"بدون إملاءات خارجية".. روسيا تدعم جهود حل الأزمة السياسية السودانية
نقلت صحيفة "بيبولز دايلي أونلاين" الصينية عن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف تأكيده دعم روسيا لجهود السودان لحل الأزمة السياسية في البلاد دون إملاءات خارجية.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع القائم بأعمال وزير الخارجية السوداني علي الصادق بمطار الخرطوم، قال لافروف: "ندعم جهود السودان لتحقيق الاستقرار كما ندعم الحوار الوطني بين السودانيين بعيدًا عن الإملاءات الخارجية"، مضيفًا: "إننا نؤيد مسعى السودان لرفع العقوبات المفروضة عليه وسنعمل لندعم بعضنا البعض فيما يتعلق بقرارات الأمم المتحدة".
وأشار لافروف إلى أن الجانبين ناقشا التنسيق في المحافل الدولية وإصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، داعيًا إلى إقامة عالم متعدد الأقطاب تتمتع فيه جميع الأطراف بفرص متساوية.
وتعليقًا على النزاع الروسي الأوكراني، سلط لافروف الضوء على أهمية تنفيذ اتفاقيات مينسك الهادفة إلى تحقيق وقف إطلاق النار في دونباس، قائلا: "لو وجهت الجهود لتنفيذ اتفاقات مينسك، لما كانت العملية العسكرية الروسية قد بدأت".
ومن جانبه، قال الصادق، إن السودان وروسيا اتفقتا على زيادة التعاون التجاري الثنائي وإعادة تشكيل “الأمم المتحدة عمومًا ومجلس الأمن بشكل خاص”.
كما أعرب عن دعم السودان لمساعي روسيا لخلق عالم متعدد الأقطاب تكون فيه جميع الأطراف متساوية بشكل عام وأكد أن السودان سيشارك في القمة الروسية الإفريقية المقرر عقدها في يوليو في روسيا.
ووصل لافروف إلى الخرطوم أواخر الأسبوع الماضي ليجري محادثات مع القادة السودانيين تناولت العلاقات الثنائية وعدد من القضايا الدولية والإقليمية كانت هذه ثاني زيارة يقوم بها لافروف إلى السودان منذ 2014 عندما كان السودان لا يزال يحكمه الرئيس السابق عمر البشير الذي أطيح به من السلطة في ثورة شعبية في عام 2019.
وتحت عنوان "الدبلوماسية الروسية ترى فرصًا في إفريقيا والشرق الأوسط لكسر عزلة موسكو"، رجحت صحيفة "آراب ويكلي" اللندنية أن استراتيجية موسكو الحالية ترمي إلى تعزيز البصمة الروسية من أجل تحقيق أهداف سياسية وعسكرية واقتصادية، وكان وزير الخارجية الروسي المخضرم سيرجي لافروف قد زار بالفعل عددًا من الدول العربية والأفريقية عندما وصل إلى الخرطوم يوم الخميس الماضي وكانت جولته قد أخذته قبل ذلك إلى العراق وموريتانيا ومالي وجنوب إفريقيا.
وفي السودان، كما في البلدان السابقة التي زارها، كان الدبلوماسي الروسي يسعى لتوسيع نفوذ موسكو في وقت تحاول فيه الدول الغربية عزل بلاده بفرض عقوبات في أعقاب اندلاع الصراع في أوكرانيا منذ 24 فبراير 2022.
وبالنسبة لروسيا، فإن ترسيخ وجودها في إفريقيا والشرق الأوسط يأتي مع مجموعة متنوعة من الفرص السياسية والعسكرية والاقتصادية ويبدو أن العقوبات الغربية لم تثن روسيا عن السعي وراء مصالحها النفطية مع كل من المملكة العربية السعودية والعراق ومن غير المرجح أن تدفعها للخروج من إفريقيا وأدرجت وزارة الخارجية السودانية التعاون الاقتصادي والتنسيق الدبلوماسي واستثمارات البنية التحتية ضمن بنود جدول أعمال مباحثات لافروف مع المسؤولين في الخرطوم.
وأضافت الصحيفة أن خطط السفر المكثفة لوزير الخارجية الروسي مدفوعة بالرغبة في كسب المزيد من النفوذ في إفريقيا والشرق الأوسط في وقت كان فيه تأثير الدول الغربية يتراجع وتعرضت هيبة فرنسا لضربة قوية نتيجة النكسات العسكرية والمنافسة الشديدة من القوى الأخرى وفي الأثناء؛ تكافح الولايات المتحدة لإثبات أنها لا تزال مهتمة بالقارة والمنطقة وتشعر الدول الغربية بالقلق على وجه التحديد من نفوذ روسيا الآخذ في الاتساع في منطقة الساحل الإفريقي ومناطقها الحدودية، حيث تتخذ موسكو موقفًا بديلًا عن الغرب "الاستعماري الجديد" وأثناء وجود لافروف في المدينة، كانت الخرطوم تستضيف أيضًا مبعوثين من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ودول أخرى يحاولون لعب دور في انتقال السودان إلى الحكم المدني.
وفي السودان التقى لافروف بنظيره علي الصادق ورئيس المجلس الحاكم في السودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه اللواء محمد حمدان دقلو.
ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن الأهداف الاستراتيجية كانت حاضرة بوضوح طوال الوقت الذي قضاه لافروف بالسودان، وكان المجلس العسكري الحاكم في السودان في السابق يدرس السماح لروسيا بفتح قاعدة بحرية على ساحل البحر الأحمر، وهي منطقة حيوية تتنافس فيها دول الخليج وتركيا أيضًا على النفوذ.
وقال وزير الخارجية الروسي إن الاتفاق على القاعدة تم التوصل إليه في السابق، لكنه ينتظر تشريعًا سودانيًا لتنفيذه.
وذكر المحلل السوداني أمين مجذوب لصحيفة "ذي إيست أفريكان" أنه من الواضح أن حرب القواعد العسكرية قد بدأت و"يبدو أن كل دولة تريد الاحتفاظ بموطئ قدم على الساحل السوداني" وطوال جولته الأفريقية، عرض لافروف المساعدة في استيراد المواد الغذائية والوقود ولكن القوة الصارمة لروسيا هي التي غالبًا ما كانت تلوح في الأفق بشكل كبير في محادثاته وبين عامي 2016 و2020، ذهب حوالي 20% من صادرات الأسلحة الروسية إلى دول القارة الأفريقية.
قالت إيرينا فيلاتوفا، من المدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، لدويتشه فيله إن روسيا تهدف إلى تقديم نفسها على أنها وسيط أمن القارة من أجل "مواجهة الغرب الجماعي" وعرض صورة "المدافع عن إفريقيا"، وهو هدف يبدو أن الغرب قد فشل في تحقيقه".