«تدني المعروض».. الأفلام العالمية تكتسح المصرية في عقر دارها بإيرادات تجاوزت 80 مليون جنيه
جدل واسع داخل أروقة الجماعة السينمائية مؤخرا، ترجع أسبابه لانخفاض الإنتاج السينمائي المصري، ومنافسة عدد كبير من الأفلام الأجنبية في الإيرادات للأفلام المصرية.
جدير بالذكر أن بعض الأفلام الأجنبية تجاوزت إيراداتها أفلامًا مصرية تعرض في نفس التوقيت.
ويرى البعض أن السينما المصرية تعاني من الانحسار في موطنها، فيما يرى أخرون أنها تعيش انتعاشة في الإيرادات.
تفوق واضح
تفوقت السينما العالمية بدور العرض المصرية خلال السنوات الأخيرة، وهو ما ظهر جليا في إيرادات أفلام Avatar: The Way of Water، وبلاك آدم، وبلاك بانثر: واكاندا فور إيفر، التي حققت مفاجأة كبيرة بطرحها سينمائيا في مصر.
إذ تجاوزت إيرادات فيلم Avatar: The Way of Water ما يزيد عن 42 مليون جنيه، وفيلم "بلاك آدم" تجاوزت إيراداته 22 مليون جنيه، كما جصد فيلم "بلاك بانثر: واكاندا فور إيفر" ما يزيد عن 15 مليون جنيه.
أسباب نجاح Avatar
وقال الناقد السينمائي والمخرج أحمد عاطف درة، إن إيرادات الأفلام الأجنبية في دور العرض السينمائية المصرية شكلت مفاجأة بكل المقاييس، على رغم من أن بعضها عرض بنهاية العام الماضي 2022، وبعضها الآخر مع بداية العام الحالي.
وأضاف درة لـ"الرئيس نيوز"، أن بعض الأفلام الأجنبية، تجاوزت إيراداتها الأفلام المصرية بفارق لا يستهان به.
وتابع: "نادرًا ما يتفوق فيلم أجنبي بإيراداته على أفلام مصرية، خصوصًا إذا كانت الأفلام بطولة نجوم شباك، مثل محمد هنيدي ورامز جلال".
وأكمل: "أتمنى أن يتم عرض أفلام من جنسيات أخرى فى صالات العرض السينمائى بمصر، ولو حتى على الأقل تلك النوعية التى استطاعت جذب الانتباه العالمى وحققت نجاحات وجوائز فى مهرجانات دولية كبيرة.
وواصل: "للأسف السينما الأمريكية هي الأكثر عرضا في مصر، ونسبة أفلام الجنسيات الاخرى غير الأمريكية قد تصل إلى 10% فقط من المعروض بالسوق المصرية".
وعن تفسيره لحصد فيلم "Avatar: The Way of Water" لأعلى إيراد بمصر، قال: "هذا الفيلم كان من أنجح الأفلام فى العالم كله ليس على المستوى الفنى فقط، ولكن فى قدرته على حصد مكسب تجارى لأنه صنع بتكلفة ضخمة وبه تقنيات وتكنولوجيا متطورة جدا، تستهلك أموالا ضخمة من المنتج، والسبب فى إقبال الجمهور عليه أنه يتمتع بميزة مهمة، وهو أنه جزء ثان من فيلم "أفاتار" الذي حقق نجاح ورواج كبير وإيرادات ضخمة وانتشار حول العالم منذ فترة تتجاوز 10 سنوات، وهي ميزة قد لا تتوافر فى أفلام أخرى منافسة له".
وختم درة: "أفاتار كسب ثقة الجمهور من جزئه الأول، ولذلك حقق هذا النجاح حول العالم في جزئه الثاني".
أفلام مصرية مستهلكة
وعن التفاوت في الإيرادات بين الأفلام المصرية والعالمية، قال الناقد السينمائي محمد عبدالمنعم، إن الأفلام الأجنبية متنوعة جدًا وثرية وضخمة الإنتاج، ومنها ما هو مرشح لجوائز عالمية مثل الأوسكار، ويلعب بطولته كبار نجوم هوليود، وهذا كاف جدًا لإحداث هذه الفجوة في الإيرادات، خاصة مع إطلاع الأجيال الجديدة على وسائط أكثر انتشارا حول العالم، تتيح لهم متابعة أخبار السينما العالمية بكل سهولة".
