تحليل| ماذا سيجني السودان من مساعي التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي؟
بدا أن السودان ودولة الاحتلال الإسرائيلي في طريقهما لوضع اللمسات النهائية لاتفاق تطبيع العلاقات بين البلدين؛ إذ أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين أن إسرائيل والسودان سيوقعان اتفاق سلام في واشنطن في غضون أشهر، وأوضح أن إنجاز نص الاتفاقية تمّ خلال زيارته إلى الخرطوم ولقاء رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.
ووفق تقارير فإن اتفاق التطبيع المرتقب بين السودان وإسرائيل، له أهمية رمزية؛ لأن الخرطوم كانت مقرًا لاجتماع جامعة الدول العربية عام 1967، حين صوت الأعضاء لعدم الاعتراف بإسرائيل.
وأعلنت الخارجية السودانية، الخميس الماضي، أن اتفاقًا مع إسرائيل على المضي في تطبيع العلاقات بين البلدين، وقالت في بيان، "بحثنا مع إسرائيل تطوير العلاقات في المجالات المختلفة".
كما أعلن مجلس السيادة السوداني، أن رئيس المجلس الفريق أول عبدالفتاح البرهان التقى اليوم بمكتبه، وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين والوفد المرافق له، بحضور وزير الخارجية المكلف السفير علي الصادق.
تفاصيل اللقاء
وتطرق اللقاء مع وزير الخارجية الإسرائيلي الذي وصل الخرطوم اليوم في زيارة رسمية استغرقت يوما واحدا، لسبل إرساء علاقات مثمرة مع إسرائيل وتعزيز آفاق التعاون المشترك بين الخرطوم وتل أبيب في مجالات الزراعة والطاقة والصحة والمياه والتعليم لاسيما في المجالات الأمنية والعسكرية.
كما حث الجانب السوداني الجانب الإسرائيلي على تحقيق الاستقرار بين إسرائيل والشعب الفلسطيني. وتناول اللقاء الدور الذي يلعبه السودان في معالجة القضايا الأمنية في الإقليم.
وهذه ليست الزيارة الأولى لكوهين إلى السودان، إذ زار كوهين السودان، عندما كان وزيرا للمخابرات عام 2021، في زيارة غير مسبوقة.
وبدأ البلدان في إبداء الرغبة في تطبيع العلاقات بينهما، في 2020، إذ أعربا عن استعدادهما تطبيع العلاقات، عبر بدء علاقات اقتصادية وتجارية متبادلة. إلا أن تلك الخطوة أثارت في حينها انتقادات من قبل مجموعات مدنية وسياسية، اعتبرت أن حكمًا انتقاليا لا يمكن أن يلزم البلاد بمثل تلك القرارات والعلاقات، مما دفع وزارة الخارجية السودانية في 23 أكتوبر 2020 إلى التوضيح أن الحكومة اتخذت خطوة الاتفاق على التطبيع مع إسرائيل، لكنها تترك للبرلمان الانتقالي، الذي لم يتشكل بعد أمر قبولها أو رفضها لاحقًا.
تصريحات كوهين
وقال كوهين بعد عودته مساء الخميس، إنّ رحلته إلى الخرطوم تمت "بموافقة الولايات المتحدة الأمريكية"، وأن الزيارة ترسي الأسس لاتفاق سلام تاريخي مع دولة عربية استراتيجية. وأن اتفاق السلام بين إسرائيل والسودان سيعزز الاستقرار الإقليمي وسيساهم في الأمن القومي لدولة إسرائيل".
وقال كوهين إنه من المتوقع أن يقام احتفال التوقيع، بعد انتقال السلطة في السودان إلى حكومة مدنية.
وخلال العام 2020 طبعت كل من الإمارات والبحرين والمغرب رسميا العلاقات مع إسرائيل عام 2020، ضمن ما يعرف بـ"اتفاقيات إبراهام"، التي جرت برعاية الولايات المتحدة.
أهمية التطبيع لإسرائيل
ووفق تقرير نشره، موقع "بي بي سي"، فإن الجانب الإسرائيلي يعدد فوائد تطبيعه مه السودان، وقد لخص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو كل ذلك، في تصريحات تلت الاعلان عن التطبيع مع السودان بقوله، إن اتفاقات السلام مع دولة الإمارات والبحرين والسودان حتى الآن، جيدة "للأمن والقلب والجيب" حسب تعبيره.
وفي معرض حديثه عن فوائد التطبيع مع السودان تحديدا، قال نتنياهو إن التقارب مع الخرطوم، سيفتح منافع للإسرائيليين، الذين يعبرون المحيط الأطلسي.
أضاف: "نحن الآن نطير غربا، فوق السودان، وفقا لاتفاقات عقدناها حتى قبل أن نعلن التطبيع، وفوق تشاد، التي أقمنا معها أيضا علاقات، إلى البرازيل وأمريكا الجنوبية".
أما الفوائد الأمنية والاستراتيجية التي ستحصل عليها اسرائيل متعددة جدا، فعبر اقامتها علاقات أمنية ودبلوماسية مع السودان، ستطلع الحكومة الإسرائيلية على نشاطات تعتبرها إرهابيية أو معادية لها، في مناطق متاخمة للسودان، مثل تشاد ومالي والنيجر، كما أن إسرائيل تنظر للفائدة الأكبر من الناحية الاستراتيجية، وهي ابعاد السودان تماما عن الحلف الإيراني.
إلى جانب ذلك لا يمكن إغفال الأهمية الاستراتيجية للسودان على مياه البحر الأحمر، وهنا تجدر الإشارة إلى أن مصر رفضت قبل ذلك مشاريع لدول إقليمية في السودان بينها تركيا وإيران، ومن المؤكد أن القاهرة سترفض الأمر ذاته إذا ما أقبلت عليه إسرائيل في السودان.
فوائد التطبيع للسودان
وبالنسبة للسودان فإن كثيرا من المراقبين، يرون أن الفائدة ستنحصر في فتح الأبواب له للتعاون اقتصاديا مع مؤسسات العالم المالية، بعد رفع اسمه من القائمة الأمريكية للإرهاب.
إلى جانب إمكانية استعانة الخرطوم، بالتقنية الاسرائيلية المتطورة، في مجال الزراعة بما يسهم في زيادة الانتاجية الزراعية، وتنوع المحاصيل بالنظر إلى أن السودان، الذي يملك مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.
مساعدة أمريكية
ووفق صحيفة هآرتس الإسرائيلية نقلًا عن مسؤول إٍسرائيلي وصفته بالكبير أن السودان يستعد للتوقيع على اتفاق تطبيع للعلاقات مع تل أبيب.
وأضاف مصدر للصحيفة أنّ الاتصالات الجارية بين تل أبيب والخرطوم -بمساعدة أميركية- حققت تقدما ملموسا بين الجانبين يبشر بقرب التوقيع على ما تعرف باتفاقات أبراهام.
وذكرت هآرتس أن ما وصفتها بالعلاقات الجيدة بين القيادة السياسية الأمنية الإسرائيلية مع السلطات العسكرية في السودان أحيت جهود التطبيع من جديد.
في هذه الأثناء، هبطت طائرة إسرائيلية في مطار الخرطوم، وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن الطائرة التي تحمل اسم "فور إكس سي يو زد" (4X-CUZ) قد أقلعت من مطار تل أبيب فجرا متوجهة إلى السودان.