وزيرة البيئة التونسية: COP27 انتصرت لحقوق الدول المتضررة من التغيرات المناخية
أكدت وزيرة البيئة التونسية ليلى الشيخاوي المهداوي، أن مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ (COP27)، التي عقدت مؤخرا في شرم الشيخ، انتصرت لحقوق الدول المتضررة من التغيرات المناخية.
وقالت الوزيرة – في حوار مع وكالة أنباء الشرق الأوسط بتونس – إن بلادها تولي أهمية كبيرة لقضية التغيرات المناخية منذ سنوات، وكانت حريصة على نجاح مؤتمر قمة المناخ بشرم الشيخ، مشيرة إلى أن المؤتمر خرج بالعديد من التوصيات المهمة، وأبرزها إنشاء صندوق "المناخ الأخضر" لدعم جهود الدول النامية في خفض معدل الانبعاثات، وهو ما يعد انتصارا لحقوق هذه الدول المتضررة من التغيرات المناخية.
وأضافت أن الوزارة نظمت عقب انتهاء فعاليات مؤتمر المناخ عددا من الفعاليات المتعلقة بالتغيرات المناخية، في ضوء الاستراتيجية الوطنية للتنمية ذات الإنبعاثات الغازية الضعيفة والمتأقلمة مع التغيرات المناخية لعام 2050.
وتابعت أن هذه الاستراتيجية تعد خارطة طريق وتشمل عنصرين أساسيين، الأول يتمثل فـي الانتقال إلى مرحلة تتميز بتقليص انبعاثات الغازات الدفيئة، والثاني يتمثل في تطوير قدرة تونس على التأقلم مع مخاطر التغيرات المناخية، مع ضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأوضحت وزيرة البيئة أنه بالنسبة للعنصر الأول الخاص بالانتقال إلى مرحلة الإنبعاثات الغازية الضعيفة، سيتحقق من خلال بلوغ مرحلة الحياد الكربوني حتى عام 2050، وهو ما يسـتوجب تبني خيارات تنموية استراتيجية تعتمد على إعادة هيكلة الاقتصاد وتغيير الممارسات الاستهلاكية ونماذج التنظيم المجتمعية، وهو ما يعني أن حياد الكربون سيشمل كافة المسارات التنموية.
وتابعت الوزيرة: " استندنا في تحديد مفهوم الاستراتيجية الوطنية منخفضة الكربون إلى عدد من النماذج الاستشرافية لبعض القطاعات مثل الطاقة والصناعة والزراعة والغابات والنفايات، حيث تم وضع سيناريوهين مختلفين للانبعاثات، الأول تواصل المستوى الحالي للانبعاثات " BaU"، والثاني سيناريو التقليص من انبعاثات الغازات الدفيئة "BaC".
وأضافت أن تونس تسعى إلى تخفيض كثافة الكربون بنسبة 45 % حتى عام 2030 مقارنة بعام 2010، وهو هدف المساهمة المحددة على المستوى الوطني، وبنسبة 85 % حتى عام 2040، وتأمل في أن يتراجع مستوى كثافة الكربون إلى حد الصفر في عام 2050.
وأشارت الشيخاوي إلى أنه بخصوص المحور الثاني من الاستراتيجية والمتعلق بالتأقلم مع التغيرات المناخية، تم تحديد رؤية طويلة المدى لجعل تونس قادرة على الصمود والتأقلم مع تأثيرات التغيرات المناخية الحالية والمتوقعة، من خلال تعزيز قدرات التأقلم لنظمها الإيكولوجية والزراعية ومواطنيها واقتصادها وفضاءاتها الريفية والحضرية، والعمل على إنجاز عدد من الإجراءات والتدابير والتحولات الضرورية لضمان مسار تنموي اقتصادي واجتماعي مستدام.
