بلغت أعلى مستوياتها.. العلاقات «المصرية - القبرصية» صمام أمان للاستقرار في شرق المتوسط
نشرت صحيفة "فاينانشيال ميرور" تقييمًا للعلاقات المصرية القبرصية، كتبه الدبلوماسي السابق الدكتور أندريستينوس. ن. بابادوبولوس، أكد فيه أن العلاقات الثنائية بلغت أعلى مستوياتها من القوة والتنسيق بين القاهرة ونيقوسيا.
وتتبع التقييم علاقات قبرص مع مصر منذ عهد الفراعنة، ففي كتابه الثاني للتاريخ، ذكر المؤرخ اليوناني هيرودوت أن الفرعون أماسيس كان أول رجل استولى على قبرص وأجبر الجزيرة على دفع الجزية ومع ذلك، هناك قصة أخرى وردت في مراسلات الفرعون أخناتون مع ملك ألاسيا القبرصي تخبر بأن التكريم الذي دفعته قبرص كان بادرة امتنان للمصريين على هزيمة الهكسوس، مما سمح للقبارصة بمواصلة أنشطتهم التجارية في المنطقة في أمان تام، وبعد استقلال قبرص عام 1960.
صداقة قوية
خلقت الصداقة القوية للأسقف مكاريوس مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر المناخ الذي نشأ منذ الصداقة والتفاهم الصادقين بين الشعبين وقد طور البلدان شبكة تعاون في هذا الإطار في مختلف المجالات، ويأتي في المقام الأول مجال الطاقة الذي كان بمثابة حافز قوي لهذا التعاون، واكتسبت حقول الغاز المكتشفة حديثًا في المنطقة الاقتصادية الخالصة القبرصية مؤخرًا أهمية كبيرة، نظرًا لعواقب الحرب في أوكرانيا، التي كان على أوروبا مواجهتها.
ولذلك، يجب ربط إمكانات الطاقة القبرصية بإمكانيات مصر قبل إعادة تصديرها إلى أوروبا وفي هذا الصدد، فإن مما يبشر بالخير أنه تم توقيع اتفاقية بين قبرص ومصر لربط أفروديت، أكبر حقل غاز قبرصي، بمحطات تسييل الغاز المصرية وعلاوة على ذلك، فإن توقيع مذكرة التفاهم بين قبرص ومصر واليونان لمشروع توصيل الكهرباء يحمل إمكانات هائلة لتوصيل شبكات الكهرباء ليس فقط من جانب الدول الموقعة الثلاثة ولكن أيضًا من القارتين معًا، وبالتالي تنويع مزيج الطاقة وتعزيز أوروبا من أجل تحقيق هدف استقلال الطاقة.
ومن المفيد للغاية أيضًا دخول مصر في شراكة مع دول المنطقة (قبرص وفرنسا واليونان وإيطاليا والأردن وفلسطين) منذ 2019، في إطار منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF)، ومقره القاهرة ويجمع هذا المنتدى الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات المالية لمناقشة تشكيل سوق غاز إقليمي تنافسي.
وأعطت المشاكل العاجلة الناجمة عن تغير المناخ وضرورة اتخاذ إجراءات لمواجهتها فرصة أخرى للتعاون بين قبرص ومصر للارتقاء بأولوياتهما الوطنية إلى المستوى الإقليمي والدولي، وخلال قمة COP27، ترأس رئيسا قبرص ومصر القمة لتقديم مبادرة تغير المناخ لشرق المتوسط والشرق الأوسط بقيادة نيقوسيا وفقط من خلال التعاون يمكن تنفيذ توصيات خطة العمل الإقليمية للمبادرة.
ومن أجل استكمال الصورة، يجب ذكر الدفاع من خلال المشاركة في التدريبات العسكرية المشتركة وتبادل الزيارات العسكرية رفيعة المستوى وتوقيع الاتفاقيات ذات الصلة وهناك إمكانات عالية للتعاون الاقتصادي على أساس مجموعة واسعة من الاحتمالات في التجارة والاستثمار وبشكل عام، في الإطار الأوسع لشرق المتوسط، فإن دور مصر له أهمية قصوى بسبب التحديات والتطورات الأخيرة في المنطقة فمن ناحية، لدينا مصر منخرطة بشكل كبير في تأمين السلام والأمن الإقليميين من خلال الحفاظ على مبادئ القانون الدولي، وأفضل الأمثلة هي اتفاقية التعاون الثلاثي بين قبرص واليونان ومصر والاتفاقيتين الأخريين الموقعة بين اليونان ومصر.
تركيا
تم التوقيع على المعاهدة الأولى، وهي المعاهدة البحرية التي تنشئ منطقة اقتصادية خالصة لحقوق التنقيب عن النفط والغاز في البحر الأبيض المتوسط، في القاهرة في 6 أغسطس 2020، ردًا على الاتفاق البحري الليبي التركي غير القانوني والثاني هو الأحدث ويتعلق بالبحث والإنقاذ كخطوة لزيادة التعاون الثنائي.
وأكد وزير الخارجية سامح شكري، في تصريحات حديثة أن الحوارات بين مصر وتركيا لتطبيع العلاقات بينهما قد توقفت، مع استمرار الممارسات التركية في ليبيا التي مزقتها الصراع.
وتهتم قبرص بشكل خاص بتركيا مع تطلعاتها العثمانية الجديدة، وتهديد اليونان، واحتلال قبرص، وضرب سوريا والعراق، واستغلال الاتفاق البحري الليبي غير القانوني مع ليبيا وتعزيز مصالح روسيا في المنطقة وهذا على الرغم من أن تركيا عضو في الناتو ولا تفرض عقوبات على روسيا وحلفائها، ومهما حدث، فإن العلاقات القبرصية المصرية في ازدهار وستستمر في التعزيز.
والآن بعد أن اتخذت تركيا خطوات استفزازية يومية ضد قبرص، أكثر من أي وقت مضى، تحتاج الجزيرة المقسمة إلى شركاء لديهم التزامات مبدئية.
وتعول على موقف القاهرة وسياساتها الرافضة للاحتلال والإصرار على الحلول السلمية التفاوضية والرفض الواضح لفرض الأمر الواقع الذي يتجاهل القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن هي السمات المميزة للشريك الذي يشارك قبرص رؤية حل قابل للتطبيق.
وبالنظر إلى ما سبق، يمكن الوصول بسهولة إلى نتيجة مفادها أن قبرص ستكسب الكثير من الاستثمار في شراكتها الاستراتيجية مع مصر ومن المؤكد أن مثل هذه الشراكة ستسهم في تحقيق الاستقرار في شرق البحر الأبيض المتوسط لصالح المنطقة وأوروبا والعالم.