الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادى الأولى 1446
رئيس التحرير
شيماء جلال
عاجل
تقارير

هل تحول طالبان أفغانستان إلى قاعدة لتنظيم الإخوان؟

الرئيس نيوز

تعتقد محللة الشؤون السياسية ورئيسة تحرير جريدة الإندبندنت فارسي، كاميليا إنتخابيفارد، أن التطورات المعروفة باسم الربيع العربي أحدثت حالة واسعة النطاق من انعدام الاستقرار والأمن والعنف لعدد من الدول العربية وأدت إلى سقوط حكومات في مصر واليمن وليبيا وتونس والجزائر ومهدت أرضية مواتية لإحياء أنشطة تنظيم الإخوان المتطرف وفي نهاية المطاف أدت إلى وصوله إلى السلطة في عدد من الدول مثل مصر وتونس، كما تطلع قادة الإخوان والجماعات الأخرى المرتبطة بهذه المنظمة إلى الدول الأخرى بحثًا عن فرص للاستيلاء على السلطة واستغلوا هذه الأحداث وحاولوا نشر نفوذهم وقوتهم في كل مكان واشتدت الاشتباكات بين الدول المحبة للحرية والجماعات التي تروج لأجندات الإسلام السياسي.

وأضافت كاميليا إنتخابيفارد: لهذا انتفض أهل مصر على الإخوان وأطيح بالحكومة التي شكلها الإخوان واستطاعت مصر أن تنقذ نفسها من مستنقع التطرف.

ثم جاء الدور على تونس؛ بعد النضال من أجل الحرية وسقوط حكومة بن علي، كانت البلاد تسقط في أيدي حزب النهضة، لكن النضال من أجل التحرر من التطرف بدأ حتى يمكن للبلاد أن تتجه مرة أخرى نحو الديمقراطية والحرية التي هي مطلب للجميع.

وكانت هزيمة الإخوان وانهيار قواعد التنظيم في مصر وتونس بمثابة ضربة قاسية للتنظيم وخلقت تحديات خطيرة للجماعات المرتبطة به ومع مرور الوقت واستمرار النضال ضد التطرف في مختلف دول المنطقة، أصبحت الأمور أكثر صعوبة بالنسبة للجماعات المرتبطة بالإخوان. 

ومع ذلك، غادر العديد من قادة المجموعة إلى تركيا وقطر وحاولوا مواصلة أنشطتهم السياسية من هناك وعلى الرغم من أن دول المنطقة حذرت مرارًا وتكرارًا من خطر نشاط قادة الإخوان في تركيا وطالبوا بإنهاء أنشطتهم التهديدية، إلا أن الحكومة التركية لم تأخذ هذه التحذيرات على محمل الجد، وفقط بعد أن شعرت أنقرة بحجم التهديد الأمني قررت أخيرًا فرض العديد من القيود على تحركات الإخوان وحاولت أيضًا تحسين العلاقات مع الدول العربية في منطقة الخليج العربي ومصر.

وكانت العلاقات بين القاهرة وأنقرة قد توترت عندما منحت تركيا، التي عارضت مطالب مصر ودول عربية أخرى في المنطقة، ملجأ لقادة الإخوان الهاربين في تركيا ولم تتوقف أنشطتهم السياسية، ثم تغير نهج تركيا تجاه الإخوان ووجد قادة التنظيم أنفسهم أمام كثير من القيود وبحثوا عن خيار آخر لمواصلة أنشطتهم ومع وصول طالبان إلى السلطة في أفغانستان، هناك أرضية جديدة لعودة الجماعات الإرهابية والمتطرفة في هذا البلد.

ورأى قادة الإخوان، الذين كانوا غارقين في خيبة الأمل واليأس، أفغانستان كخيار أفضل لاستئناف أنشطتهم وبدأوا العمل بسرعة لإقامة علاقات مع طالبان، الذين هم أنفسهم في عزلة ويبحثون عن حلفاء وشركاء جدد لإنقاذ أنفسهم، ومن أجل تحقيق هذا الهدف، بدأت الاتصالات بين قادة الإخوان في تركيا وقادة طالبان وسافرت وفود رفيعة المستوى تمثل كلا الجانبين إلى تركيا وأفغانستان وشمل ذلك رحلة وفد طالبان برئاسة ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان إلى تركيا والعديد من الرحلات التي قام بها قادة الإخوان من تركيا وفلسطين والسودان إلى كابول.

