3 جبهات وأكثر من مرشد.. انهيار تاريخي للإخوان وسيناريو تفكك التنظيم الأقرب
أكد تقرير لموقع “فاناك” الهولندي أن الانقسام الحالي في صفوف تنظيم الإخوان غير مسبوق، ويعيش أعضاء الجماعة الذين تربوا على أسس الولاء والسمع الطاعة لمرشدها، أكبر انقسام في تاريخهم بعد أن نشب القتال بين قادتهم في صراع مرشح لأن يطول أمده على السلطة، لا سيما منذ وفاة إبراهيم منير، الذي كان المرشد بالإنابة في لندن.
أكثر من مرشد
قديمًا كثيرًا ما تفاخر تنظيم الإخوان بالقدرة على تجاوز الأزمات المتلاحقة وتمكنت صفوف تنظيم الإخوان منذ تأسيسها عام 1928 من تجاوز 12 أزمة داخلية ومع ذلك، انقسم الإخوان إلى ثلاث جبهات متنافسة، تقع إحداها في لندن، بينما تتخذ الجبهتان الأخريان من أنقرة مقرًا لهما وهذا هو التحدي الأكبر الذي تواجهه صفوف الإخوان، والتي لم يكن لديها مرشدان في نفس الوقت.
وأكد تنظيم الإخوان أن محيي الدين الزايط سيتولى إدارة شؤون الإخوان لحين الانتهاء من الترتيبات اللازمة لتعيين خليفة لإبراهيم منير وسعى الزايط، الذي يمثل جبهة تنظيم الإخوان في لندن.
وقال الزايط في رسالته الأسبوعية: "إن الخطوات المتخذة ستعلن قريبًا" ولكن في الوقت نفسه، عززت جبهة إسطنبول الانقسام داخل الإخوان وأعلن الممثل الرسمي للجبهة، مصطفى طلبة، أنه تقرر تعيين محمود حسين مرشدًا بالنيابة بعد إعادة العمل بالمادة الخامسة من اللائحة العامة للإخوان من جهة أخرى.
وتحدث أشرف عبد الغفار، المحسوب على جبهة كمال، عن انقلاب سيطرت من خلاله جماعة محمود حسين على أموال واستثمارات الإخوان.
وتنسب جبهة كمال إلى محمد كمال، أحد أبرز من مارسوا وخططوا للعنف والإرهاب، وفي عام 2018، أعلنت وزارة الداخلية عن مقتله أثناء محاولة القبض عليه.
ودافع المتحدث الرسمي باسم الإخوان، علي حمد، عن تعيين محمود حسين مرشدًا بالإنابة، باعتباره الأكبر سنًا وعضو الوحيد مكتب الإرشاد الوحيد الطليق، وقرر مجلس شورى الإخوان تعيينه في منصب القائم بالأعمال.
وكانت جبهة إسطنبول قد أقالت إبراهيم منير من منصبه كمرشد بالنيابة وأعلنت اختيار لجنة مؤقتة للقيام بمهامه وتصاعدت الاشتباكات الإدارية بين الجبهتين في الأشهر الأخيرة بعد أن أحال منير، بدوره، محمود حسين وآخرين للتحقيق، وشكل لجنة لإدارة شؤون الإخوان.
ومن ناحية أخرى، تشير السيرة الذاتية لحسين إلى أنه ابن أحد قادة الإخوان السابقين، مما يعني أن الحرس القديم داخل التنظيم لا يزال يزدهر، حتى لو كان منقسمًا وبدأ الحديث عن انهيار الإخوان وانقسامهم مبكرا.
ظهرت أولى بوادر الانقسام من خلال الخلافات وإخفاق الجهود المبذولة للتقريب بين الأجنحة الثلاثة أن ثمة صراع عميق داخل التنظيم بأكمله وحالته المتدهورة على جميع المستويات.
تفكك التنظيم
أصبح سيناريو تفكك الإخوان إلى فصائل مختلفة سيناريو محتملًا، وأصبحت إمكانية رأب الصدع بين الجبهات المتعارضة أكثر تعقيدًا بسبب الطبيعة الصارمة للتنظيم وجموده وإعطاء الأولوية لهذا الجمود على التطور الأيديولوجي السلس ووفقًا لهذا السيناريو، من المرجح أن تؤدي الفصائل الفرعية التابعة للإخوان إلى مزيد من الانقسامات.
تبخرت الملاذات الآمنة
توقع كمال الهلباوي، القيادي السابق في تنظيم الإخوان أن الانقسام والصراع والتعددية ستستمر إذ لم تعد هناك ملاذات آمنة ويعتقد أن صورة تنظيم الإخوان في العالم العربي قد تغيرت والولايات المتحدة قد تخلت بالفعل عن التنظيم.