وتابعت أنه تم إعداد هذه الاستراتيجية الوطنية للصمود أمام التغيرات المناخية من خلال منهجية الحوار الموسع مع جميع الأطراف والقطاعات الأكثر هشاشة والمتأثرة بالتغيرات المناخية، والاستعانة بالخبراء المختصين الدوليين والمحليين في المجال، والاستفادة من المعطيات المتوفرة والأدوات والمناهج الحديثة على المستوى الدولي ومنها بالأخص تقارير هيئة الخبراء الحكوميين للمناخ، وهي أعلى هيئة علمية للتوجيه بالاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة للتغيرات المناخية، كما تم الأخذ بعين الاعتبار لكل الاستراتيجيات الآخرى المعنية بهذه القضية وبأهداف التنمية المستدامة.
وقالت الوزيرة إنه تم تحديد ستة محاور أساسية لاستراتيجية الصمود والتأقلم مع التغيرات المناخية، وهي المحور الأول المتعلق بالرؤية الاستراتيجية للزراعة والمنظومات الإيكولوجية بقصد اللجوء إلى زراعات ذات قدرة عالية على الصمود والتأقلم مع التغيرات المناخية، لتحقيق الأمن الغذائي وتحسن حوكمة الموارد الطبيعية وتوفير دخل مناسب للفلاحين.
وأضافت إن المحور الثاني يتمثل في الرؤية الاستراتيجية للصيد البحري وتربية الأسماك، للوصول إلى قطاع صيد بحري عصري وصامد أمام التغيرات المناخية، يساهم في تحقيق الأمن الغذائي على نحو مستدام، ويحافظ على عناصر التنوع البيولوجي، أما المحور الثالث فيتضمن الرؤية الاستراتيجية للموارد المائية، من خلال ضمان ديمومة الموارد المائية للاستجابة للاحتياجات الحياتية للمواطنين وللزراعة في ظل جميع السيناريوهات المتوقعة للتغيرات المناخية.
وأشارت الوزيرة إلى أن المحور الرابع يخص الرؤية الاستراتيجية للشريط الساحلي، للحد من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على هذا الشريط وضمان صمود وديمومة البنية الأساسية والنشاط الاقتصادي على المدى البعيد، أما المحور الخامس فيشمل الرؤية الاستراتيجية للصحة العامة، من خلال التحكم في المخاطر الصحية المرتبطة بالتغيرات المناخية، وتأمين معالجتها من قبل منظومة الصحة بطريقة فعالة وناجعة، فيما يهتم المحور السادس بالرؤية الاستراتيجية لقطاع السياحة، من خلال الحد من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية على السياحة الشاطئية والتحول التدريجي نحو سياحة متنوعة ومستدامة وشاملة.
وحول مذكرة التفاهيم التي وقعتها الوزارة مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي حول برنامج تدعيم قدرات المدن الإفريقية لإدارة النفايات، أوضحت وزيرة البيئة أن هذه المذكرة التي تشمل 17 دولة من شمال افريقيا وجنوب الصحراء، تهدف إلى دعم التعاون الثلاثي بين تونس واليابان والدول الإفريقية من ناحية، وتبادل التجارب والخبرات في مجال التصرف في النفايات من ناحية آخرى.
وأضافت الوزيرة أنه سيتم وضع برنامج تدريبي في هذا المجال يشمل ثلاث دورات حتى نهاية عام 2024، وذلك بتمويل من الوكالة اليابانية للتعاون الفني، وتنفذه الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات بالتعاون مع مركز تونس الدولي لتكنولوجيا البيئة، مشيرة إلى أن العديد من الدول الافريقية أعربت عن رغبتها في الاستفادة من التجربة التونسية في مجال التصرف في النفايات، خاصة فيما يتعلق بالمصبات ومراكز النقل والجمع وتطوير منظومات إعادة التدوير بهدف الانتقال إلى مرحلة الاستفادة المالية والطاقية من النفايات.
وعن الدورة الخامسة للمنتدى العالمي للبحر التي عقدت بمدينة بنزرت تحت عنوان "أي محيط لسنة 2050"، أشارت إلى أن المنتدى خرج بمجموعة من التوصيات، أبرزها الحث على إقامة تعاون دولي قوي على جميع المستويات المرتبطة بالمحيط، داعية المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية ومؤسسات البحث العلمي والشركات والمستثمرين ومستخدمي البحار والمجتمع المدني للعمل معا لإيجاد محيط يولد القيمة والثروة ويكون آمنا وصحيا بحلول عام 2050.
