أرقام التضخم تضع الإجراءات الحكومية في مأزق.. وخبراء: سياسات البنك المركزي "مسكنات"
أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع معدل التضخم الشهري 2.1% لشهر ديسمبر 2022، حيث بلغ الرقم القياسي العام لأسـعار المسـتهلكين لإجمالي الجمهورية 143.6 نقطة لشهر ديسمبر 2022، بينما سجل معدل التضـخم السنوي لإجمالي الجمهورية 21.9% لشهر ديسمبر 2022 مقابل 6.5% لنفس الشهـر من العام السابق.
وأرجع جهاز الإحصاء، أهم أسباب هذا الارتفاع إلى ارتفاع أسعار مجموعة الفاكهة بنسبة 7.6%، مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 6.4%، مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 5.0%، مجموعة الأسماك والمأكولات البحرية بنسبة 3.1%، مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 2.8%، مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة 2.5%، مجموعة الزيوت والدهون بنسبة 2.3%، مجموعة الخضروات بنسبة 2.3%، مجموعة الملابس الجاهزة بنسبة 1.6%، مجموعة الأحذية بنسبة 1.7%، مجموعة الأثاث والتجهيزات والسجاد واغطية الارضيات الأخرى بنسبة 3.3%، مجموعة الأجهزة المنزلية بنسبة 3.0%، مجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 1.6%، مجموعة شراء المركبات بنسبة 2.8%، مجموعة خدمات البريد بنسبة 12.9%، مجموعة معدات الصوت والصورة ومعدات التصوير وتجهيز المعلومات بنسبة 3.0%، مجموعة الوجبات الجاهزة بنسبة 2.9%، مجموعة امتعة شخصية بنسبة 9.8%، بالرغم من انخفاض أسعار مجموعة الرحلات السياحية المنظمة بنسبة - 10.4%.
وتشهد معدلات التضخم الشهرية قفزات مطردة منذ بداية عام 2022، بعد أن سجلت معدلات دون الصفر بنهاية عام 2021، وبدأت تتسارع وتيرة الضغوط التضخمية بداية من شهر فبراير الماضى حينما قفز المعدل الشهرى من 2% فى فبراير لـ 2.4% فى مارس الماضى، ليسجل ذروته فى أبريل الماضى بنسبة 3.7%، قبل أن يتراجع مؤقتًا لـ 0.9% فى مايو و-0.3% فى يونيو، و0.9% فى يوليو الماضى، و0.5% فى أغسطس، ثم عاودت المعدلات ارتفاعها بشكل كبير فى سبتمبر بنسبة 1.6%، وأكتوبر 2.5% ونوفمبر 2.5% وصولًا لـ 2.1% فى ديسمبر الماضى.
وكشف مصدر مطلع بجهاز الإحصاء، عن ارتفاع معدل التضخم العام من 5.8% فى عام 2021 لـ 14.9% لعام 2022 تأثرًا بتداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية على السوق المحلى.
بدوره، قال الدكتور صلاح فهمى أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر، إن ارتفاع معدل التضخم السنوى إلى 21.9% يعكس عمق الأزمة الاقتصادية على المستوى المحلى، والتى لم تنجح السياسات والإجراءات التى أعلنتها الحكومة مؤخرًا فى احتواءها والحد من تبعاتها على المواطنين.
وأضاف فهمي لـ"الرئيس نيوز"، أن سياسات البنك المركزى مجرد مسكنات لا يمكنها السيطرة على ارتفاعات التضخم المطردة، بما فيها زيادة سعر الفائدة على الإيداع والإقراض وطرح شهادات استثمار بفائدة 25% والتى من المتوقع أن تؤدى إلى زيادة أعباء الدين دون أن تسيطر على الضغوط التضخمية.
وأشار إلى أن أرقام التضخم الشهرى لا تعكس بدقة تطورات أسعار السلع فى الواقع، خصوصًا فى ظل الارتفاع السريع على نحو مبالغ فيه فى أسعار مختلف أنواع السلع والخدمات وفى مقدمتها السلع الغذائية، بينما على النقيض تعد المعدلات السنوية أكثر تعبيرًا عن الأزمة وتوصيفًا للواقع.
وتابع فهمى، أن أزمة التضخم لها تفسيرين من الناحية العلمية الأول إما بسبب زيادة كبيرة فى الطلب أو زيادة فى التكاليف، وفى الحالة المصرية، نحن أمام تضخم فى التكاليف وليس الطلب، وبالتالى فلن تجدى معها إجراءات رفع سعر الفائدة أو طرح شهادات بعوائد مرتفعة، وانما تتطلب التوسع فى الإنتاج وخفض تكلفته.
وحول تبعات إجراءات الافراج الجمركى عن الأعلاف ومدخلات الإنتاج، أكد فهمي أن تلك الخطوة سيكون لها تأثير إيجابى فى الحد من تداعيات الضغوط التضخمية، إلا أنها قد تكون حلول مؤقتة فى ظل أزمة الدولار، خاصة بعد إلغاء ما يعرف بالدولار الجمركى وتمسك وزارة المالية بتحصيل الرسوم الجمركية وفق سعر الدولار فى السوق والذى تخطى 30 جنيه، بينما يتمسك المستوردون بسداد الرسوم وفق سعر الدولار وقت التعاقد على استيراد الشحنات من الخارج، وبالتالى إذا استمرت تلك الأوضاع سنظل ندور فى حلقة مفرغة.
وبدوره، أكد محمود العسقلانى رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، أن السوق المحلى يواجه موجة التضخم هى الأخطر منذ عقود، نتيجة تورط عدد من التجار فى جرائم احتكار واخفاء لبعض السلع الاستراتيجية بهدف رفع أسعار بشكل مبالغ فيه على نحو يهدد السلام الاجتماعى.
وأضاف العسقلانى لـ"الرئيس نيوز"، أن كبار التجار والمحتكرين مارسوا عملية الضرب بيد من حديد ضد المواطنين والحكومة على حد سواء، خاصة بعدما قررت الأخيرة التدخل فى تسعير الأرز ليقوم التجار بإخفاؤه لإجبار الحكومة على رفع التسعيرة عما هو محدد سلفًا، خاصة فى ظل ضعف قوة أجهزة الرقابة بسبب بلوغ أعداد كبيرة من موظفيها سن التقاعد ووقف التعيينات ما ترتب عليه انخفاض عدد مفتشى التموين وجهاز حماية المستهلك ففى بعض المديريات لا يتجاوز عددهم من 10-15 مفتش وهو عدد لا يكفى لتغطية منافذ البيع على مستوى المديرية.
وشدد على ضرورة وضع هامش ربح أو تسعيرة استرشادية لكل منتج لضمان عدم التلاعب فى الأسعار، وتغليظ العقوبات ضد المتورطين فى جرائم الاحتكار بما يتناسب مع حجم هذا الجرم.