بعد قمة المناخ.. سباق مصري تركي سعودي لبناء مصانع للسيارات الكهربائية
بين ختام مؤتمر تغير المناخ الذي عقد هذا العام في شرم الشيخ وقمة المناخ التالية لعام 2023 المقرر عقدها في ديسمبر 2023 في الإمارات العربية المتحدة، تطمح تركيا والمملكة العربية السعودية ومصر جميعًا إلى وضع اكتساب مكانة مميزة كمراكز طاقة جديدة للسيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات.
وفي إشارة إلى عصر يتم فيه تصنيع السيارات الكهربائية من الجيل التالي في منطقة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالوقود الأحفوري وتعتمد تقليديًا على النفط والغاز، يشهد مصنعو السيارات الكهربائية في البلدان الثلاثة أشكالًا جديدة من الدعم الحكومي والشراكات القائمة على التكنولوجيا مع شركات السيارات الدولية، وعلى سبيل المثال؛ وضعت المملكة العربية السعودية، أكبر مصدِّر للنفط في العالم، أكثر الأهداف طموحًا لتصنيع السيارات الكهربائية وأطلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الشهر الماضي أول علامة تجارية سعودية للسيارات “سير” لتصميم وتصنيع وبيع سيارات الصالون والمركبات الرياضية متعددة الاستخدامات التي تستهدف المستهلكين في المملكة والشرق الأوسط الكبير.
ويعد المشروع المشترك بين صندوق الاستثمارات العامة السعودي وتكتل التصنيع الصيني فوكس كون، الذي سيحصل على ترخيص تكنولوجيا المكونات من بي إم دبليو الألمانية.
ونقل موقع "فويس أوف أمريكا" الإخباري عن جوزيف سالم، الشريك الرئيسي في مجال السفر والنقل في شركة آرثر دي ليتل قوله: "تطورات الطاقة والنقل قريبة جدًا من قلب وتفكير ولي العهد ولهذا السبب وضع شركة “سير” تحت مظلة صندوق الاستثمار العام، الذي يشرف عليه بشكل مباشر" في الرياض.
وتهدف الدولة إلى تصنيع أكثر من 150 ألف سيارة كهربائية سنويًا بحلول عام 2026، واليوم، كل مركبة على الطريق في المملكة العربية السعودية مستوردة.
وأضاف سالم: "وافق ولي العهد على الأهداف ذات الصلة باعتماد السيارات الكهربائية"، وتعمل شركة سالم مع المسؤولين السعوديين لتنفيذ سياسات تحفز استبدال أسطول تهيمن عليه سيارات وحافلات ذات محرك احتراق داخلي بأخرى من المركبات الكهربائية.
وقال المستشار إن الالتزامات البيئية والالتزامات المتعلقة بالانبعاثات التي تعهدت بها الحكومة السعودية للعالم هي المحرك الرئيسي للضغط من أجل بناء مركبات كهربائية في المملكة.
وأوضح سالم "مع ذلك، هناك أيضًا عنصر اقتصادي مرتبط بالمعادلة"، وحتى الآن فإن قطاع التنقل تحركه بالكامل مركبات تتسبب في انبعاثات الكربون ومن أجل تشغيل هذه المركبات، يجب استخدام النفط الذي يباع محليًا حاليًا بسعر تدعمه الحكومة"، ولكن من خلال بناء السيارات الكهربائية محليًا، يمكن توفير النفط وتصديره إلى السوق الخارجية وينطبق نفس المنطق على جهود إنتاج الطاقة المتجددة في المملكة.
مصر
تعثرت المحاولات السابقة لبناء ما يسمى بالسيارات "الوطنية" في المنطقة بسبب مشكلات الجودة ونقص حماس الجمهور للعلامة التجارية، وفي أوائل الستينيات من القرن الماضي، كان ظهور سيارات "رمسيس" في مصر يرمز إلى سعي البلاد للاكتفاء الذاتي، بدعم كبير من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكان خط تجميع سيارات رمسيس ينتج من خمس إلى ست سيارات في اليوم، ولكن عانت السيارات من مشكلات وتحديات ميكانيكية حكمت على العلامة التجارية الوطنية بالتوقف فيما بعد، واحتفظ ناصر بسيارته الرئاسية، كاديلاك فليتوود عام 1962.
