قائمة طويلة من الخلافات التركية الأمريكية تعرقل صفقة مقاتلات "إف 16" لأنقرة
في محاولة تركية لتحريك العلاقات مع أمريكا المتأرجحة بين الجمود والتحرك البطيء، حثت أنقرة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على أن تكون "حاسمة" بشأن سعيها لبيع طائرات حربية من طراز "إف 16" لأنقرة، وإقناع الكونجرس بالتخلي عن معارضته صفقة مزمعة بقيمة 20 مليار دولار.
وتعاقب أمريكا تركيا على شرائها منظومة (إس 400) الروسية، بمنعها إياها شراء مقاتلات من طراز (إف 16).
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، للصحافيين في واشنطن، إنه أبلغ نظيره الأميركي أنتوني بلينكن أن تخلي أنقرة عن اعتراضها على انضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي يجب ألا يكون شرطا مسبقًا لبيع مقاتلات "أف 16".
وقال جاويش أوغلو عقب لقائه بلينكن في تصريحات نقلتها قناة "تي. آر. تي" التركية الرسمية "المهم هنا هو ما إذا كانت الإدارة ستكون حاسمة أم لا. إذا أبدت موقفًا قويًا ضد أي خطوات لمنع هذا، فسيتم حل المشكلة".
وعبرت إدارة بايدن عن دعمها بيع الطائرات لتركيا، على الرغم من معارضة الكونجرس بسبب سجل أنقرة الحقوقي المثير للجدل وسياستها إزاء سوريا، وذلك في إطار مساعي الإدارة للحفاظ على وحدة حلف الأطلسي في مواجهة الحرب الروسية على أوكرانيا.
لكن الكونجرس أبدى اعتراضًا شديدًا على الصفقة. ويرفضها السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، التي يراجع رؤساؤها المبيعات العسكرية الخارجية الكبيرة.
وقال جاويش أوغلو "لا ينبغي أن تضيع الإدارة مثل هذه الصفقة المهمة بين حليفين لمجرد أن شخصًا واحدًا أو قلة من الناس يعترضونها. لا ينبغي أن ترضخ".
وأصبح رفض أنقرة التصديق على انضمام السويد وفنلندا لحلف الأطلسي سببًا رئيسًا في اعتراض الكونجرس.
وتحاول إدارة الرئيس التركي استغلال رغبة الاتحاد الأوروبي وأمريكا في قبول عضوية السويد وفنلندا إلى حلف الناتو برفض الأمر؛ لتحقيق مكاسب لتركيا فيما يتعلق برفع العقوبات الأمريكية عنها.
سياسات تركية
وقال السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين، في بيان، "الهجمات المتكررة التي شنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على حلفائنا الأكراد السوريين واستمرار التقارب مع روسيا، بما في ذلك تأخير عضوية السويد وفنلندا في حلف شمال الأطلسي، ما زالت تمثل أسبابًا جدية للقلق".
أضاف، "كما قلت من قبل، لكي تستلم تركيا طائرات (أف 16)، نحتاج إلى تأكيدات أنه ستتم معالجة هذه المخاوف".
ووفق “إنديبندنت عربية”، تقدمت الدولتان الاسكندنافيتان بطلب للحصول على عضوية الحلف العام الماضي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن يتعين موافقة جميع الدول الأعضاء الـ30 في الحلف على الطلبين اللذين لم تصادق عليهما تركيا والمجر بعد.
واعترضت أنقرة متهمة الدولتين بإيواء جماعات تعتبرها إرهابية. وقالت إن السويد على وجه الخصوص يجب أن تتخذ أولًا موقفًا أكثر وضوحًا ضد هذه الجماعات، لا سيما المسلحين الأكراد وجماعة تحملها مسؤولية محاولة الانقلاب في 2016، وهي جماعة فتح الله جولن رجل الدين التركي المعارض لأدروغان والذي يتخذ من أمريكا ملجأ له.
تصريحات جاويش أوغلو
وخلال لقائه مع بلينكن قال جاويش أوغلو، إن موافقة أنقرة على طلب الدولتين الانضمام لحلف شمال الأطلسي لم تحدد كشرط مسبق، لكنه ذكر أن الجانب الأميركي أوضح أن الكونجرس سيعتبرها شيئًا إيجابيًا.
وأضاف جاويش أوغلو أن أنقرة لا تنكر أن البلدين اتخذا خطوات لمعالجة مخاوفها الأمنية، لكن هناك المزيد الذي ينبغي عليهما القيام به وأنهما على علم بذلك.
ونتيجة المواقف التركية إزاء الحرب الروسية على أوكرانيا، وتحديدًا فيما له صلة بمعارضتها تلك الحرب، ومنع مرور أي سفن حربية من مضيق البسفور، وكذلك دورها في اتفاق نقل الحبوب بين روسيا وأوكرانيا، تحسنت تدريجيًا العلاقات بين تركيا وأمريكا.
واشنطن قلقة
وتقول تقارير إن جفوة في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا حدثت بعد شراء أنقرة منظومات دفاع صاروخية روسية في 2019.
واجتمع جاويش أوغلو وبلينكن عدة مرات في الماضي في قمم لحلف الأطلسي واجتماعات للأمم المتحدة، لكن دعوة إدارة بايدن للوزير التركي للقيام بزيارة رسمية استغرقت عامين تقريبًا، وهو تأخير يقول محللون إنه يعكس توتر العلاقات.
وأثنت الولايات المتحدة على تركيا في بعض أفعالها خلال حرب أوكرانيا، بما يشمل التوسط في محادثات ممر الحبوب، لكن واشنطن قلقة أيضًا إزاء توطيد أنقرة علاقاتها مع موسكو.
والبلدان أيضًا مختلفان حول رغبة تركيا في تنفيذ عملية عسكرية في سوريا، وعزمها تطبيع العلاقات مع دمشق. ومن طرفها، تطالب أنقرة واشنطن بعدم دعم الفصائل المسلحة الكردية السورية التي ترى أنها إرهابية.
وأثر التوتر في ما يتعلق ببحر إيجه بين تركيا واليونان، العضو أيضًا في حلف شمال الأطلسي، سلبًا على المشاعر في الكونغرس الأميركي تجاه أنقرة.
وأخطرت وزارة الخارجية الأميركية بشكل غير رسمي، الأسبوع الماضي، اللجان التي تشرف على مبيعات الأسلحة في مجلسي الشيوخ والنواب بنيتها المضي قدمًا في البيع.
لكن مسؤولًا كبيرًا في الإدارة الأميركية قال إن واشنطن لن تمضي قدمًا على الأرجح في صفقة البيع ما لم يتراجع مينينديز عن معارضته.
وصحيح أن بوسع الكونجرس عرقلة مبيعات الأسلحة للخارج، لكن لم يسبق له أن استطاع حشد أغلبية الثلثين في كلا المجلسين المطلوبة للتغلب على حق النقض الرئاسي.
وقال جاويش أوغلو، إن الجانب الأميركي لم يحدد موعدًا لإرسال الإخطار الرسمي بشأن مقاتلات "أف 16" إلى الكونجرس.