وأضافت الوزيرة: " ولذلك تم إقرار إنشاء مجموعة العمل نجمة البحر 2050 (Star Fish 2050) التي ستجتمع بانتظام مع الجهات الدولية الفاعلة في هذا المجال للعمل على تحسين سيناريوهات المحيط في أفق عام 2050 من خلال خمسة محارو أساسية"، وتابعت أن المحور الأول يشمل الحوكمة والسلام والعدالة والأمن، عبر توفير حوكمة سياسية وتقنية للمحيطات والغلاف الجليدي، تمكن من اتخاذ قرارات عملية وسريعة وشاملة وقائمة على العلوم من خلال إنشاء الفريق الدولي المعني باستدامة المحيطات (IPOS)، ومؤتمر الأطراف المحيطي تحت رعاية الأمم المتحدة، والاعتراف بالمحيطات كصالح عام مشترك للبشرية في إطار المعاهدات الدولية واتفاقيات البحار الإقليمية.
وأشارت الوزيرة إلى أن المحور الثاني يهتم بالعلوم والابتكارات، من خلال تدشين محطة دولية تحت الماء، حيث تمثل بنية تحتية بحثية حقيقية في أعماق البحار، مدفوعة بمبادئ العدالة والشمولية، وتحفيز مجتمع علمي حقيقي للممارسة الدولية، والاعتماد على الباحثين من كل بلد في العالم، مما يجعل من الممكن إطلاق الشراكات ونقل المهارات وتقديم النتائج العلمية المشتركة في جميع أنحاء العالم، فضلا عن وضع خريطة للموارد الجينية للمحيطات في أعالي البحار وحمايتها وتقييمها بإنصاف من خلال إبرام وتنفيذ اتفاقية طموحة بخصوص التنوع البيولوجي خارج الأطر الوطنية، وتنمية الثقافة والوعي العام بشأن قضايا المحيطات.
ولفتت إلى أن المحور الثالث يتضمن الحماية والتجديد والتكيف، من خلال الاهتمام بنموذج الحماية والاعتماد على مبدأ الوقاية، مما يجعل مسألة حماية المحيطات هي القاعدة والاستغلال هو الاستثناء، وتطوير تبادل الخبرات وتهجين الحلول والتمويل العادل لتكييف المناطق الساحلية مع ارتفاع مستوى سطح البحر، إضافة إلى زيادة استثمارات مالكي السفن في قضايا المناخ والتنوع البيولوجي من حيث المراقبة والرقابة والبحث العلمي، ومواجهة مخاطر المناخ، وتحقيق المثالية على مستوى المعايير البيئية، ووضع حد للصيد غير القانوني وغير المشروع.
وأضافت أن المحور الرابع لاستراتيجية عمل "نجمة البحر 2050"، يشمل مقاومة كل أنواع التلوث، عبر تأطير التلوث البلاستيكي من خلال إبرام معاهدة دولية طموحة للبلاستيك بحلول عام 2025، وتعزيز مبادرات الاقتصاد الدائري للبلاستيك في إطار إلتزام عالمي، وبناء مؤشرات أداء بيئية محددة للاقتصاد البحري تجمع بين كثافة الطاقة وكثافة الكربون والتأثير على التنوع البيولوجي.
ولفتت الوزيرة إلى أن المحور الخامس تحت عنوان "الاقتصاد والتمويل الأزرقان المستدامان"، ويشمل زيادة حصة الطاقات البحرية المتجددة في مزيج الطاقة، وضمان استقلالية الطاقة لأراضي الجزر من خلال تكثيف إجراءات الرصانة، وزراعة المحيط من خلال تنمية تربية الأحياء المائية المستدامة وزراعة الأعشاب البحرية مع مراعاة تأثيرها البيئي، ودعم قطاع الهيدروجين منخفض الكربون ومشتقاته وناقلات إزالة الكربون من القطاع البحري واستقلالية المناطق في الطاقة، وتقليل الآثار البيئية للكابلات البحرية واستخدامها لزيادة معرفة ودراسة قاع البحر.