شينخوا: مصر تسعى جاهدة لحفظ الاستقرار الاقتصادي وسط ارتفاع التضخم
في العام الماضي، كثفت الحكومة المصرية جهودها بينما سعت جاهدة للحد من آثار التضخم المرتفع الناجم عن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة نتيجة لتداعيات الصراع الروسي الأوكراني واستمرار انتشار جائحة كوفيد، وذكر تقرير لوكالة شينخوا الصينية أن مصر، باعتبارها الدولة العربية الأكثر ازدحامًا بالسكان وأحد أكبر مستوردي القمح في العالم، فقد طغى ارتفاع أسعار السلع الأساسية العالمية على الاقتصاد المصري بشكل خاص منذ اندلاع الصراع في فبراير 2022.
وتحت الضغوط، قررت مصر في أكتوبر خفض قيمة عملتها الجنيه المصري بشكل حاد، مما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي للمستهلك الحضري إلى 18.7٪ في نوفمبر من 16.2٪ في أكتوبر، مسجلًا أعلى مستوى في خمس سنوات تقريبًا.
النقص في الدولار
ونقلت الوكالة في تقريرها عن خبراء مصرفيين قولهم: "إن الوضع صعب بالنسبة لمصر لكنه صعب كذلك في جميع أنحاء العالم" مستشهدين بالاحتجاجات الأخيرة في بعض الدول الأوروبية بسبب ارتفاع التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، علاوة على إغلاق عدد من مصانع الزجاج الألمانية أبوابها بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في هذا الشتاء، وعلاوة على ذلك، عانى السوق المالي المصري من نقص في العملة الصعبة أدى إلى تراجع سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي.
ويأتي تفشي التضخم في مصر بعد انخفاضين حادين في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي هذا العام، كان آخرهما في 27 أكتوبر عندما خفض البنك المركزي المصري قيمة الجنيه بنحو 14.5 في المائة.
ومن أجل احتواء التضخم المتصاعد، أعلن البنك المركزي في 22 ديسمبر عن رفع سعر الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس، وثمة مشاكل اقتصادية جدية ولكن الحكومة تعمل جاهدة لمعالجتها، ومن ذلك أن الحكومة تتخذ إجراءات للتدخل في أسعار السلع في السوق وتحرص على توسيع شبكة الأمان الاجتماعي.
دعم قرض صندوق النقد الدولي
وأيد صندوق النقد الدولي خطوة مصر لتخفيض قيمة العملة، حيث وافق الأسبوع الماضي على قرض بقيمة 3 مليارات دولار لمصر على مدى الأشهر الـ 46 المقبلة كحزمة دعم، وتعتمد الحكومة على القرض وتقدم سندات دولية “لتضييق فجوة التمويل المتعلقة بالعملة الأجنبية”، كما رفع البنك المركزي سعر الفائدة بهدف امتصاص السيولة المتاحة في السوق، تماشيًا مع تشديد السياسة النقدية كاتجاه عالمي غالب على معظم قرارات البنوك المركزية على مستوى العالم في 2022.
وحرر المركزي سعر الصرف مقابل الدولار الأمريكي ليتذبذب صعوديًا وهبوطيًا بالمزيد من المرونة عاكسًا احتياجات السوق ومستويات الطلب الحقيقية بتوجيه من صندوق النقد الدولي للموافقة على قرض بقيمة 3 مليارات دولار.
وكشف صندوق النقد الدولي أن الموافقة على قرض صندوق النقد الدولي، التي أتاحت صرف نحو 347 مليون دولار لمصر بشكل فوري، من المتوقع أن تحفز على تمويل إضافي بنحو 14 مليار دولار من شركاء مصر الدوليين والإقليميين، وينظر إلى قرض الصندوق على أنه "شهادة ثقة" بالاقتصاد المصري، كما أن مجتمع الأعمال الدولي ينتظر شهادة الثقة هذه، حيث سيقوم صندوق النقد الدولي بتقييم ومراجعة برنامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلية في مصر مرتين في السنة على مدى السنوات الأربع المقبلة، وتجدر الإشارة إلى أن حزمة دعم صندوق النقد الدولي، إلى جانب 14 مليار دولار المتوقعة من شركاء آخرين، ستعوض التدفقات النقدية في سوق السندات، وهي عبارة عن الأموال الساخنة الخارجة التي أدت إلى نقص العملة الأجنبية واحتواء التضخم في نهاية المطاف.
برنامج الإصلاح الاقتصادي
وأوضح تقرير الوكالة الصينية أنه تم منح الدعم المالي من قبل صندوق النقد الدولي مقابل برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي ستنفذه الحكومة المصرية، والذي توافق مصر بموجبه على تقليص نفوذ الدولة، وتسهيل النمو الذي يقوده القطاع الخاص، وأكثر من ذلك، وفي تجربة مماثلة، نفذت مصر برنامج إصلاح اقتصادي مدته ثلاث سنوات بدأ في أواخر عام 2016 من أجل الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي وبفضل التمويل الجديد من صندوق النقد الدولي، ستتمكن مصر من إنهاء الطلبات المتراكمة من المستوردين والشركات للوصول إلى العملة الصعبة ومع التدفق المتوقع للعملة الأجنبية، ستعمل الحكومة المصرية تدريجيًا على إنهاء الطلبات المتراكمة من المستوردين وستقدم التسهيلات للمصدرين الأجانب، مما يساعد رجال الأعمال في مصر على استيراد المواد اللازمة لمصانعهم.
ويساهم قرض صندوق النقد الدولي وقرار البنك المركزي بزيادة سعر الفائدة في إبطاء معدل التضخم تدريجيًا خلال السنوات الأربع المقبلة إلى 4-5٪ كما كان من قبل، وهو ما سيكون مقبولًا لدى المواطنين المصريين العاديين، وعندما تتوفر العملات الأجنبية في البنوك المصرية لرجال الأعمال، فإنهم لن يلجئوا إلى السوق السوداء، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى استقرار سعر الصرف وكبح جماح ممارسات السوق السوداء ومضاربات العملة.