وبحلول عام 1972، توقف مصنع النصر للسيارات المملوك للدولة عن إنتاج رمسيس وتحولت شركة النصر لإنتاج موديلات فيات مرخصة من قبل الشركة المصنعة “توفاش”.
وفي يناير 2022، أعاد الرئيس عبد الفتاح السيسي الأمل في تجديد طموح مصر الستينيات، قائلًا أمام منتدى شباب العالم في شرم الشيخ إنه ملتزم شخصيًا برؤية السيارات الكهربائية التي تُصنع في مصر.
وأضاف السيسي "تحركنا بسرعة لإقامة شراكة مع العديد من الشركات لإنتاج السيارات الكهربائية في مصر وابتداء من عام 2023 سننتج أول سيارة كهربائية مصرية".
وفي نفس المناسبة، أعلن هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام السابق، أن شركة النصر للسيارات تتفاوض مع مصنعي السيارات الصينيين للوفاء بالتوجيه الرئاسي وفي الوقت نفسه، في القطاع الخاص في البلاد، تقوم جنرال موتورز وشريكتها المصرية المنصور للسيارات ببناء منشأة لطرح سيارة كاديلاك الرياضية متعددة الاستخدامات الفاخرة متوسطة الحجم "ليرك" في مصر بحلول نهاية العام المقبل وتخطط جنرال موتورز الشرق الأوسط لإطلاق 13 سيارة كهربائية جديدة كليًا، وبناء مجموعة المركبات الكهربائية تتضمن شفروليه بولت الكهربائية، وهي سيارة هامر كهربائية.
في الفترة التي سبقت مؤتمر تغير المناخ الأممي الذي استضافته البلاد في شرم الشيخ، قطعت مصر خطوات ملحوظة في بناء شبكة من محطات الشحن السريع بالتيار المستمر التي يتطلبها أسطول من السيارات الكهربائية، وتعمل شركة إنفينيتي باور - وهي مشروع مشترك بين شركة إنفينيتي إنرجي المصرية وشركة مصدر الإماراتية - بالفعل لنشر 440 نقطة شحن في جميع أنحاء البلاد وتقوم الشركة بتغذية الشبكة بالكهرباء من حديقة بنبان للطاقة الشمسية الضخمة التي تبلغ مساحتها 37.2 كيلومتر مربع (14.4 ميل مربع) في أسوان.
ونقل التقرير عن مدير التسويق كريم الجزار قوله: "نتوقع رؤية ما يصل إلى سبعة آلاف مركبة كهربائية إضافية على الطريق في عام 2023 بزيادة سنوية قدرها 10٪ في المستقبل ونحن نفي بخطط الحكومة لبناء نظام بيئي قوي للسيارات الكهربائية."
تركيا
في عام 1961، استدعى الرئيس التركي الأسبق جمال جورسل مجموعة من المهندسين المحليين لبناء سيارة تم تصميمها وإنتاجها بالكامل في تركيا تسمى "ديفريم" وبالكاد نجحت تلك السيارة في اجتياز اختبار يوم الجمهورية من اسطنبول إلى أنقرة - وسجلت فترة إنتاجية أقصر من إنتاج سيارات رمسيس في مصر، ولكن خمسة عقود من الشراكات الثابتة مع شركة فيات ورينو وتويوتا وهوندا وهيونداي وفورد ساعدت تركيا لتصبح المرتبة الثالثة عشر في العالم لإنتاج السيارات.
وفي العام الماضي، كانت السيارات والشاحنات وقطع غيار السيارات والاكسسوارات هي أكبر الصادرات التركية حيث حققت عائدات بقيمة 25 مليار دولار لتركيا وكانت للشاحنات والمركبات التجارية الخفيفة والحافلات مكانة بارزة بشكل خاص، حيث استحوذت على ما يقرب من 40 في المائة من صناعة السيارات في عام 2020.
وشهد عام 2022 خطوط تجميع تركية تنتج وتبيع المركبات الكهربائية في قطاع الشاحنات والحافلات وقامت شركة فورد أوتوسان، وهي مشروع مشترك بين "فورد موتورز كو" وكوك القابة بتشغيل شاحنة البضائع الكهربائية بالكامل "إيه ترانزيت" في أبريل، بعد شهرين فقط من بدء العملاء في الولايات المتحدة تلقي الطلبات من مصنع الشركة في مدينة كانساس في ولاية ميسوري.