أضاف عبدالمنعم لـ"الرئيس نيوز"، أن الأفلام المصرية معظمها محدودة التكلفة أو مكررة من حيث الأفكار الكوميدية المستهلكة، مشيرا إلى أن الجمهور أصبح شديد الوعي وراقي الذوق، ولا يمكن الضحك عليه بوضع أفلام غير مناسبة أو على الأقل محدودة الإمكانات فنيًا ومتواضعة من حيث المستوى، ونتوقع منه أن يذهب لحضور هذه الأعمال في حين تعرض أفلام عالمية ضخمة في الوقت نفسه بنفس قيمة التذكرة تقريبا، مثل فيلم "أفتار طريق الماء"، وهو أحدث إصدار للمخرج العالمي جيمس كاميرون، وتجاوزت إيراداته عالميًا ملياري دولار".
وتابع أن شرائح الجمهور السينمائي في مصر اختلفت كثيرا عن الزمن السابق، موضحا أن جيل الشباب يميل لمشاهدة الأفلام الأجنبية الأكثر تطورا، حتى جيل الأطفال من سن 8 إلى 14 سنة يميلوا سينمائيا للأعمال الأجنبية والعالمية التي تقدم لهم نموذج "سوبر هيرو" يتيح لهم التفكير والطموح، بعكس الأفلام المصرية التجارية التي لا تقدم شئ حقيقي يمكن للجمهور الاستفادة منه".
وأكمل: “الجمهور مطلع وواعي جدًا ويفهم ويدفع تذكرة للعمل الذي يستحق فعلًا، لهذا جاءت الأفلام الأجنبية في مقدمة الإيرادات”.
وزاد: "أن الأفلام المصرية المعروضة حاليًا تراهن على الأطفال والأسر البسيطة والجمهور الذي يريد قضاء وقت مسل وفسحة جيدة، وهذه الشريحة أصبحت غائبة عن السينما بشكل كبير مؤخرا، لظروف لها علاق بغلاء المعيشة، واعتبار السينما من وسائل الترفيه التي يمكن الاستغناء عنها".
أسعار تذاكر السينما
يشار إلى أن هناك تفاوت كبير في أسعار تذاكر السينما بين سينمات وسط البلد، وسينمات المولات الشهيرة.
وتتراوح أسعار تذاكر السينما في دور العرض الموجودة بوسط البلد بين 40 إلى 10 جنية.
أسعار تذاكر سينمات وسط البلد
- سعر تذكرة سينما دنيا كريم لجميع الحفلات 60 جنيهًا
- سعر تذكرة السينما في مترو القاهرة لكافة الحفلات مبلغ 90 جنيها
- سعر التذكرة في سينما داون تاون لكافة الحفلات مبلغ 60 جنيهًا
- سعر تذكرة سينما ديانا لكافة الحفلات مبلغ 40 جنيهًا
- سعر تذاكر سينما ميامي لكافة الحفلات مبلغ 50 جنيهًا
- سعر تذكرة السينما في بيجال لكافة الحفلات مبلغ 40 جنيهًا
- سعر التذكرة في سينما ليدو لكافة الحفلات 40 جنيهًا
بينما تبدأ أسعار تذاكر السينما في المولات الشهيرة من 120 جنية، وتصل إلى 350 جنية في بعض المولات الشهيرة.
زيادة الإيرادات
قال الموزع السينمائي طارق صبري: "صحيح أن هناك زيادة فى حجم الإيرادات بنسبة تصل 22% تقريبا خلال العام الأخير، ولكن هذا ليس بسبب زيادة حجم الجمهور، ولكن بسبب زيادة عدد الشاشات على مستوى الجمهورية، وهو بالطبع ما يزيد من نصيب عدد الشاشات المخصصة للأجنبى فى مصر، وكذلك زيادة سعر التذاكر في الكثير من دور العرض السينمائي، فضلا عن زيادة الضرائب على التذاكر نفسها، وهو ما يضطر أصحاب دور العرض لزيادة أسعار التذاكر خصوصا فى المواسم".
