"الدبيبة" يقر بتسليم حكومته مشتبها به في تفجير "لوكيربي" إلى أمريكا
اعترف رئيس الحكومة الليبية المقالة من قبل البرلمان عبد الحميد الدبيبة، بأن حكومته شاركت في نقل المشتبه به في تفجير لوكربي محمد أبو عجيلة مسعود إلى الولايات المتحدة الأسبوع الماضي.
وقال الدبيبة في كلمة بثها التلفزيون إن المتهم "أُصدرت بحقه مذكرة قبض من الإنتربول الدولي، هذه مذكرة قبض وصار لزاماً علينا التعاون في هذا الملف من أجل مصلحة ليبيا واستقرارها".
وشدد على أنه "لن نسمح بإعادة فتح ملف قضية "لوكربي من جديد.. الملف كان مسؤولية الدولة الليبية وأقفل بالمليارات التي دفعها النظام السابق من أموال الليبيين"، معتبراً أنه "يجب أن نفرق بين ملف لوكربي من حيث مسؤولية الدولة وبين المسار الجنائي الفردي".
وأشار الدبيبة إلى أن المسار الجنائي للقضية يرتبط بأبو عجيلة "المتهم بالإرهاب"، باعتباره أحد العناصر المخططة الذي صنع القنبلة ودسها بين المسافرين.
30 مليار خسائر ليبيا
ورداً على من وجه اتهامات لمسؤولين بتسليم أبو عجيلة إلى الغرب، قال رئيس الحكومة الليبية المقالة من البرلمان: "أصبح البعض يدافع عن متهم إرهابي قتل أكثر من 270 روحاً بريئة في عملية واحدة. أبو عجيلة حامل للجنسية التونسية والليبية، وقد ورد اسمه في التحقيقات قبل عامين وصدر بحقه مذكرة قبض من الإنتربول الدولي".
وأردف: "هناك من يتحدث عن السيادة وهو عميل يتلقى الأموال من الخارج وآخر تاجر للمخدرات معروف. هناك من يخشى أن تطاله يد العدالة ويستخدم عواطف المواطنين لتأجيج الرأي العام".
وأكد الدبيبة أن "ليبيا متعاونة بالكامل في ملف لوكربي خلال السنوات السابقة في العلن وفي السر بالرضا أو بالقوة"، لافتاً إلى أن التعاون والتنسيق كان وفقاً للقوانين والتشريعات الدولية، وخصوصاً المتعلقة بـ"العمليات الإرهابية" التي تنفذ في الخارج.
وأوضح أن ليبيا تكبدت خسائر مباشرة قاربت 30 مليار دولار جراء الحصار والعقوبات، وقال إن "مصلحة ليبيا تقتضي التعاون مع الدول الكبرى بما يحقق مصلحتها بما فيها قضايا مكافحة وملاحقة الإرهاب".
وتابع الدبيبة: "لن أرضى أن تتحمل ليبيا وشعبها تبعات عمليات إرهابية منذ أكثر من 30 عاماً، وأن يوضع الليبيون تحت تصنيف الإرهابيين، بسبب وجود متهمين على أرضها".
ويُشتبه في أن مسعود قام بتصنيع القنبلة التي فجرت الرحلة رقم 103 التابعة لخطوط "بان أميركان" الجوية فوق بلدة لوكربي في اسكتلندا عام 1988، ما أودى بحياة 259 شخصاً كانوا على متنها و11 على الأرض.
توفير محامي للمتهم
الولايات المتحدة لم توجه حتى الآن أي اتهام رسمي لمسعود حتى عام 2020، حين كشفت أدلة جديدة تفيد بأنه اعترف فيما يبدو بجرائمه أمام مسؤول ليبي عن إنفاذ قانون.
وقالت أسرته إن وحدة مسلحة ذات صلة بالدبيبة ألقت القبض عليه من منزله الشهر الماضي. وكان مسعود مسجوناً في طرابلس بعد انتفاضة 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي ضد معمر القذافي.
وأعلنت الولايات المتحدة الأحد أنه محتجز لديها.
وليس لليبيا، حيث يوجد نزاع بشأن السيطرة على الحكومة، معاهدة لتسليم المجرمين مع الولايات المتحدة. وفتح المدعي العام تحقيقاً في ظروف اعتقال مسعود ونقله.
ويتهم بعض الخصوم السياسيين الدبيبة باعتقال مسعود وتسليمه للولايات المتحدة بصورة غير قانونية لكسب دعمها له في مواجهته المستمرة مع فصائل منافسة للسيطرة على الحكومة.
وقال الدبيبة إن الحكومة ستوفر محامياً لمسعود "بغض النظر عن تورطه في الإرهاب".
تفاصيل اختطاف مسعود
جاءت تصريحات الدبيبة بعد يوم من إعلان المدعي العام الليبي صديق السور أنه سيتم فتح تحقيق في تسليم مسعود بعد شكوى من عائلة المشتبه به ولم يقدم المدعي العام في طرابلس أي تفاصيل عن التحقيق.
وتم "اختطاف" مسعود من منزل عائلته في طرابلس من قبل رجال مسلحين في نوفمبر، وفقا لبيان أصدرته عائلته بعد وقت قصير من اختفائه من منزله ولم يتضح ما إذا كان أي من أفراد الأسرة قد شهد اختطاف مسعود.
وفي ذلك البيان، أدانت الأسرة السلطات الليبية لصمتها إزاء الحادث وأي عملية تسليم يمكن أن تتم في وقت لاحق.
وتعد ليبيا، التي غمرها أكثر من عقد من الصراع الأهلي، منقسمة بين حكومة الدبيبة في طرابلس وحكومة منافسة مقرها شرق ليبيا برئاسة رئيس الوزراء فتحي باشاغا ووصف باشاغا تسليم مسعود بأنه غير قانوني وحث على الإفراج عنه فورا.
ولا يبدو أن تسليم مسعود يحظى بدعم العديد من الليبيين، الذين كانوا محبطين لفترة طويلة بسبب سنوات من الفوضى والانقسام وفي مقاطع فيديو على فيسبوك نُشرت عقب اختطافه شوهد أشخاص في طرابلس يحملون ملصقات تحمل الدبيبة والميليشيات المتحالفة معه مسؤولية تسليم مسعود كما أدانت مجموعتان قبليتان ليبيتان مؤثرتان هذه الخطوة.