مستهدفات حكومية بمواصلة تحقيق فائض أولى بالموازنة يصل 2.4% سنويًا
تقف الدولة المصرية على أعتاب مرحلة جديدة من الإصلاحات الاقتصادية التى تعتزم من خلالها السيطرة على تطورات الأزمة الاقتصادية العالمية وانعكاساتها على الوضع المحلى، سواء على صعيد أزمة التضخم وتراجع النقد الأجنبى وكذلك عجز الموازنة والدين العام.
تشير التقديرات الدولية بتوقع تراجع معدلات النمو والنشاط الاقتصادى على مستوى العالم، كما يتوقع استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية ومدخلات الإنتاج وبالتالى ستظل معدلات التضخم مرتفعة عالميًا، مما سيساهم فى استمرار السياسات النقدية التقييدية المتبعة من قبل معظم البنوك المركزية، وبالتالى فإن أسعر الفائدة المرتفعة ستظل سائدة وهو ما يمثل أعباء شديدة ومتزايدة على موازنات كافة الدول وخاصة الدول النامية.
إزاء تلك التحذيرات الدولية، تعتزم الدولة المصرية استئناف إصلاحاتها للحفاظ على استقرار الأوضاع الاقتصادية والتعامل مع الآثار السلبية لما يمر به العالم ومصر من تحديات اقتصادية عنيفة خلال الفترة الحالية والحفاظ على استدامة مؤشرات الاقتصاد الكلى، خاصة المؤشرات المتراجعة "نسبة خدمة الدين الخارجى للناتج المحلى" وكذلك التى تحتاج إلى تحسين كبير "نسبة الدين الحكومى وخدمته للناتج المحلى"، وضمان اتساق السياسات المالية والنقدية فى تحقيق تلك الأهداف.
فعلى جانب الإصلاحات والتدابير الخاصة بالسياسة المالية، تستهدف الحكومة استمرار جهود الانضباط المالى متمثلة فى استمرار تحقيق فائض أولى سنوى كبير مستدام بالموازنة العامة يتراوح بين 2.1% - 2.4% سنويًا من الناتج المحلى لضمان تراجع نسبة إجمالى الاحتياجات التمويلية لأجهزة الموازنة كنسبة من الناتج المحلى خلال فترة برنامج الإصلاح، وخفض مستوى الدين العام لأقل من 80% إلى الناتج المحلى مع إطالة عمر الدين من 3 لـ 5 سنوات.
أما على جانب السياسة النقدية، فيستهدف البنك المركزى تطبيق نظام سعر صرف مرن لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وذلك لزيادة رصيد الاحتياطيات الأجنبية تدريجيًا.
وعلى جانب التدابير والإصلاحات الهيكلية، تعتزم الحكومة إعطاء أولوية للمشروعات التى تدفع معدلات الانتاج والتصدير السلعية والخدمية وكذلك الدفع بالأنشطة الخضراء وزيادة دور القطاع الخاص بالاقتصاد المصرى.
بدوره، أكد الدكتور خالد الشافعى الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، أن الاقتصاد المصرى يتجه بخطى ثابته نحو التعافى من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وانعكاساتها على السوق المحلى، مشيرًا إلى أن الحفاظ على مرونة سعر صرف العملة الوطنية وترشيد استخدامات العملة الصعبة سيفتح آفاق نحو من الخروج من هيمنة الدولار علي التعاملات الدولية.
وأشارالخبير الاقتصادى، فى تصريحات خاصة، إلى أن أولى تلك الخطوات بدأ بقرار البنك المركزى الروسى استخدام الجنيه المصري والروبل الروسى فى المعاملات التجارية بين البلدين بدلًا من الدولار، سيسهم فى تقليص فاتورة الواردات بنسبة 5% على أقل تقدير، وتوفير مزيد من احتياطيات النقد الأجنبى، خاصة إذا ما تم تعميم تلك الخطوة مع دول أخرى مثل الهند والصين اللذان يرتباط مع مصر بحجم تبادل تجارى ضخم.
وأضاف "الشافعى"، أن الدولة المصرية استطاعت إدارة الأزمة بشكل جيد والتدخل بحزمة من الإجراءات والقرارات على صعيد السياسات المالية والنقدية والاجتماعية أيضًا للسيطرة على ارتفاعات التضخم وإعادة استقرار سوق الصرف، بداية من فرض بعض القيود على عملية الاستيراد لضمان عدم استغلال الأزمة وطرح أوعية إدخارية لامتصاص السيولة النقدية من السوق، وبالتالى نجحت فى تحقيق الغرض من ذلك وهو السيطرة على سوق الصرف، متوقعًا تراجع سعر الدولار بشكل متتابع أمام الجنية المصرى بنهاية العام المالى الحالى.
وتابع: أن التوقعات الحكومية إزاء أداء الاقتصاد الوطنى لازالت متحفظة، فى ظل وجود مجموعة من المتغيرات المتعلقة بتباطؤ حركة التجارة عالميًا وارتفاع تكاليف النقل والشحن والطاقة، وارتفاع حجم الدين العالمى، إلا أن مصر رغم الأزمة لديها القدرة على امتصاص تلك الصدمات وتحقيق معدلات نمو اقتصادى موجبة وتحقيق فائض أولى فى الموازنة العامة والتوسع فى برامج الحماية الإجتماعية.