وأضافت إنتخابيفارد: "يجب ألا ننسى أن الإخوان، على مدى أكثر من أربعة عقود، قد أقاموا روابط عميقة مع مختلف الجماعات الجهادية والأصولية في أفغانستان، ولعب كلا الجانبين دورًا في تطوير الإرهاب والتطرف الإقليمي وعبر الإقليمي".

وتابعت: "لا شك أن الشراكة بين الإخوان والجماعات المتطرفة المرتبطة بمدرسة ديوبند كانت العامل الأساسي الذي أدى إلى ظهور الجماعات المتطرفة والإرهابية ولا شك في أن أفكار سيد قطب - وخاصة كتبه مثل في ظلال القرآن ومعالم على الطريق - لها صلة بالأفكار الديوبندية الصارمة وأدت إلى أعمال عنف وصدامات بين المسلمين ويعتقد العديد من الخبراء أن الجماعات الإرهابية مثل القاعدة وداعش قد خرجت من هذه الفوضى الفكرية.

ويبدو الآن أن الإخوان وطالبان (الجماعة الأكثر تطرفا المرتبطة بمدرسة ديوباند) تهدف إلى العمل معا مرة أخرى وتعتزم استخدام أفغانستان، التي تحولت الآن إلى مركز للإرهاب في ظل حكم طالبان، كنقطة انطلاق منها لتهديد دول المنطقة والعالم، ولفتت إنتخابيفارد إلى أن الرحلة الأخيرة لقادة الإخوان تحت اسم "العلماء ورجال الدين" إلى أفغانستان ولقاءاتهم العديدة مع قادة طالبان في قندهار وكابول هي دليل على الحالة الراهنة لتحالف في طور النمو وتدل على أن العالم قد يواجه قريبًا تهديدات من مجموعات إرهابية جديدة بالإضافة إلى صراعه مع الجماعات الإرهابية الحالية ولا شك أن الشراكة بين الإخوان وطالبان لها عواقب وخيمة وخطيرة، وسيؤدي استمرارها إلى سقوط آلاف من الضحايا الأبرياء ومثلما تعرض العالم للتهديد من قبل القاعدة وداعش من قبل، يمكن أن يواجه العالم المزيد من العنف والإرهاب هذه المرة أيضًا.

لذلك يجب على العالم أن ينظر بجدية في مسألة عمل الإخوان وطالبان مع بعضهما البعض بشكل وثيق والعمل بحزم لوقف تنامي هذا التهديد الكبير وإذا لم يؤخذ هذا الأمر على محمل الجد، فقد يكون له عواقب وخيمة على العالم ولم ينس العالم كارثة الحادي عشر من سبتمبر، وأعمال العنف والقتل التي ارتكبها تنظيم داعش أو قطع الرؤوس على يد جماعة بوكو حرام الإرهابية في إفريقيا.

والآن، أيضًا، يجب أن تؤخذ الاجتماعات بين قادة طالبان والإخوان على محمل الجد. إن فرحة قيادات الإخوان من طالبان إلى السلطة ومدحهم لهم تظهر أن الجماعتين تسير على طريق الشراكة وتهدف إلى تحويل أفغانستان إلى قاعدة لنشاطهم المتطرف والإرهابي واستخدم الدكتور علي محي الدين القرداغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الموقع الإلكتروني لهذه المنظمة للتعبير عن تفاؤله بشأن التطورات في أفغانستان بعد صعود طالبان إلى السلطة واحتفل، القرداغي الذي كان مقربًا من يوسف القرضاوي، بخروج قوات الاحتلال وانتصار طالبان وفي إحدى خطاباته، قال إنه إذا هُزمت حكومة طالبان، التي يتخذها كمثال للعدالة الإلهية، فستكون هذه خسارة كبيرة وعذرًا لـ "الكفار" للادعاء بأن المسلمين لا يستطيعون أن ينشئوا أنظمة خاصة بهم أو يتولون زمام الأمور بأيديهم.

وتهدف الإخوان في اجتماعاتها مع قادة طالبان إلى تشجيع الجماعة الأفغانية على التراجع عن قراراتها بمنع النساء من التعليم والعمل. 

وبالتالي يأملون في تشكيل وجه جديد لطالبان ومن ثم الضغط في مختلف الدوائر الإقليمية والدولية ودعوة العالم لدعم نظام طالبان والاعتراف به وبالتالي منع عزلته وسقوطه وعندئذ يمكن للإخوان استغلال هذه الفرصة للتنظيم في ظل حكم طالبان ومحاولة الوصول إلى أهدافها وأسبابها التي ستعني التهديدات والعنف للعالم.