي منحته إسرائيل بأثر رجعي لبؤر استيطانية يهودية في الضفة الغربية المحتلة.
واشنطن تعارض الإجراءات الإسرائيلية
وأضاف بلينكن في بيان "نعارض بشدة مثل هذه الإجراءات أحادية الجانب التي تؤدي إلى تفاقم التوتر وتقوض آفاق التوصل إلى حل الدولتين عبر المفاوضات".
فيما قال مسؤول إسرائيلي كبير الاثنين إن إسرائيل لم تتفاجأ بمعارضة الولايات المتحدة لقرارها بالترخيص بأثر رجعي لتسع بؤر استيطانية يهودية في الضفة الغربية المحتلة، مشيرًا إلى أن بلاده والولايات المتحدة مختلفتان بشأن هذه القضية منذ عقود.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه أن "هذه الخلافات لم تضر ولن تضر التحالف القوي بين إسرائيل والولايات المتحدة"، وفقًا لرويترز.
اجتماع ثلاثي
وعقد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيف بوريل، اجتماع ثلاثيًا في بروكسل مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان.
وذكر الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية أن الاجتماع بحث "عملية السلام في الشرق الأوسط، وتزايد أعداد الضحايا جراء العنف والصراع والاحتلال، وغياب الأفق السياسى للحل السلمى".
يأتي الاجتماع بعد ساعات من منح إسرائيل تصريحًا بأثر رجعي، الأحد، لـ9 بؤر استيطانية يهودية في الضفة الغربية المحتلة، مشيرة إلى أن "المجلس الأعلى للتخطيط والبناء في الإدارة المدنية (الإسرائيلي) سيجتمع خلال الأيام المقبلة، للمصادقة على بناء وحدات سكنية جديدة في المستوطنات بالضفة الغربية".
وأدان الاجتماع قرار الحكومة الإسرائيلية، بحسب البيانين اللذين قالا إن المجتمعين اتفقوا على "استكشاف سبل لإحياء وحماية الأفق السياسي لحل الدولتين، والتوصل إلى سلام عادل وشامل ودائم في المنطقة، وتحقيق الحرية والأمن والاعتراف والحقوق المتساوية لكافة الشعوب المتأثرة بهذا الصراع المستمر، وفقًا لمرجعيات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية".
المبادرة الأوروبية
واتفق المجتمعون على "استمرار التواصل مع الشركاء الدوليين والإقليميين لهذا الغرض"، مؤكدين "أهمية استمرار مبادرة السلام العربية وكذلك مقترح الاتحاد الأوروبي، الذي تم طرحه في خلاصات اجتماع المجلس الأوروبي في ديسمبر 2013، لطرح حزمة غير مسبوقة من الدعم السياسي والاقتصادي والأمني لفلسطين وإسرائيل في إطار اتفاق للحل النهائي".
وشدد الاجتماع على "الحاجة الماسة لإحياء جهود عملية السلام في الشرق الأوسط بما يؤدى إلى سلام إقليمي شامل"، مشيرين إلى أن هذا الجهد يهدف لـ"تحديد المساهمات التي يمكن لحكومات ومنظمات أطراف الاجتماع تقديمها لصالح السلام الشامل".
واتفق المسؤولون الثلاثة خلال الاجتماع على "تشكيل مجموعة عمل تتولى تطوير مقترحات للانخراط مع الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، والشركاء الدوليين المعنيين، من أجل تكثيف تنسيق الجهود لتشجيع الأطراف على أن تظهر، من خلال سياساتها وأفعالها، التزامها بحل الدولتين".
ووصف بوريل في مؤتمر صحفي، الاجتماع بـ"الجيد والمثمر"، معربًا عن قلقه إزاء التطورات في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وأسفه من غياب عملية السلام في الشرق الأوسط.
ولفت إلى أنه خلال الأسابيع الأخيرة كان هناك "تزايد في أعداد ضحايا العنف والهجمات الإرهابية، كما أن هناك استمرار في عمليات التوسع الاستيطاني وهدم المنازل".
وشدد المسؤول الأوروبي على ضرورة استكشاف سبل إحياء وحماية آفاق حل الدولتين وتحقيق سلام عادل وشامل ودائم من خلال البناء على مبادرة السلام العربية، وقرارات الأمم المتحدة، ومرجعيات الشرعية الدولية".