كما فقد تنظيم تنظيم الإخوان حاضناته الأساسية في قطر وتركيا بعد أن تخلى الشيخ تميم بن حمد عن علاقته بالجماعة.
وقال: "لا توجد مثل هذه الروابط، فنحن نتعامل مع دول وحكوماتها الشرعية، وليس مع المنظمات السياسية".
في الوقت نفسه، لم يعترض تنظيم الإخوان على التقارب الأخير بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومصر ومن غير الواضح ما إذا كان الإخوان قد أدركوا عواقب هذا التقارب الذي قد يوقف جميع أنشطة الإخوان ضد مصر على الأراضي التركية.
لم يدرك الإخوان بعد أن أردوغان، الذي استخدمهم ضد العرب، سيستخدمهم الآن لإصلاح علاقاته مع البلدان العربية، وربما يكون هذا هو السبب وراء سعي تنظيم الإخوان لابتزاز أردوغان سياسيًا من خلال التهديد بفتح قنوات اتصال مع المعارضة الداخلية في تركيا ويتوقع البعض أن تبدأ البراجماتية التركية بالتخلي تدريجيًا عن تنظيم الإخوان وقد يعتمد مستقبل العلاقات التركية المصرية على استعداد أردوغان للتضحية بالإخوان بدلًا من مجرد تجميد أنشطة التنظيم الإعلامية.
تراجع التأثير
تتمتع جبهة لندن بحضور مؤسسي وإعلامي قوي في المملكة المتحدة. وبحسب تقارير رسمية بريطانية، استخدم الإخوان لندن كقاعدة لأنشطة سرية تستهدف مواقع أخرى واعتبرت هذه التقارير أن بعض جوانب أيديولوجية وتكتيكات الإخوان "تتعارض مع قيم بريطانيا ومصالحها الوطنية" ومن ناحية أخرى، يتعين على جبهة إسطنبول إعادة النظر في مستقبلها بعد أن حصل كثير من أبنائها على الجنسية التركية واستقروا في تركيا، حيث أسسوا مؤسسات ومدارس وشركات وشبكات في تركيا.
الشيخوخة التنظيمية والتلاشي من الداخل
لا يزال الأمر مرتبطًا ارتباطًا مباشرًا بالهيكل المؤسسي للإخوان، حيث يتمحور حول الفردية في إدارة شؤون التنظيم وعلى هذا النحو، فإن المرشد وكبار القادة يسيطرون على عملية صنع القرار داخل المجموعة، ووفقًا لأحد المحللين، أصبح هذا الهيكل المؤسسي عبئًا على التنظيم ويتجلى في بطء اتخاذ القرار والفشل في التكيف مع الظروف المتغيرة، وهكذا تحول التنظيم إلى جسد ضعيف تسيطر عليه مجموعة صغيرة من القادة الذين أعادوا هيكلته.
وبحسب مختص في الجماعات الإسلامية، فإن القيادة القديمة "تعاني من أزمة حقيقية في التواصل مع شباب الإخوان من حيث الخطاب والأفكار" وتظهر على التنظيم في كل يوم أعراض الشيخوخة التنظيمية، وقد تضاءلت قدرته الفكرية النظرية مقارنة بأدائها الديناميكي.
ورصد المراقبون مستوى مرتفع من إلى تقاعس الإخوان التنظيمي والفكري، الأمر الذي أدى إلى نشوب صراعات وانقسامات داخل الجماعة وازدادت هذه النزاعات تعقيدًا عندما وجدت جبهات الإخوان المختلفة نفسها معتمدة على تركيا وقطر وجماعات متطرفة أخرى.
ويعتقد الخبراء أن “أي عودة للإخوان إلى المجال العام المصري في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين ستكون مهزلة”.
ويبدو أن تضاؤل نفوذ الإخوان على فروعهم في المنطقة يتزامن مع الضعف العام الذي مني به التنظيم فلم يعد يحمل أي ملامح لحركة المعارضة ولم يعد حاملا راية الجماعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم.
وثبت أن الرهانات الإخوانية في غير محلها بعد أن نجحت مصر في كشف زيف الأساطير التي دأب التنظيم على ترويجها، وأبدى المصريون رغبة في إقصاء الإخوان من الحياة الاجتماعية والسياسية، ويبدو أن تنظيم الإخوان ينتظر معجزة، وحتى إذا حدثت المعجزة لن ينقذهم ذلك من الانهيار التاريخي.