أضاف صبري لـ"الرئيس نيوز"، أن سعر التذكرة المرتفع سلاح ذو حدين، بشكل مباشر يساهم فى زيادة الإيرادات، وبشكل غير مباشر فهو يتسبب فى قلة عدد الرواد بسبب غلاء التذكرة، خصوصا أن أغلب الجمهور فى مصر ما يتعامل مع السينما أنها فسحة، وغلاء سعر التذكرة يجعل الجمهور يتجنب هذه الفسحة المكلفة.
الإنتاج السينمائي المصري
المنتج أحمد عبدالباسط يرى أن تصدر الأفلام الأجنبية الإيرادات بفارق كبير عن بعض الأفلام المصرية، يرجع لتغير الذوق السينمائي المصري، والتطلع لمتابعة الأعمال الأجنبية، بدلًا من الأفلام المصرية المحدودة المستوى، خاصة أن سعر التذاكر لا فرق فيه، وقال أن هناك أفلام مصرية تجاوزت إيراداتها 100 مليون جنية، موضحا أن الجمهور يختار الأفلام التي تجذبه (الأفلام المتعوب عليها بجد مش المقلوبة).
أضاف عبدالباسط لـ"الرئيس نيوز"، أن هناك أزمة أخرى تواجه السينما المصرية، وهي حجم الإنتاج الذي تضائل جدا في السنوات الأخيرة لعدة أسباب.
وقال: "دور العرض المصرية تعرض سنويا ما يقرب من 120 إلى 150 فيلما، ستجد أن الإنتاج المصري ضمنها لا يتجاوز 25 أو 30 فيلم، والباقي أغلبه أفلام أمريكية، وبعض الأفلام ن الجنسيات الأخرى".
وأشار إلى أن السينما المصرية تحتاج تكثيف الإنتاج وزيادته، مع تقديم أعمال قيمه بعيدة عن الشكل التجاري الذي اصبح لا يدر ربحا ولا يمتلك جمهور حقيقي.
صندوق دعم السينما المصرية
الناقد والمؤلف السينمائي أحمد شوقي، يرى أن الأزمة التي تواجهها السينما المصرية سببها الرئيسي في انقسام السينمائيين أنفسهم، ما بين صناع سينما تجارية يحققون إيرادات يعتبرونها جيدة ومرضيه لهم، وأخرون من صناع السينما العميقة، وهم يعانون كثيرا لإيجاد تمويل لأعمالهم.
وقال شوقي لـ"الرئيس نيوز": "في وقت سابق كان الجمهور العربي والمصري يميلون للسينما المصرية، ولكن مع الانفتاح على الغرب أصبحت السينما المصرية في غالبها ليست من أولويات المشاهد المصري ولا العربي، لأن من يمتلك الحد الأدنى من الثقافة والانفتاح سيختار الأفلام العالمية بدلا من المصرية التجارية".
وتابع أن مصر تمتلك مواهب تواكب الطفرة السينمائية الحاصلة في دول مثل تونس ولبنان والمغرب وفلسطين، مطالبا بدعم الدولة للإنتاج السينمائي.
وأكمل: "يجب تأسيس صندوق دعم وطني لتمويل المشاريع السينمائية الجادة الهادفة، والتي تحمل المشاهد لأفاق بعيدة في الشكل التقليدي الذي عهده عن السينما المصرية خلال عقدين كاملين من الزمن".
إيرادات الأفلام الأجنبية بدور العرض المصرية خلال 2023
Avatar: The Way of Water.. الإيرادات الكلية: 40،485،095 ج.م
Operation Fortune: Ruse de guerre.. الإيرادات الكلية: 3،376،674 ج.م
Plane.. الإيرادات الكلية: 2،903،886 ج.م
Puss in Boots: The Last Wish.. الإيرادات الكلية: 2،149،479 ج.م
Babylon.. الإيرادات الكلية: 861،112 ج.م
Mummies.. الإيرادات الكلية: 608،283 ج.م
The Offering.. الإيرادات الكلية: 581،058 ج.م
BTS: Yet to Come in Cinemas.. الإيرادات الكلية: 567،969 ج.م
The Smurfs: Next Adventures.. الإيرادات الكلية: 444،720 ج.م
وبلغت إيرادات السينما العالمية بدور العرض المصرية منذ مطلع عام 2023، ما يقرب من 80 مليون جنيه، وهو رقم أكبر بكثير مما حققته مجمل الأفلام المصرية المعروضة في نفس التوقيت.