واعتبر أن هذه التحركات "ليست ضد أحد، وهو أمر جيد للطرفين الفلسطينيين والإسرائيليين"، مشيرًا إلى أن المجتمعين اتفقوا على "تجربة مقاربات جديدة لنرى كيف يمكننا إحداث المزيد من التأثير، إذ سنعمل على اتباع نهج إقليمي شامل".
وأشار بوريل إلى المجموعة الثلاثية التي تم تشكيلها ستعمل على "تقديم مقترحات بشأن النهج الإقليمي الشامل وتحديد المساهمات التي ستقدمها الحكومات والمنظمات الدولية المشاركة في تحقيق السلام الشامل"، وبحث "متى يمكن التوصل إلى اتفاق سلام نهائي بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
وأوضح أن المجموعة "ستقدم قريبًا تقريرها لنا وعلى أساسه سنتواصل مع الشركاء الدوليين والدول الأعضاء لدينا"، مشيرًا إلى "الحاجة للسلام في الشرق الأوسط ولكي يحدث ذلك، يجب أن يكون هناك سلام بين إسرائيل وفلسطين".
رفض سعودي للاستيطان
من جهته، اعتبر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن الاجتماع الثلاثي جاء "في وقت مهم جدًا وسط تطورات خطيرة في فلسطين"، مشيرًا إلى أن اعتراف إسرائيل بضم الـ9 بؤر استيطانية في الضفة الغربية "سيزيد من حدة التوتر وتعقيد الوضع ولهذا من المهم التركيز على إيجاد مسار للسلام".
ولفت إلى أن الهدف من الاجتماع "محاولة إحياء جهود مبادرة السلام، وتحقيق أهداف مبادرة السلام العربية ومن المهم إعطاء الفلسطينيين الأمل بوجود حلول لهذا الصراع".
يأتي هذا فيما أعلنت وزارة الخارجية السعودية، في بيان "رفض السعودية الاستيطان في أراضي فلسطين المحتلة، وأهمية التزام السلطات الإسرائيلية بالقرارات الدولية وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية من شأنها تقويض فرص إحياء عملية السلام".
وأكدت الوزارة على موقف الرياض "الداعم للقضية الفلسطينية وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".
واستولت إسرائيل على القدس الشرقية والضفة الغربية وغزة، وهي مناطق يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم المستقلة عليها، في حرب عام 1967.
وانهارت محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين عام 2014.
تحذير من "التطرف اليميني"
بدورها، قالت الجامعة العربية في بيان إن الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، أكد أن انسداد المسار السياسي، مع تصاعد التطرف اليميني في إسرائيل يُنذر بأسوأ العواقب، مُضيفًا أن على كافة أنصار السلام في العالم العمل على صيانة حل الدولتين من التقويض والتدمير الممنهج الذي تُمارسه إسرائيل.
وثمّن الأمين العام لجامعة الدول العربية جهود الاتحاد الأوروبي من أجل العمل على إحياء العملية السلمية بالتركيز على المبادئ الواضحة التي حملتها مبادرة السلام العربية لإنهاء الصراع وتحقيق السلام في المنطقة.
وقال جمال رشدي المتحدث الرسمي باسم الأمين العام إن "اجتماع بروكسل" تناول عملية السلام في الشرق الأوسط وخطورة غياب أفق سياسي للحل السلمي، وإن المشاركين أجمعوا على إدانة القرار الذي أعلنت عنه الحكومة الإسرائيلية بالأمس بشرعنة عدد من البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة.
وأضاف المتحدث أن الاجتماع الثلاثي عُقد لمتابعة اجتماع كان قد انعقد في نيويورك في 20 سبتمبر 2022 بمناسبة الذكرى العشرين لإطلاق مبادرة السلام العربية، وأن الهدف هو إعادة التأكيد على أهمية المبادرة باعتبارها سبيلًا لتحقيق السلام وإنهاء الصراع، وأنه تمت مناقشة عدد من الأفكار لتعزيزها من خلال طرح الاتحاد الأوروبي لحوافز غير مسبوقة، لكل من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، في حالة التوصل إلى اتفاق للحل النهائي.